المكان الثالث : الغابة.

35 11 0
                                    

غابة الأرز .

20/01/2023.

قبل أربعين سنة من اليوم كانت هناك أرض خصبة متواجدة على قمة أحد الجبال على علوي 50m من سطح البحر ، قام أحد المزارعين القرويين ،بزرع شجرية أرز في هذه الأرض ، لتكون أول شجرة أرز في هذه المنطقة ، نعم هكذا بدأت قصة هذه الغابة ، التي تعطي الأكسجين و الحطب و تحمي من الإنجرافات ، كان الناس يأتون إلي من أجل الإسترخاء و الإنتعاش، أما الآن فأنا أقرب إلى الخراب من غابة لقد تم إفسادي من قبل الجميع إلا القليل الذي سعى لترميمي و إعادة إحيائي .
في السنوات الأولى كانت شجرية الأرز تلقى إهتمام من قبل سكان قرية، الذين كانوا يسكنون بالقرب من قمة الجبل، حيث كانوا يقومون بالريها بشكل منتظم من الآبار المحفورة .
سكان تلك القرية كانوا أشخاص أُميّين ،ومع ذالك عرفوا قيمة الشجرة ، كبر أطفال تلك القرية و إلتحقو بالمدارس، مع بعد المسافة لكنهم كانوا يذهبون لطلب العلم ، وكانت شجيرات الأرز أشبه بموفق ليرتاحو من المشي ، ومع السنوات كبرت الشجيرات، و أصبحت أشجار كبيرة و كثيفة و شكلت غابة أو كما سمونها غابة الأرز ، كان الأطفال قد أنهوا دراستهم الأساسية ،و رحلو من القرية ليدرسو في الجامعات ،كان آبائهم يأملون أن ينقذ أبنائهم هذه القرية من المجاعة و الفقر و الأمراض ،فإختص أبنائهم في طب و الهندسة و الفقه ،ماعدى شاب واحد إختص في علم الغابات ،كان الحفيد الأصغر لرجل الذي زرع أول شجرية أرز ، كان إسمه إهاب ،كان شاب حيوي يحب الطبيعة و كل مافيها من نباتات و حيوانات و حتى حشرات ، كان معروف بحبه لهذه الغابة ،لذالك قرر أن يهب نفسه لها، وذالك بتخصصه في علم سيسمح له بالإعتناء بها بطرق علمية حديثة .
كان أهل القرية يستهزئون به يوميا ، ويقولون له :"أنت بلا فائدة ،لذالك إخترت علم مثلك لا أهمية منه ."، كانوا يعتبرون أن طب و الهندسة هم من يحق لهم أن يسمو علما، أما البقية فمخلفات لطلاب ، أي عندما لا يكون معدل الطالب يسمح له بدخول أحد تخصصات يتم حشره في تخصص لا فائدة منه ، لكن هم مجرد جهلة ،ولا يعرفون أن جميع التخصصات مهمة ،و أن جميع علوم مفيدة فلافرق ،
فالطبيب يعالج الناس، لكن حتى الطبيب يحتاج الفلاح ليزرع و يحصد له أكله .

        《◇:----------------------------------:◇》

في يوم من الأيام بدأ القرويون بنزوح نحو المدن، بسبب وظائف أبنائهم وذالك لأن توظيف لم يشمل القرية المنسية في آعلى الجبل ، هاجر الكثيرون منهم وبقي القليل، و لكن سرعان ما عاد النازحون، بسبب عدم قدرتهم على إحتمال عيش في المدينة فلا هوائها ولا ناسها ناسبوهم، فعادوا مسرعين، إلا أن جزء من جبل قد إنهار أثناء غيابهم و تسبب في تحطيم عدة منازل، و قلص حجم القرية فأطر القرويون إلى البحث عن مكان آخر ،و بدل الهجرة لمنطقة أبعد ، إختارو قطع أشجاري و حرقي، لقد قررو التوسع على حسابي أنا... أنا التي قدمة لهم كل هذه الخيرات و وفرة لهم هذا الهواء والحطب لتدفئة...أحرقوني من أجل بناء منازلهم، ومع ذالك لم يتوقفو عند هذا ،بل توقفوا عن الاعتناء بي ، بحجة أن الإعتناء بي يستنزف المياه و الموارد الأخرى ، وأن من الأفضل إبقائها لأنفسهم ،سوى إهاب الذي كان يسقيني و يبيد تلك الحشرات التي تمرضنني .
في يوم جاء إهاب مسرعا إلى أهل قريته حاملا معه خبرا أسعده ...هو على الأقل ،طلب من جميع أهل القرية الإجتماع ليخبرهم بهذا النبأ ، إستغرقوا بعض الوقت ثم قالو له:"أخبرنا ما سبب جمعك لنا هنا ، ألا تعرف أننا نمتلك أمور أهم من تفاهاتك، إذا جمعتنا لتخبرنا أن أحد الحشرات قد تسببت في قتل أحد أشجار ،فلا داعي نحن لا نهتم ."
إهاب:" لا ليس هذا سبب جمعي لكم ،الحقيقة كنت قد عرضت في أثناء محاضرة تخرجي مشكلة الغابات الغير محمية، أي التي لا تملك لا حماية ولا تنظيم ضد أي خطر، و إستغرقوا مدة من أجل قبولهم طلبي، و غدا ستأتي مهندسون و خبراء لتنظيم هذه الغابة، سوف يعطونها حقها و تصبح محمية من خطر الحرائق والتلوث ."
وفي أثناء حديث إهاب ، جاء السيد مسعود ، هذا الرجل المتعصب لأفكاره ، و يعده الجميع قائدهم ، فهو من كان يستهزء بإهاب دوما ، لإن أبنته كانت طبية بارعة ، كان يفتخر بها كونها أول طبيبة في القرية ، وهو أيضا من منع الإعتناء بالغابة ، بقول أدق هو مشرع الأحكام في هذه القرية.
مسعود بنبرة غضب :"حقا؟!! ، كيف تتجرأ و تدخل غرباء علينا ،أتريد أن تنفع القرية أو الغابة؟، هل هذه الغابة أهم لك من سكانها؟ أنظر نمتلك مهندسين، و ظفهم هم، ليس من ستحظرهم."
إهاب:" لكن ليسو مهندسين عاديين، هؤلاء مهندسوا غابات وليسوا مهندسي كهرباء أو معمار ."
مسعود :"سأقول لك آخر كلمة ، ممنوع دخول الغرباء إلى قريتنا !!! ،أهذا مفهوم !!،فخيراتنا تبقى لنا ولا تذهب لغيرنا أتفهم."

قصص مستقرات .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن