المكان الثاني: بيت العائلة.

72 14 2
                                    

الشطر الاول { التعنيف الأسري }

⊱⋅ ────── ❴ • ✿ • ❵ ────── ⊰

لقد كنت من أوائل البنايات في هذه المدينة حيث أقامت بي العديد من العائلات ، ولقد كان لكل عائلة أسلوب في العيش، إلا أنهم إشتركوا في أمر واحد وهو الاضطارابات الاسرية.
أتذكر أن أول عائلة إشترتني ؛كانت مكونة من اربعة أفراد : أب يعمل في منجم لإستخراج الفحم ،و أم تعاني من مشاكل صحية جعلتها غير قادرة على الإهتمام بطفليها، الأكبر بعمر 12 إسمه إياد ،و الأصغر لا يتجاوز بالكاد عمر 8 إسمه سمير.
لقد عاشت هذه الاسرة تحت إضطراب الاوضاع المادية؛ حيث لم يتمكن الاب من توفير المال اللازم لتوفير احتياجات العائلة نضرا لقلة دخله ، وهذا الاخير تسبب في العديد من السلبيات حيث أن الاب دخل في حالة من الغضب الدائم ،مما جعله يعنف اولاده ،ويتفوه بكلام جارح لزوجته ،وكأنه يحملها السبب ،حيث كان يردد لها نفس الجملة يوميا.
" لو لم اتزوج ضعيفة مثلكي ،لما كنت بحاجة لشراء هذه الادوية الغالية كل يوم ".
لكن الام كانت تلزم الصمت بتعابير تدل على الندم والحزن الشديد ، هذا الجو المتوتر أثر على نفسية الولدان بشكل كبير ،حيث لم ينجو الابن إياد من تعنيف أبيه، فلقد كان هذا الابن هو أكثر من عانى من هذه الاضطرابات، فالضغط المتولد عند الاب كان يتم تفريغه عليه سواءا بشتم أو الضرب نظرا لكونه الابن الاكبر حيث كان يتم تكليفه بمسؤوليات أكبر من سنه بكثير، وهذا ما جعله ينعزل بمفرده في غرفته خوفا من التعرض لعقوبات أكثر ، لكن برغم من هذا لم يخبر أحدا من اصدقائه بما كان يجري معه، بل كانت الابتسامة لا تفارق وجهه ،حيث كان يردد هذه الجملة : " لايجب لشخص أن يعرف ما تمر به عائلتنا ،لا اريد أن ينظر الناس إلي بشفقة ". وطريقته الوحيدة في التخفيف عن نفسه كانت بلكلام مع نفسه في غرفته، لكن تماسك إياد لم يدم طويلا،حيث أنه مع مرور الوقت، بدأ يشعر بالتوتر والقلق، ويعاني من إضطرابات في النوم والمزاج.
تأثرت درجاته الدراسية وسلوكه الاجتماعي بشدة، حيث كان يعاني من صعوبة في التفاعل مع الأشخاص الآخرين ، بمختصر القول لقد فقد الثقة في الذات .

⊱⋅ ────── ❴ • ✿ • ❵ ────── ⊰

الضغوطات الناتجة من مشاكل الاسرة إنصبت عليه مما جعلته يدخل في حالة نفسية صعبة،لكن الحظ وقف ضده مرة اخرى، ففي هذه الفترة مر أتعس وأصعب يوم على هذه العائلة ، حيث في صبيحة أحد الايام دخل الاب للبيت مسرعا ،وآثار الصدمة واضحة على وجهه حيث تبين أنه تلقا إتصالا من اياد، والذي اخبره بأنه قد وجد أمه ساقطة على الارض.
إستدعى الاب أحد الاطباء ليفحص زوجته ،لكن عندما وصلوا كان الاوان قد فات ،فلقد تبين أن الام رحلت إثر صدمة قوية على مستوى الرأس، مما جعل الجميع يدخل في صدمة و حيرة .
تكلم الابن الاصغر سمير ،والدموع تغطي وجهه،" لقد تعثرت أمي ،و سقطت عندما أرادت أن تجلب الصندوق في أعلى الرف ، حيث انها أخبرتني أنها تريد عمل مفاجئة لأبي".
صدم الاب من كلام إبنه وذهب لتأكد، وبعدما عثر على الصندوق ،و فتحه وجد هدية صغيرة بجانبها ورقة كتب عليها عيد ميلاد سعيد يا زوجي ،نعم لقد تبين أن الام كانت تحاول إعطاء هدية لزوجها لتسعده في عيد ميلاده.
فقد الاب الاحساس بأطرافه ،وسقط على الارض منهارا والصدمة تنخر اعماقه.
عم الحزن واشتد بكاء الولدان،وبعد دقائق صرخ إياد بصوت عالي، والدموع تغطي وجهه ،"هل إرتحت الآن !! ، لقد رحلت أمنا بسبب أنها أرادت إسعاد رجل جعلها تبكي في كل يوم ، هل أنت سعيد الآن!! ياليتك لم تكن ابي".
أغمي على الاب من شدة الصدمة، وتم نقله إلى المستشفى ،وأخذ الإبنان لبيت جدهما حتى يتعافى والدهما .
بعد أسبوعين من الحادثة عاد الابنان للعيش مع والدهما، لكن كل ماكان يوجد في داخل غرفي هو الصمت ،حيث أنهم كانوا لا زالو متأثرين بصدمة خاصة الاب ، فقد كان كل ليلة يكرر نفس الكلام :"ملذي كنت أفكر فيه لقد عاملتها كلعبد ،وجعلت حياتها كغراب اسود ،وفي الاخير ماتت وهي تريد إسعادي لماذا لم أمت أنا إبني ،كان على حق يا ليتني لم أوجد، ولم أكن أبا في هذه العائلة ،فكل ما قدمته لهم هو الحزن .

قصص مستقرات .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن