الفصل الثالث.

18 3 4
                                    

-المكان:القاهرة.
-التوقيت:العاشرة مساء.
-اليوم الخامس مِن شهر إبريل.

تجمّد الهاتف في يديها، وهيَ تقضم أظافرها بتوتر، متعجبة مِن تلك الجرأة التي جاءت لها. هل لها أن تسأله هكذا؟ بالطبع لا.

ارتعشت أناملها، شاعرة بتدفق الأدرنالين بقوة غير عادية، حتى حصلت على موافقته.

لمعت الرسالة البرّاقة في بؤبؤيها، بابتسامة تفرض نفسها على شفتيها دون إرادة منها. مع ضوء لامع مشتعل في عقلها بسؤال هام، ما الذي تفعله؟!

خرجت مِن المحادثة بسرعة، بدون أن تضيف شيء آخر، مكتفية بما قالته. ثُمَّ همت لتستعد للخروج برفقة أبيها.

تشعر بالفراشات محلّقة حولها مِن كلّ نهاية، وتدغدغ معدتها بلطفٍ، جعلتها تقهقه بهستيريا، جعلتها تضع يدها على فمها، كي لا يذهب صوتها لأحد.

وشعور بالحماسة يتدفق منها، جعلها تقفز في كلّ نهاية بمزاجٍ صافٍ لا يشوبه شائبة. اطبقت جفنيها بضغطة قوية، وصورته تقتحم مخليتها بِلا إنذار.

مثالي، تكد تقسم بهذا، لمْ ترَ منه شيئًا أزعجها منه مطلقًا. قسماته الهادئة، بل ويمكنها أن تقول وسامته الرائعة بشكلٍ مبالغ فيه. صوته الحنون في الرسائل الصوتيّة، ماذا سوف يكون إذًا في الواقع؟

ابتسامته الجميلة، اللمعان البارد في نظرات عينيّه، يعطيه جاذبية لا تُصدق. إنها جاهدت لتعرف سر تلك النظرة الساكنة الأقرب للبرود، ولكنها لمْ تجد منه إلّا إجابة متوارية.

ترجح هذا بسبب طريقة تعامله مع أهله، في البداية كانوا في مجرد علاقة شبه معقده، عن طريق حسابين وهميين، شخصان مجهولان لا يعرف أحدهم الأخر.

بدأ بعد ثلاث سنوات مِن انشائها لذلك الحساب، وتعرفها على العديد ممَّن لمْ ترَ وجوههم، ولا يعرفونها أيضًا.

علاقات ليس لها مسمى واضح، إلّا بصديقٍ إلكتروني لا تعرفه، تجيش له عمَّا يعتمل في صدرها بعد فترة مِن ذاك اللقاء المجهول.

إنه كلام فقط ليس إلّا، بالطبع يوجد نفوس سيئة تحمل الأمر على محمل نوايا سيئة، لكنها تبتعد ما أن تستشف ذلك.

لقد قابلت ألوان، وأنواع مختلفة مِن خلف الشاشة، رغم تلعثمها الواضح عندما تتكلم مع الناس، وعدم إيجادها الكلمات المناسبة للقول، إلّا أنها يمكنها أن تعترف أن ما اكتسبته هوَ كيفية كشف نوايا الأشخاص مِن الكلمات.

العبارات مهما كانت بريئة مِن بعض الأشخاص مدعي البراءة، إلّا أنها تحمل مغزى لا يجدي إلّا ضرب ذاك الشخص، والأسوء نظرات المتحدث، الذي ينضخ مِن تقسيمات وجهه البراءة.

أما عن شعورها لمقابلته، فذاك شعور لا تستطيع أن تمنعه، أو تمنع دقات قلبها التي تتعالى، ويمد فؤادها أن يقفز مِن جسدها منتفضًا.

غيم هاديءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن