أسمي مصطفي ، أتذكر جيداً كيف صرخت في وجه زوجتي بسبب شيء تافه ثم أغلقت الباب بعنف لأذهب إلي عملي ، لو كنت علمت ما أعلمه الأن لما أردت ذلك أن يكون أخر شيء أتذكره و أنا معها.
عندما ركبت سيارتي سمعت ذلك في الراديو ، كان المذيعون يتحدثون عن ظاهرة عنف تجتاح البلاد ، أناس طبيعيون ثم فجأة يضربون بعضهم البعض ؛ فتسائلت إذا كان ذلك ما حدث لي صباح اليوم.
لكني لم أفكر في ذلك طويلاً و أغلقت الراديو ذاهباً إلي عملي ، ثم جلست في مكتبي الذي يوجد في الطابق الثاني بعد أن ألقيت التحية علي ولاء ، فبدأت بالعمل فوراً لكن عقلي لم يتوقف عن التفكير في شجاري مع زوجتي و تسائلت هل كان ذلك ضرورياً؟
يجب أن أفكر بطريقة ما لأعتذر لها ، أتمني ألا أكون قد جرحتها بشدة ، فسمعت صوت صراخ إمرأة قادم من الشارع فإتجهت أنا و زملائي بالعمل لنري ماذا يحدث خلال النافذة فرأينا رجل ينهمر بالضرب علي جسد إمرأة كبيرة بالسن ؛ فشعر مَن حولي بشعور مقزز و قام البعض بإخراج هواتفهم للإتصال بالشرطة و خرج البعض الآخر لينقذ المرأة من ذلك الرجل.
أما أنا فبقيت أشاهد العنف المقزز خلال النافذة فرأيت كيف خرج عليه زميلي بالعمل ليسحب الرجل عنها فإنهال عليه الرجل بالضرب كالمجنون تاركاً المرأة العجوز تتألم علي الأرض و بعد قليل من الوقت تركه الرجل ثم نهضت المرأة و زميلي عن الأرض و إتجه ثلاثتهم ناحية البنك الذي أعمل به.
فلم يمض قليل من الوقت حتي سمعنا صراخاً قادماً من أسفلنا فإتجهت مع زملائي لنري ما يحدث ؛ فوجدنا الرجل بجوار زميلي الذي خرج له و هما ينهالان بالضرب علي الناس و المرأة العجوز كانت تعض رجل مُلقي علي الأرض ؛ فنهض ذلك الرجل و إنهال هو أيضاً بالضرب علي فتاة كانت أمامه.
و إنتشرت الفوضي داخل البنك و أنا ظللت واقفاً مكاني أشعر بالخوف من كثرة الدماء الذي أراه بكل شيء و كل مكان ، ثم نظرت إلي ولاء الفتاة المعروفة بهدوئها و طيبتها وهي تنهال بالضرب علي شقيقتها و هي علي الأرض تصرخ و تبكي.
فتوقفت شقيقتها عن البكاء و نهضت عيناها حمراء دموية كأن عروقها إنفجرت بشدة ، ونظرت إليّ يسيل اللعاب مخلوطاً بالدماء ثم صرخت عليّ كالمجنونة و ركضت ناحيتي تتعثر مش شدة جريها ؛ فركضت منها خلال الفوضي و هي تطاردني بشراهة ثم خرجت و أغلقت الباب الزجاجي ورائي ذاهباً إلي سيارتي فتوقفت لألقي نظرة عليها فوجدتها تنطح الباب الزجاجي برأسها فإنكسر و إنفعت خلاله و ورائها عدد كبير مسعورين مثلها فقدت سيارتي بعيداً و نظرت إليهم خلال المرآة الأمامية و هم يحاولون القفز ليمسكوا بالسيارة.
و قدت بسرعة خلال الفوضي التي كانت بالشارع من ضرب و إطلاق نيران و حرائق ، و قلبي يريد القفز من صدري مش شدة الخوف الذي كنت أشعر به ، و كل ما كنت أفكر به هو العودة سريعاً إلي منزلي لأطمئن علي زوجتي هل هي بخير؟
و فجأة صدمتني سيارة فسكعت صوت رنين بأذني و شعرت بضعف في جسدي ثم رأيت رجلاً يخرج من السيارة التي صدمتني و هو يركض ناحيتي بسرعة ففقدت وعيي.
غرقت أذني أسفل أصوات مكتومة لطلقات نيران و صوت محرك سيارة ثم فتحت عيناي قليلاً لأري رجلاً أمامي يدق بالمطرقة علي النافذة ثم فتحت عيناي تماماً لأري نفس الرجل يجلس أمامي مصوباً ناحيتي ببندقيته ، رجل يبدو أنه في الأربعين من عمره أو ربما أكبر سناً من ذلك ؛ فحاولت النهوض لأجد جسدي كله مقيداً لأريكة فقال لي الرجل:
''أنا أسف بشأن هذا لم أكن أدري إذا كنت ستتغير أم لا''.
''من أنت و لما أنا مقيد هنا؟؟''.
''لقد إصطدمت بك أثناء قيادتي لسيارتي و لم أرد أن أتركك مجروحاً هكذا بالعراء خاصة بعد أن فقدت وعيك ، أسمي حاتم ، ما هو أسمك؟''.
''مصطفي! الأن فك قيودي!!''.
''ليس بتلك السرعة يا مصطفي ، أولاً فلتخبرني ، هل تشعر بشيء غريب؟ أي شعور قد يكون غير مألوف لك؟''.
''ماذا؟ أشعر فقط بعدم الراحة كما أن ساقي تؤلمني''.
''فقط ذلك؟ ماذا عن أي شعور للعنف؟ أتريد أن تقتلني؟ أي ألم بمعدتك؟ أتريد أن تتقيأ؟''.
''لا! ذلك مقزز جداً! ما كل تلك الأسئلة الغريبة؟''.
وضع حاتم بندقيته جانباً ثم نهض ممسكاً سكينه فقطع بها قيودي ، فحاولت أن أقف لكني وجدت صعوبة في ذلك بسبب الألم في ساقي اليمني فقال لي حاتم:
''عليك أن ترتاح لبعض من الوقت لأن ساقك مكسورة ، إجلس قليلاً بينما أذهب أحضر لك بعض الأدوات الطبية كي أعالجها لك''.
''أنظر شكراً علي إنقاذك أياي بنفسك لكن أليس من الأفضل أن أذهب إلي المستشفي؟''.
فضحك قائلاً:
''لا أعتقد أن تلك فكرة جيدة ، هل تدري ماذا يحدث الأن بالخارج؟ لابد أنك رأيت حالات العنف المنتشرة و سمعت صوت طلقات النار ، لقد جُنّ الناس أخيراً''.
''لكن ماذا عن زوجتي؟؟ أريد أن أذهب للمنزل لأطمإن عليها!''.
أخرجتُ هاتفي من جيبي لأتصل بها فوجدته مُحطماً ؛ فأعطاني حاتم هاتفه لأستخدمه فكتبت رقمها و أتصلت بها فظللت أسمع صوت الرنين لكنا لم تجب فإزدت قلقاً.
لا تنسي تعمل فوت و فولو إذا عجبتك القصة ، و اكتب كومنت تقول رأيك فيها.
أنت تقرأ
إنفصال بين فاسد
Short Storyرجل و زوجته يتشاجران في صباح يومهما فيغادر الرجل تاركاً زوجته إلي العمل فيتفاجئ بإندلاع مرض يجعل الناس حوله أشد عنفاً ، و الأن يحاول العودة إلي زوجته لكن ذلك لن يكون سهلاً ، لا يتصل من إنفصل بسهولة و أحياناً لا يتصل أبداً... القصة خمس بارت.