الفصل العاشر
جلس أسامة على الكرسي يضع وجهه بين كفيه ومازال صراخها يسمع في أذنيه، انصرفت نور وفي داخلها حزن عليه وعلى أمل وهي تتذكر صراخها، أما في الداخل اقتربت منه والدته تضع يدها على كتفه فنظر لها أسامة بابتسامة حزينة واردف قائلا:
_ ها يا أمي عايزاني أعمل أي
_ خليك جنبها يا أبني
أماء ونهض متجهًا إلى غرفته، يسير بصعوبة، جلس على الفراش بجوارها أمسك بيدها والتي كانت تضمها لصدها مع ركبتيها وهي تنام متكورة حول نفسها، هبطت دموعه وهو يرى تشنج وجهها بألم أثناء نومها، ليس من السهل أن ترى من تحبه يتألم ولا تستطيع فعل شيء له، لذا كان أسامة يشعر بسكين داخل قلبه، يتمنى لو كان عرفها قبل أن يحدث لها كل هذا، كان يتمنى فقط لو ينزع الألم عنها، أما أمل فكانت ترى نفسها تقف والظلام من حولها لا ترى شيء ولا يوجد صوت سوى صوت انفاس عالية، كانت تلتفت حولها تبحث عن صاحبها دون فائدة في هذا الظلام، حتى شعرت بأنفاسه على رقبتها وهمس بصوت تبغضه بشدة:
_ مستحيل كنت هسيبك تمشي
ثم لف ذراعه حولها بإحكام وهي تحاول الصراخ ولكن ذهب صوتها ومع خوفها، ظلت تتلوى بين يديه فاردف بشراسة:
_ من أمتى بتقاومي ديما مستسلمة
ثم أشار على مكان ما فسلط عليه الضوء واردف قائلا بسخرية:
_ ده اللي خلاكِ تفكري إنك هتفلتي مننا
نظرت لأسامة الملقى أرضًا أمامها ينزف بعنف ويديه وقدمه مقيدة فبدأت دموعها بالهطول وجدته يبتسم لها وهو ينظر لها نظرته المطمئنة فابتسمت أمل بألم وهي تشعر بجذب ذلك البغيض لخصلات شعرها، ضربته بقدمها بقوة فابتعد عنها ذهبت لأسامة سريعا ولكن قبل أن تصل إليه وجدت تلك الرصاصة تستقر داخل صدره، صرخت صرخة مدوية وهي تبكي بقوة....
استيقظت أمل من حلمها وهي تصرخ بعنف باسمه وهي تغمض عينيها وتحرك رأسها بالنفي، اقترب منها أسامة يمسك بكتفيها واردف قائلًا:
_ أمل.. أمل أهدي مفيش حاجه اهدي
ظل يحاول تهدئتها فضمها إليه وهو يستمع لاسمه من بين بكاءها حتى هدئت تماما وسكنت بين يديه وهمست بضعف وهي تغمض عينيها:
_ أأ.. أسامة
_ عيونه
_ هه.. هيقتلك
_ مين هو
لم تجيبه بل لفت يدها حول ظهره وهمست:
_ هه.. هو.. مم.. مش.. عع.. عاوز.. تت.. تبقى.. مم... معايا
وضع أسامة يده على شعرها واردف قائلًا:
_ محدش هيقدر يبعدني عنك
_مم.. متسبنيش
_ روحي فداكِ لو على روحي مش هسيبك
وسكنت وهي تضع رأسها على صدره وهو يسند رأسه على رأسها، حل السكون بالغرفة وكلاهما سكنت روحه قرب الآخر، هي والتي وجدت روحها مسكنها الهادئ بعد عذاب طال حتى ارهق قلبها، وهو أيضًا شعر بسكينة وأمان لم يشعر بهما منذ سنوات، كلاهما أصبح كالطير الذي وجد عشه بعد تحليق ارهقه، سكانا وأوى كلاهما لملجأه...
أنت تقرأ
ضحية مرض"مكتملة"
Romanceأُرهقت ونفذت روحها ممن هو من المفترض أن يكون عونها، فأصبحت ككقطٍ خائف يرتجف بين براثين الأسد، تترقب الأمان في صوتٍ يراودها في أحلامها وقد عجزت عن التميز بين الواقع والحُلم، فماذا عن نجاتها؟ ماذا عن تحريرها من سجنها الملعون؟ نعتت بالمريضة فماذا إن كا...