الفصل الثالث

746 38 16
                                    

الفصل الثالث
رواية طوق نجاتي
بقلم الكاتبة ابتسام محمود الصيري

شعرت تولاي أنها بعدت كثيرا عن مسكنها  نزلت من على الرصيف تعبر الطريق حتى ترجع من الناحية الثانيه، لكنها لم تاخذ بالها من العربة التي كانت تمشي في نفس الوقت، حاول السائق أن ينبها بآلات التنبيه وهو يفرمل، لكنها لم تسمعه بسبب السماعات الكبيرة الموضوعة فوق رأسها تغطي أذنها بالكامل، وعندما أقتربت منها السيارة التفتت "تولاي" بمقابلتها ووقعت على الأرض فقدة الوعي.
نزل "ريان" من العربة بعصبية مفرطة من هذه المجنونة التى اندفعت بهوجائية نحو سيارته وجدها متمدده على الأرض فاقدة الوعي رفع يده وقبضها بقوة يخرج موجة غضبة، وقف وضع يد على صدره والثانية سندها على يده الاولى ووضع كف يده على ذقنه يفكر كيف يتصرف في هذه المصيبة قائلا لنفسه:
- ما أنا لو رحت بيها المستشفى محدش هيصدق أنها اللي رمت نفسها قدامي، وأنا ولا لمستها، ده غير أمي اللي مش هترحمني، طب والعمل هعمل ايه في البل*وه دي.
وضع أصابعه الوسطى والسبابه على عينه اليمنه يغمضها والباقي أصابعه على خده ينظر بطرف عينه على الطريق ليتأكد أن الشارع خالي من الماره، ولم  يشاهد الواقعة أحد، وحين تأكد حملها بين يده على الفور كالعصفور الصغير مقارنة بجسده الرياضي العريض، وضعها داخل سيارته وأنطلق متوجه إلى شقتة الخاصة به، حين وصل صف العربة وحملها بعدما القى الصباح على الحارس وسند الفتاة على مكتب من الرخام وهو يضع يده بجيب بنطاله اخرج ورقة ماليه أعطاها للحارس وهو يقول:
- تقلت في الشرب شوية.
لا يستغرب الحارس ما رأه فهو معتاد على مجئ الفتيات مع "ريان" دائما، اخذ الورقة الماليه وهو يفتح له باب المصعد وابتسامته تصل لأذنه بسعادة:
- يسعد صباحك يا بشمهندس.... اتفضل اتفضل.

عض "ريان" شفته بغيظ وهو يحملها متوجه داخل المصعد قائلا لنفسه:
- صباح باين من أوله.
وصل المصعد الدور الذي يقطن به فتح الباب بجسدها بدون رحمه وحاول أن يفتح باب المنزل لكن كيف وهو يحملها أوقفها على الأرض وسندها على حائط ثم رفع قدمه سندها بها حتى لا تقع، وظل يبحث عن المفتاح بجيبه حتى وجده، فتح الباب ورجع حملها وضعها على فراشة، ثم مسك يدها يقيس النبض الذي لا يفقه فيه شيء، ترك يدها وأمسك يده هو يقيس نبضه لكن بدون فائدة، تأفف وقام وقف وهو يمسك رأسه من شدة الصداع، ثم جلس بجوارها مره ثانيه وافتح عينها بيده وقال بتلقائية:
- يخرب جمال عيونك، لا أجمدي كده وقومي عندي كلام كتير لازم اقوله...
ثم تركها وهو يرمق ذاته بصورتة المعاكسة بالمرآه ولعن نفسه:
- ايه اللي بت*نيل أقوله ده، أنا شكلي سكرت اووي.
وقف بأنفعال وأمسك رأسه بقوة يفكر ماذا عليه فعله الآن، ظل يلف بالغرفة كالساعة بشكل دائري منتظم، حتى أن تذكر "ماهر" زوج أخته، أتصل به وهو يخرج من الغرفة، إنتظر قليلا حتى إجابة بقول:
- اهلا بجلاب المصايب مش بدري اووي على مصايبك.
ضحك "ريان" ضحكة مأكده على وجود كارثة:
- لا بدري من عمرك قوم كده وفوقلي، الموضوع كبير اووي.
- ارمي عليا مصايبك عالصبح.
قال جملته وهو يستعد النهوض من على سريره، فأبلغة "ريان" بمسكنه:
- بص أنا واثق لو حلفتلك من هنا لقرن مش هتصدق.
- لا متقلقش هعمل نفسي مصدق قول.
تحمم "ريان" ينظف حلقه وقال بهدوء:
- أنا وراجع البيت واحده مجنونة عدت الطريق وفضلت اكلكس ليها والبعيدة ولا هي هنا...
قطعه سريعا بقلق بقوله:
- وخبطتها؟
- والله ولا لمستها فرملت قبل ما أوصل ليها، بس هي شكلها من البنات الطرية.
جلس ماهر حتى لا يفقد أعصابة وقال بحده حتى ينجز حديثه:
- امممم  وبعدين يعني حصل ايه؟
- هو انت ليه محسسني أني بحكي حكاية ل بنت اختى، ما تنجز تيجى تشوفها بنفسك.
ماهر ضم حاجبية على بعضهما وقال بأندهاش وصوت منخفض حتى لا تسمعه النائمه المتهورة:
- أشوف مين؟ هو أنا هتجوزها!!!
- يا بنى ادم، انت مش دكتور؟
زفر ماهر أنفاسه بعدما فهم مقصده، فتفوه بتوضيح له:
- دكتور صيدلي ها صيدلي مش زي ما انت متخيل خالص، وديها المستشفى.
- كنت ناقص سين وجيم وأنا سكران.
كانت اخر كلمة قالها جعلت بركان ماهر ينفجر:
- قولتي عايزني أصدق.
- اهو شوفت اذا كان انت مش مصدقني... الغريب هيصدقني؟
- اقفل يا ريان هغير واجيلك.
- حببييبي.

طوق نجاتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن