الفصل الثاني عشر
------أشرعة القلوب لا تقودها أيدينا
بل تُجرفها رياح الأقدار كيفما شاءت
فلا تكن يا صغيري أحمقًا فقير الطموح
وأختر من ترتقي بك دون انبطاح
ربما ينقص قدرك وتخسر عالمك المخملي.
__________بطلت حجته التي كان يراها من خلالها تحت مظلة الصدفة فوق الدرج أو عند مدخل البناية، فقد تزوج شقيقه جسار وأصبح له مسكن أخر، كيف سيقابل فتاته وهو من كان يقتات على تلك اللحظات العابرة التي تجمعه بها، وابتسامتها الخجول خين تبصره تخبره أن هناك إشارة ما تجمع أرواحهما رغم "شُح" حديثهما سويا، يا حبذا لو ألقي تحيته فترد بمثلها وليس أكثر، وذاك ما يتعجبه رائف، لما جذبته "أريج" دون غيرها؟ لكن أحيانا لا جواب بين رغبات القلوب، هي وحده من تملك زمام أمره وأمرها، فكر كثيرا أن يحاول لقائها منفردا، لكن ضميره يحذره أن يخون ثقة أشرف لو فعل، فهو بمثابة شقيق أخر له، لا طريقة أخرى أمامه سوي ما اقتحم "ذهنه" الأن، نعم.. مادام يشعر أن قولبهما متصلة بحبل واحد، فليفعلها مثلما يفعل الرجال بتلك الظروف، ويعلم أن هناك حرب صغيرة سيقودها لإقناع والدته، هي للأسف تطمح لتزويجة إبنة خالته، وهذا لن يحدث.
__________تلون وجهها بأصباغ الغضب وهي تهتف باستنكار: أنت بتقول ايه يا رائف؟ عايز تتجوز من بنت لا هي،من مستواك ولا عيلتها ليها تاريخ عيلتك؟ أنت مش عارف انت عبن مين؟
ولأنه توقع تلك العاصفة من والدته تمتم لها رائف مستعطفا : ماما مش انتي بتحبيني؟
رمقته إلهام بحنق: متحاولش تأثر عليا، مش موافقة علي البنت اللي عايز تخطبها دي، مستحيل._ يا ماما معترضة ليه طيب؟ دي بنت محترمة جدا وجميلة واخوها صاحب اخويا جسار وانا عارفه كويس.
تفاقم استنكارها بصياح حاد: يعني اخوك ياخد بنت حسب ونسب وعيلة كبيرة تشرفه، وانت رايح تاخد بنت ناس فقرة؟ ليه يعني؟! محدش أحسن منك.
بذات الهدوء عادت يخبرها: يا أمي ده نصيب وانا عاجبني "أريج" ومرتاح ليها وحاسس انها نصي التاني، وفقرها ده مايفرقش معايا خالص المهم أخلاقها وانا ماشوفتش بنت زيها.
_ ليه يعني فيها ايه مميز؟ والبنات "الأخلاق" كتير بس انت اللي مش شايف وغمي عيونك.
أدرك مقصدها فقال: لو قصدك بنت خالتي فأنا معاكي انها ماتتعيبش ابدا، بس قلبي مش مايل ليها بحسها اختي، انما اريج شيء تاني..ثم لثم كفها برجاء: عشان خاطري بقى ياماما وافقي نخطبها لما يرجع اخويا جسار من شهر العسل._ سيبني مع ماما شوية يا رائف..
بصوت والده سمعها وهو يدلف إليهما لتوه، فقال لأبيه بتهذيب: حاضر يا بابا، .بس أرجوك حاول تقنع ماما بأريج، لو جنتم عايزين سعادتي بلاش تحرموني من رغبتي دي.أومأ له توفيق وعيناه مصوبة بجمود نحو زوجته: طب روح لجدك عشان كان عايزك وربنا يسهل.
......_ هو انتي لو معملتيش مشكلة ماترتاحيش يا إلهام؟
على عكس توقعها انه سيحاول استمالتها برفق، هاجمها بحدة لتشير لصدرها باستنكار مقهور: أنا يا توفيق؟
أقر بحدة: ومين غيرك؟ تقدري تقوليلي عيب البنت اللي ابنك عايزها ايه؟
صاحت ملوخة بحنق: والله كفاية فقر عيلتها.. اشمعنى جسار ياخد واحدة من عيلة كبيرة وابني ياخد بنت ناس فقرة ومعدومين.
رفع حاجبيه ساخرا: قولي كده بقى؟! يعني كل مشكلتك ان جسار مايبقاش افضل من ابنك صح؟ ياخسارة يا إلهام لسه زي ما انتي نظرتك للناس طبقية ومتعالية ومغرورة.
أنت تقرأ
رواية "صرخة على الطريق" كاملة
Romanceمسيرين أم مخيرين أحيان لا ندري وجهتنا. تقودنا رياح الأقدار حيث شاءت لنا السير. فنتكيء بكل قوانا على صولجان الإيمان والأمل. لعلهما يعصمانا معًا شر السقوط.