كان هناك إمام مسجد يقوم بالصلاة بالناس في يوم الجمعة، ثم يخرج مع ابنه بعد كل صلاة، ويقوم بتوزيع كُتب دينية على الناس، تدعوهم لعبادة الله الواحد الأحد، واستشعار قربه، وقد التزم هذا الإمام بتلك العادة مع الابن الذي لم يبلغ من العمر بعد إحدى عشرة عاماً، وفي ليلة، اشتد المطر، وبدأت الثلوج تتساقط من السماء، وكان الجو بارداً للغاية، فنظر الأب من النافذة وقال لابنه (الجو بارد اليوم، لذلك لن نخرج ولن نقوم بتوزيع الكتب على الناس في هذا الأسبوع)، ولكن رفض الابن، وقاله لأبيه (يا أبي، مهما اشتدت برودة الجو، لكننا يجب أن نخرج لنقدم تلك الكتب الدينية إلى الناس)، شعر الأب بالتعب والإرهاق وقال لابنه (إذا أخرج وحدك، وقم بتوزيع الكتب بنفسك، أما أنا سأستلقي اليوم في المنزل لأحصل على بعض الدفء والراحة).وبالفعل ارتدى الابن الكثير من الثياب الثقيلة لتحميه من برودة الجو، وبدأ يمر بالشوارع ويقوم بتوزيع الكتب على الناس، وفي نهاية اليوم تبقى في حقيبته كتاب واحد فقط، ولكنه لم يرى أي شخص في الشارع، فكان خالياً من المارة، ظل الفتى يمر بالشوارع كثيراً، حتى شاهد منزلاً أمامه، فقرر أن يدق باب هذا المنزل ويعطي الكتاب لصاحبه.
ذهب الفتى ودق الباب، ولكن لم يفتح أحد، فانتظر دقيقة ثم دق مرة أخرى، وفي تلك المرة قامت امرأة بفتح الباب له، وكانت تبكي، فقام الولد بالابتسام في وجهها وقال ( مساء الخير يا سيدتي، لقد جئت لأقدم لكِ هذا الكتاب، وأقول لكِ أن الله معنا في كل وقت وحين، ومُطلع على ما في قلوبنا)، فأعطاها الفتى الكتاب ثم رحل.
وفي الجمعة التالية وبعدما أنهى الإمام الصلاة، تقدمت امرأة بين الناس وهي تبكي وتقول أنها ترغب في أن تقص عليهم حكياتها، وقالت في يوم الجمعة الماضية، لم أكن معتنقة لدين الإسلام، وكنت أعاني من اليأس وفقدان الأمل، وقررت الانتحار وأن أنهي حياتي، فصدعت إلى الطابق الأعلى، وعلقت الحبل في السقف، ووضعت الكرسي تحته، وقررت أن أقوم بشنق نفسي لأنتحر.
في تلك اللحظة دق الباب، ولكنني قررت ألا أرد على أحد، ولكن دق الباب مرة أخرى، وكأن هناك شخص يصمم على مقابلتي، فنزلت من على الكرسي، وقمت بفتح الباب، لأرى هذا الفتى الصغير الذي يجلس في الصف الأول، يمد يده إلي ويعطيني هذا الكتاب الصغير، فأخذت الكتاب منه ودخلت إلى منزلي، ثم بدأت في القراءة، وعلمت أن الله قد أرسل هذا الفتى إلي حتى يُخرجني من الظلام واليأس، إلى نور الإيمان والأمل، فحينها أعلنت أنني أؤمن بالله وبأقداره، فنزل الشيخ من المنبر، واحتضن ابنه وهو يبكي فخراً منه.
الحكمة المستفادة من القصة
قد تكون هناك بعض الأعمال البسيطة في نظرك، والتي ترى أنها لا تحدث فرقاً كبيراً بين الناس، ولكن هذا غير صحيح، فمهما كانت الأعمال الصالحة وأعمال الخير بسيطة، فقد تكون سبب النجاة لشخص أخر.

أنت تقرأ
التفاؤل والأمل
Narrativa generaleما زلت ألمح في رماد العمر شيئا من أمل ، فغدا ستنبت في جبين الأفق نجمات جديدة ، وغدا ستورق في ليالي الحزن أيام سعيدة