شعرت بالندم عندما رأيت الدم يسيل من رقبة والدي ، ذلك كان بسببي لولا أني لم أقفز من السيارة!
بعد أن قاد أبي السيارة لفترة طويلة إشتد الألم في رقبته فطلبت والدتي منه أن يوقف السيارة لتداويه فقالت لي:
''يا علياء لا نستطيع أن نتوقف هنا لذا فلتقودي أنت السيارة بينما أغلق جرح الرقبة''.
خرج أبي ليجلس بالمقعد الخلفي و جلست مكانه لأقود متجه إلي بيته في القرية و أثناء ذلك أتفادي الشوارع المزدحمة و أُبعِد عن أصوات طلقات النيران التي إنتشرت من الشرطة التي أصبحت تطلق النار علي الناس.
ظللت أقود حتي خرجت من المدينة تماماً و بَعد عنا أصوات الفوضي و إقترب صوت هدوء الطريق ، توقفت في منتصف الطريق لأتفقد حال أبي و أعتذر له ، لكني وجدته يخبرني:
''لا تقلقي حبيبتي أسامحك...أنظري جيداً إلي رقبتي ، لقد توقف النزيف تماماً''.
إعتذرت له مجدداً مقَبلة يده ثم عدت مجدداً أقود السيارة.
وصلنا بالقرية قبل غروب الشمس بساعتين ، و كانت القرية هادئة لا تصدر صوتاً سوي الريح ، فتسائلت والدتي:
''أين ذهب الجميع؟''.
ثم إتجهنا إلي منزل والدي و أوقفت السيارة ثم دخلت منزلي القديم و في لمحة سريعة شعرت بالسعادة عندما تذكرت طفولتي في هذه القرية ، لكني نظرت خارج المنزل و لم أجد أحداً ، أين الجميع؟
الشوارع لم تُصدر أي صوت سوي صوت العصافير التي تقف علي سطوح البيوت ، بيوت كانت أبوابها تُركت مفتوحة بداخلها ما يبدوا كأنها دماء و تسائلت هل تفشي المرض هنا؟ ، و صوت هدوء القرية يحادثني محاولاً أن يحذرني من شيء ما.
غربت الشمس و أغلقت نوافذ المنزل و الباب ثم ذهبت لأقوم بتشغيل الضوء لكنها لم تعمل ؛ فحاول أبي أن يشغل المروحة لكنها لم تعمل أيضاً حينها أدركنا أنه لا توجد كهرباء بالقرية فسرعان ما أخرج أبي مصابيح زيتية قديمة كان يمتلكها ثم ذهبنا جميعاً للنوم.
و عندما غطي القرية ظلام الليل تحركت الغيوم في السماء لتُظهر ضوء القمر و أستيقظ في منتصف الليل علي صوت أبي يصرخ من الألم في رقبته و أمي بجانبه تداوي رقبته بالماء البارد ، عندما رآني والدي توقف عن الصراخ ثم قال لي محاولاً أن يُخفي ألمه:
''علياء حبيبتي لا تقلقي لقد نمت علي رقبتي بطريقة خاطئة فجعلتني أتألم قليلاً ، لا تقلقي إذهبي إلي النوم''.
لكني لاحظت أن رقبته ملتهبة فإزدت قلقاً عليه و ظللت جالسة بجواره حتي سمعنا صوتاً قادم من الخارج ؛ فذهبت لألقي نظرة من خلال فتحة صغيرة من النافذة فلم أري شيئاً سوي الظلام حتي إقترب من النافذة وجه رجل مغطي بالدماء و ظل ينظر إلي بعينه البارزتان ؛ فشعرت قلبي يقع داخل صدري فتحطم الباب فجأة و دخل خلاله بضعة رجال مغطين بالدماء ظننتهم للوهلة الأولي مصابين بالمرض حتي لاحظت المسدسات في أيديهم.
نظر إليّ أحدهم ثم قال بإبتسامة مريبة ملأت فمه ذو الندبة الكبيرة:
''انظروا هناك إنها إمرأة! تعالي هنا يا فاتنة! تعالي! تعالي! ما هذا الجمال تعالي الأن!!''.
ركضت ناحية أبي فشعرت بذلك الرجل يركض ورائي حتي وجدت نفسي ملقاة علي الأرض و يستلقي فوقي الرجل يمسك بشعر رأسي ، أستطيع أن أشتم رائحته القذرة ، أستطيع أن أسمع أبي ينادي بأسمي يحاول أن يقف ممسكاً بعصاته المعدنية لكنه لا يقدر ثم قال أحد الرجال و هو يرفع مسدسه علي أبي:
''يبدوا أننا نسينا هذا المنزل لقد أخبرتك أني سمعت شيئاً ما ، لا تقلق أيها العجوز سنأخذ كل ما لديكم هنا...بما في ذلك إبنتك''.
لا أدري ماذا نفعل لا أستطيع التحرك و ذلك الرجل يثبتني علي الأرض ثم صرخ أبي مجدداً من رقبته صرخ بقوة قائلاً لهم بصوت به حزن و عجز:
''إبنتي أرجوك أترك إبنتي!! أرجوك!''.
فضحك الرجال و علا صوت صراخ أبي ممزوجاً بالبكاء ، فسرعان ما توقف بكائه و ظل يصرخ ، لكن شيئاً ما أصبح مختلفاً في صوته...لقد أصبح صوته به غضب...غضب شديد بعين حمراء.
لا تنسي تعمل فوت و فولو إذا عجبتك القصة ، و اكتب كومنت تقول رأيك فيها.
أنت تقرأ
إنفصال بين فاسد
Short Storyرجل و زوجته يتشاجران في صباح يومهما فيغادر الرجل تاركاً زوجته إلي العمل فيتفاجئ بإندلاع مرض يجعل الناس حوله أشد عنفاً ، و الأن يحاول العودة إلي زوجته لكن ذلك لن يكون سهلاً ، لا يتصل من إنفصل بسهولة و أحياناً لا يتصل أبداً... القصة خمس بارت.