الفصل السابع

10 1 0
                                    

-المكان:الإسكندرية.
-الساعة:الحادية عشرة صباحًا.
-اليوم:الثامن مِن إبريل.

بدأت درجات الحرارة في الميل بقوةٍ مِن النسيم البارد، إلى درجة أشدّ، وموقعه في الحرم الجامعي لا يسعفه في إدراك شيء، والشمس متعمدة صوب الجامعة.

رغم الهواء الموجود، إلّا أنه لمْ يزيده إلّا تبرمًا لسخونته، وأصدقاءه يحاولون صب تركيزهم في الأوراق الموجودة بين يديهم.

رفع «نوح» رأسه مِن بين الدائرة، يرى «علي» يجوب برأسه يمينًا ويسارًا بدون فائدة، فصاح بِهِ:"أنت يا بني، ما الذي تفعله باللَّه عليك؟ هل تريد أن أموت ناقص عُمر بسببك؟"

نظر إليّه «علي» مبهم الوجه، يتمتم ببعض الكلمات المعترضة مِن بين أسنانه، قبل أن يرفع صوته قليلًا يكلمه:"ماذا تريد مِنّي الأن؟ إنني لا اتحمل نفسي في هذه الساعة!"

رمقه مستهجنًا قبل أن يردف:"عذرًا لو سوف نقاطع سيادتك عن أعمالك الشاقة، ولكن أنت لديك اختبار بعد نصف ساعة وأنت لا تفقه في المادة إلا المقدمة، فمن فضلك تعال لتدرس قليلًا هذه الأسئلة."

شعر «علي» ببعض الحق في ثنايا كلامه، فتحرك يقدم قدم ويؤخر الأخرى، كمَّن يساق إلى التعذيب، وقال ممتعضًا:"انظر، أستاذ هذه المادة كان متوعد ليّ أنه سوف يجعلني ارسب في هذه المادة، إذًا أنا في كلتا الحالتين لن أنجح بها فلمَ أدرس؟"

تشنج وجه «نوح»، وهوَ يستمع لتبريره لعدة ثواني قبل أن يصرخ بِهِ:"هل أنت واعي لما تقول؟"

أمأ «علي» يناظره والدهشة تتقافز مِن مقلتيه لإنفعال صديقه الغير مبرر فأكمل الأخير يستجوبه:"ولماذا الأستاذ توعد لك بأنك لن تنجح في هذه المادة؟"

استاء «علي» وهوَ يغمغم ساخطًا:"لأن السيد لا يعجبه أنني لا أحضر، وأمرني أن أحضر محاضراته فرفضت عندًا بِهِ بعد أن هددني."

صرخ «نوح» في وجهه بعنف:"الرحمة يا رب. الرحمة."

نظر «علي» حوله بريبة، بعد إجتلاب صوته لأنظار بعض الطلبة، وتقدم أحدهم منه بابتسامة عريضة على شفتيه، وهوَ يغمغم مذهولًا:"علي الصاوي؟"

أمأ «علي» وعلى وجهه علامات عادية، و «نوح» واقفًا بينهم يرقب الحوار. أما الشاب تابع بصوتٍ يشوبه بعض الحماسة:"أنا مِن أكثر الناس المعجبة بكَ وبمحتواك على القناة."

سر «علي» بما قال، وقابله بإبتسامة رحبة:"حبيبي سلمت هذا مِن ذوقك."

ذُهل «نوح» مِن تحول دفة الحوار، وغمغم بين أسنانه مغتاظًا:"ذوقه المقرف!"

نظر له «علي» بنفس الإبتسامة، مع نظرة غامضة في عينيه:"أتقول شيء يا «نوح»؟"

أنكر وهوَ مغصوبًا على الابتسام:"أبدًا يا صديقي!"

غيم هاديءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن