«رائحة الربيع»

27 3 1
                                    

"حسنا يا أبي لتكن حذرا،احبك"قالت آنا عبر ذاك الاختراع الذي لم تستطع التعود عليه الى الآن ،قالت للممرّضة بجانبها " حسنا ما كان اسم هذه الآلة اكان هافتا ام ..." قاطعتها الممرّضة " انه هاتف يا آنسة آنا هاهاها دائما تخطئين في تذكره لكن لا بئس فالنسيان نعمة احيانا هاها على الاقل هذا ما اعتقده" رمقتها آنا بنضرة سخرية "حسنا حسنا هذا يكفي،انت محضوضة فأنا في مزاج جيد بعد ان سمعت صوت ابي فلا شيئ بإمكانه ازعاجي الآن" اشرقت عيناها كزهرةٍ في حقل من حقول الريف في أوائل الرّبيع بعد ذكر والدها،حسنا لا شك في هذا ففي نضرها والدها هو كل ما تملك بعد وفاة والدتها عندما كانت في الثانية من عمرها فوالدها و رغم خدمته في الجيش البريطاني الّا انه فعل المستحيل لتربيتها و بعد دخولها المستشفى بسبب مرض في الرئة ،قام والدها بتوكيل هذه الممرضة "جوزيفين" لرعايتها .
كذلك للتكفل ببقائها في المشفى فلم يكن بالمبلغ الهين دفعه...كذلك شخصية والدها التي لا تنفك ان تكون كاملة في نضرها فهو شديد و ليّن في نفس الوقت و يراها كجوهرة ثمينة لا بد من حمايتها و رعايتها.

قاطعت تفكيرها "جوزيفين"قائلة : "آنستي...حان وقت جولتك في الحديقة دعيني اساعدك لإرتداء معطفك فالجوّ ممطر في الخارج" تنهدت آنا "حسنا،و لتكفّي عن مناداتي بآنستي" اجابتها الممرضة "حسنا،آنستي" تجاهلتها آنا و نهضت من فراشها و تقدمت نحو مرآة بطول جسمها عاكسة وجهها الشاحب و لكن رغم شحبه لا تزال عيناها العسليتان الكبيرتان كعيني غزال تشع كشمس في سماء الربيع
و شفتاها الورديتان كأزهار الخوخ،و حاجباها الرّاقدين فوق عينيها كطيور الصبح،مع أنفها الذي ورثته من والدها ،لم يكن لا كبيرا و لا صغيرا بل يمكن القول انّ هذا هو الانف المثاليّ...
حسنا بعد ان ارتدت معطفا من الصوف الاحمر خرجت الى حديقة المستشفى لإسنشاق هواء الصباح...
.....

"هاي رومان لا تفقد تركيزك فنحن على وشك القيام بأهم عملية هذا العام" قال "فيليب" زميل رومان في الفصيلة , "حسنا، بعد سماع صوت آنا شعرت بالقوة و في نفس الوقت بالرعب ،لا بد لي ان انجو هذه المرّة كذلك حتى اراها و احتضنها مرة اخرى" قال رومان بصوت فيه لمحة من الحنين.
اجابه فيليب" لا تقلق ،سنعود سالمين بالتأكيد بالإضافة الى هذا حتى لو متّ انت ،سأبقى انا و زوجتي مستعدين للرّعاية بآنا كإبنتنا تماما لذى فقط لا تقلق هيهي" تنهد رومان و ضحك "شكرا لك فيليب و لتشكر نورا كذلك نيابة عني فلا استطيع ان اردّ صنيعكما معي و مع آنا مهما قلت او فعلت"
ابتسم فيليب و قال "نحن إخوة فلا تعد هذا مرّة اخرى....."
دوى صوت انفجار عند مدخل الثّكنة العسكرية فهرع جندي الى رومان و فيليب صارخا "اسرعا،اسرعا نحن نتعرّض للهجوم....!!"
حمل فيليب و رومان سلاحيهما مع ارتداء خوذهما و اسرعا الى مكان الانفجار فتفاجئا بعدد من الاشخاص الذين لا يبدون من مضهرهم جنودا و لكن كانوا مدجّجين بالسلاح
اختبأ رومان خلف جدارا هناك في الساحة
و فيليب انبطح خلف صخرة مقابلا لرومان
و كانت المعركة قائمة بين جنود الثكنة و الاعداء بدأ رومان بإطلاق النار مطيحا بشخصين بطلقتين لا ثالث لهما
صرخ فيليب "حسنا لا تزال دقتّك في اطلاق النار مخيفة في رأيي"
اطلق فيليب حتى نفد رصاصه
فرمى له رومان ذخيرة اخرى و تقدما للأمام مع مواصلة اطلاق النار كانت الساحة دخانية و الجثث في كل مكان حيث رائحة الدم اختلطت برائحة البارود و الرصاص
حجب الرؤية دخان كثيف حتى انّ رومان و فيليب تفرقا و اصبح الجوُّ صامتا بشكل مرعب
مع مواصلة التقدم رأى رومان ضهر فيليب فجرى نحوه
"فيليب فيليب " و مع لمسه له سقط على وجهه
كان عنقه منخورا بالرصاص و دموعه مازالت تُذرف
صاح رومان "لا فيليب لااا انهض ارجوك انهض نورا تنتضرك لا تتركها انهض" فجأة تواصل اطلاق النار خلف الدخان و جاء جنود الثكنة الى موقع رومان فساعده احدهم على النهوض و ايقضه من غفلته
صرخ الجندي "يا سيدي ،لقد مات القائد فيليب الآن لا شيئ لنا لفعله لا بد لنا الآن من الدفاع عن الباقي"
نهض رومان مع نضرة باردة على وجهه جرى مباشرة نحو العدو و هو يصرخ في داخله"انا آسف آنا و لكن عليّ قتل هؤلاء الحثالة"

قفز مباشرة نحو العدوّ مع اعتماده على عنصر المفاجئة و دقته في اطلاق النار قتل ثلاثة اعداء ب طلقة لكل واحد منهم رغم هذا اصيب في كتفه و لكن هذا لم يوقفه بل زاده غضبا
قفز الى الذي اطلق النار عليه و أخرج سكينه و ذبحه
ثم تدحرج و استمر في الركض و هو يقتل كل من يراه
على الرغم من حمل الأعداء للسلاح الا ان قوة السلاح تكمن في من يحمله فلم يكن يبدو ان هؤلاء الاشخاص خضعو للتدريب اللازم في استخدام السلاح
في هذه اللحظة كان رومان خارج الثكنة متكئا على شجرة و الدم من كتفه قد وصل الى حذائه
و مع استمرار النزيف شلّت ذراعه فلم تبقى له سوى يد واحدة و كانت ذخيرته قد انتهت و لكن في اللحظة المناسبة وصل الجنود من الثكنة و اطاحوا بباقي الاعداء

ساعد جنديان رومان على الوقوف ،عند هذا ادخل رومان يده في جيبه و اخرج قطعة قماش حمراء كانت وشاحا لإبنته يحملها دائما معه،وضعها عند انفه و استنشق رائحتها و همس بصوت خافة "هاا رائحة الربيع" و بعد أن اعطو ضهورهم للغابة خارج الثكنة
سمع صوت رصاصة اخترقت جمجمة الجندي على يمين رومان في لحظة سمع صوت اخرى و هذه المرّة كانت في جمجمته هو
سقط رومان و خده على التراب
و شريط حياته يمر امام عينيه اراد الصراخ بكل قوته ولكن لم يستطع كان في عقله فقط "آنا ،فيليب..."
غمر الدم فمه و انفه حتى توقفت حواسه واحدة واحدة
صرخ الجندي المتبقي و هو منبطح على الارض و هو يطلق النار بجنون في اتجاه الغابة "آاااه القائد،القائد رومان ماات...النجدة هناك قناص فوق الاشجار آااااه" كان الجنود في الناحية الأخرى منهمكين في إنقاذ الجرحى و سجن الأسرى حتى سمعوا صراخ الجندي و صوت الرصاص من ناحية الغابة فهرع مجموعة منهم بأسلحتهم نحو مصدر الصوت
بعد وصولهم اليه انقسموا الى مجموعتين الاولى حملت رومان و الجندي الميت الى الثكنة و الاخرى دخلت الغابة لتمشيطها بعد نصف ساعة من البحث وجدو قناصا على بعد مئة متر فوق شجرة وسط الغابة و لكن يبدو انه قتل على يد من لا احد يدري الى الآن.....



..........

في المستشفى سقطت آنا خارج الحديقة مصابة بنوبة تنفسية و راح صدرها ينتفخ و يرتخي بجنون مع صعوبة في التنفس
هرعت اليها "جوزيفين" و ثلاث ممرضين كانوا مارّين بالحديقة و اخذوها بسرعة الى غرفتها
مع اعطائها حقنة ساعدتها على الهدوء......

جندي في درع سامورايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن