الفصل الثاني عشر

7 1 0
                                    

-الجّونة.
-الساعة: الخامسة مساء.

بسطت قدميها وهيَ تجلس على الرمال الرطبة، وسروالها الواسع، قد بدأ ينحصر على مقدمة قدميها.

ونسائم الرياح المحملة بالدفيء، بعد حرارة، تخترق براحة كلّ خلايا جسدها، وتلاعب شعرها المموج بعدما جمعته في ربطة واحدة.

ذلك هوَ الوقت المُميز بالنسبة لها، في أي فصل، صيف، شتاء، خريف، ربيع.

يكفي أن تجلس مع تلك النسمات تراقب غروب الشمس، المُعلنة عن يوم قد انتهى، وهيَ تلقي نظرة سريعة على على هذه الأرض، لتظهر في منطقة أخرى تبشر بوجود يوم جديد.

استندت بذراعيها للخلف، وهيَ تغمض عينيّها باستمتاع. ولكن هذا لمْ يظل كثيرًا، حيث انتفضت على صوت أخر بجوارها:"هل جئت في وقت خاطيء؟"

شهقت فجأة مع صوته، وهيَ تضع يدها على فمها، فضحك الأخير باستمتاع، وهوَ يراقب مظهرها المفزوع.

فضربته في ذراعه بعينيّن غضوبتين:"قلت لك مئة مرة، تنحنح قبل أن تتكلم. وأجل جئت في وقت خاطيء!"

ظل يضحك دون تأثر، وهوَ يمسك قبضتيها اللتان استمرتا في ضربه، فقال بين هذا:"حسنًا، حسنًا. لقد اكتفيت."

سحبت منه كفيها، وهيَ تعقدهم، تشيح بوجهها عن نظره، فحوّل وجهها إليّه ثانية يهتف معتذرًا:"طيب. أنا آسف. لا تحزني بهذا الشكل، لقد كنت أمزح معكِ."

انكمشت تعابيرها أكثر وهيَ تهتف مِن بين أسنانها:"حسنًا، عندما أموت في واحدة مِن تلك المرات، تعال وقل كنتُ أمزح."

أردف بوجهٍ مقتضب:"لا تكبري المواضيع، لقد اعتذرت! طيب، أعدك أنني لن أكرر هذا أبدًا!"

ناظرته بتردد لثوانٍ ثُمَّ أردفت:"وعد؟"

قهقه على ذاك المشهد الطفولي بالدرجة الأولى، يردف:"وعد."

فرفعت رأسها بإيباءٍ، مترفعة عن القول:"يمكنك الجلوس الأن إذا أردت."

تقدم بقميصه الصيفي الخفيف، وسروال أبيض قصير نفس لونه. ثُمَّ افترش بنفس جلستها، قبل أن ينظر أمامه. يقول منبهر:"المشهد هنا بديع."

ابتسمت تؤكد هذا:"أجل."

فلمْ ينبس بشيء، والتفت حوله باهتمام قائلًا:"الأكثر جمالًا أن عدد الناس أصبح قلة قليلة هنا، وهذا رائع بالواقع."

نظرت حولها أيضًا، فتأكدت مِن كلامه، إنها لمْ تشعر أن المكان قد أصبح شبه فارغ حولها، على الأرجح أنهم يستعدون للحفل.

فهتف «هيثم» متسائلًا:"هل سوف تحضرين حفل الليلة؟"

نفت قائلة:"صه، لا أحب الحفلات كما تعلم."

أومأ متفهمًا، ثُمَّ لمْ يلبث يعرض عليّها:"إن كنتِ تظني أن عمي سوف يرفض، يمكنك أخذ واحد منا معكِ وسوف يوافق؟"

غيم هاديءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن