العام ١٩٧٦ ..
عام الآن مر علي وفاة زوجتي .. عام مر دون إلقاء القبض علي قاتلها .. وما زلت أنتظر ..***
النيران ترتفع إلي عنان السماء .. أناس يجرون هنا وهناك مذعورين .. صوت عربة الإطفاء .. الليل .. القمر .. لو أن (جويا) مازال حياً لطار فرحاً بهذه الأجواء، ولرسم لوحته السوداء الخامسة عشر ..أحاول دخول المنزل فيمنعني أحد رجال الإطفاء ..
"زوجتي بالداخل !!" ..أقولها من بين دموعي وأنا أري المنزل يتحول لونه إلي الأسود ..
بعد نصف الساعة كنت أجلس أمام المنزل شاخص العينين .. أري زوجتي تخرج علي المحفة مغطاة بتلك الملاءة البيضاء .. لم ينجحوا في إنقاذها .. لقد التهمتها النيران ..
كالميت الحي أسير بإتجاه المنزل .. أدخل من الباب .. أصعد إلي غرفة النوم .. لا شئ .. لا شئ تماماً .. النار أجهزت علي كل شئ ..
هناك تلك الورقة هنالك بجانب الفراش المحترق .. ورقة سليمة تماماً لم تمسها النيران ..
"لا يمكنك الفوز بكل شئ"..أنظر حولي .. هناك من ترك هذه الورقة هنا بعد إطفاء الحريق .. قاتل زوجتي هنا !!
كالمسعور أجري في أنحاء المنزل .. لا أحد هنا .. أصل إلي الباب وأنظر حولي .. فقط بعض الجيران ينظرون لي نظرة مليئة بالشفقة..
أظن أني أعرف من فعلها ..
***
يجلس صديقي (حسين) أمامي في تلك الشقة التي استأجرتها .."ستنسي يا (محمود) .. يجب أن تستمر الحياة .. لقد عهدتك قوياً .. و يجب أن تبقي كذلك "..
"سأنسي .. لكن ليس بعد أن أنتقم "
"تنتقم ! تنتقم مِن مَن ! ذلك كانت مجرد حادث"..بإبتسامة تعيسة قلت :
"حادث ؟ حسناً"..أخرجت الورقة من جيبي ووضعتها أمامه علي المنضدة ..
"لا يمكنك الفوز بكل شئ ؟ ما معني ذلك ؟!"..
"لقد وجدتها في غرفة النوم بعد الحريق"..
"هل تعني ..."
"أعني أن هناك من أشعل النيران في المنزل وزوجتي بالداخل .. "
***
"هل تشك في أحدهم ؟"
لم أدرِ بماذا أرد .. ليس لدي أية دليل علي ما سأقوله .. لكن يجب أن أتحدث ..
"(شاكر العزيزي) .. هو من فعلها "..ساخطاً قلتها.. حاقداً قلتها ..
"لحظة .. هل تعني (شاكر العزيزي) رجل الأعمال ؟"..
"نعم"..
"لكن لماذا يقتل زوجتك"..
"يريد الإنتقام "..
"إنتقام ؟! هل يمكنك توضيح الأمر أكثر !؟" ..
***
"لكن هذا ليس مجالك يا (محمود) .. أنت بذلك تُعادي (شاكر) "..
قالها (حسين) مستنكراً..