الحلقة الخامسة

26 4 6
                                    

أغلقت جولنار النافذة وأتجهت إلى باب غرفتها طرقت على الباب بلا جدوى جلست على الأرض و ندهت إلى فاطمة لم تنصت لها ، جلست تبكى وشعرت جولنار لأول مرة في حياتها بهزيمة وإنكسار.
قامت من مكانها ووقفت فى إنتظار الخدم من أجل الروتين يومي ، و أدركت للتو أنها وحيده بلا خدم بلا حشم ، ساعدت نفسها بنفسها ، أرتدت ملابس النوم و أغلقت ستائر النوافذ و حددت من ضوء الشموع و دخلت فى مرحلة النوم.
*****.
إتجهت الخادمة بالقهوة إلى مكتب صدقى باشا وإستوقفتها السيدة أميمه وقالت:
- دعيني أنا اُدخلها له.
أمسكت القهوة و طرقت الباب و سمح لها بالدخول ، وضعت القهوة أمامه على المكتب و جلست ثم قالت:
- ألم يكن عقاب جولنار وخيم؟
إنتبه لحديثها و قال:
= على العكس بل هذا كان يجب عليها من قديم الأزل.
قامت وجلست تحت قدميه و نظرت إلى الأسفل وقالت:
- زوجى أنت تعلم أن جولنار تدير الجمعية الخيرية.
= و لكن الخطأ دائمًا له عقاب أليس كذلك؟
- استسمحك بتخفيف العقاب يازوجى.
نظر لها ثم نظر إلى أعلى وقال:
= حسنًا دعيني أفكر .
*****.
الجمعة 2 أيلول عام 1520م
بعد صلاة الجمعة مر حارس الزنزانة عليهم و سمح لهم بالتجول فى حديقة المكان الذي يلتف حولها الأشجار شائكة حتى لا يتجرأ أحد على الهروب.
فى الركن البعيد تجلس جميلة مع بلقيس يتسامران و جميلة تتأمل فى ملكوت الله مع حديث بلقيس.
إلتقطت عينيها ذلك الشاب أيضًا وقالت لبلقيس:
- من هذا الشاب؟
= أتقصدين محمد ذلك الوسيم.
وضعت بلقيس يدها الإثنين على خدها وإبتسمت ، فهمت جميلة غرامها بهذا الشاب الوسيم.
****.
إستفتحت جولنار عينيها و بدأت فى إستعادة وعيها قالت فاطمة فى إنحناء:
- صباح الخير ياسيدتى.
إستغربت جولنار من وجود الخدم حولها مرة اخرى
- سيدتى حان وقت نهوضك.
بدأ روتين استيقاظها مع الخدم حتى إرتدت فستانها الأسود الساحر وأنهت الخادمة من تسريحة شعرها ، إنحنوا لها الخدم و عزموا الذهاب ، نزلت جولنار ورأهم و تقدمت إلى غرفة الطعام و جلست بجانب خديجة لا تفعل شئ سوى الطعام.
تحدثت والدتها وقالت:
- جولنار أشكري والدكِ على إنهاء عقابك.
نظرت جولنار فى الصحن الذى أمامها وقالت:
= أشكركَ ياوالدى.
قال صدقى باشا فى إبتسامة :
- لا شكر على واجب ياإبنتى.
= جولنار اليوم موعد ذهابك إلى الجمعية الخيرية هل تتذكرين؟ قالت والدتها
- نعم والدتى أتذكر هذا.
= حسنا العربة ستكون فى انتظارك فى تمام الخامسة ، سيذهب معكِ مصطفى الأغا العثمانى.
- ولكن والدتى هذا عثمانى.
قاطع والدها حديثها وقال بصوت عالى:
= جولنار لا فرق بين عثمانى و بين مصرى كلنا أخوه.
- كلنا أخوه فى أرض مغتصبة.
قاطعتها خديجة:
= المرة الماضية لم تكن تكفي معكِ؟
- و ما دخلك أنتِ أيتها الحمقاء.
= أنا الكبرى وأري انكِ لا تحترميني.
- أنا أكرهك وأكرهكم جميعًا.
تركتهم جولنار وذهبت إلى غرفتها واستلقت بجسدها على السرير حتى الساعة 5.
*****.
يوم مثل شهر و الشهر مثل سنة داخل زنزانة و هذا هو شعور جميلة لا تعرف كم من الوقت مضي داخل هذا السجن اللعين ، كل يوم فتاة تذهب لتخدم فى منازل الثرية أو تذهب إلى قصر ملكى و كل يوم فتاة جديده تأتى.
من الممكن أن تكون مثلها مثل بلقيس أسيرة بسبب إقتحام العثمانيون بلادهم و ترحيلهم مثلهم مثل السلع التى تُرحل فى السفن.
*.
دقت صوت الساعه تمام الخامسة ، كانت جولنار بالفعل فى حديقة القصر تصعد إلى العربة و استقبلها مصطفى الأغا ، منعت الحديث معه حتى وصلت إلى الجمعية الخيرية نزلت جولنار و توجهت إلى سيدة الجمعية التى رحبت بها ترحيب حار قائلة:
- أسعدنا الحظ اليوم بوجودك جولنار هانم.
فى إبتسامة قالت:
= نحن محظوظين بكِ سيدة جوليا.
قامت السيدة جوليا من مكانها وأتجهت إلى جولنار وقالت:
= هل لنا بجولة فى الجمعية.
- بالطبع.
مع تجولهم فى الجمعية الخيرية قالت السيدة جوليا:
= نحن هنا نهتم بالفتيات و الفتيان بأحسن حال و يتم تدريبهم على خدمة النبلاء و الملوك و يتم تجهزيهم فى حالة طلبهم ، .
مر حارس الزنزانة على الزنزانات ليقوم الفتيات و الفتيان لينحنوا لسيدة جولنار.
............. المشهد كالتالي...............
أبواب الزنزانات مفتوحة و الفتيان والفتيات ينظرون إلى أسفل عندما تبدأ جولنار بالتقدم ينحنوا أمامها إجبارًا من حارس الزنزانة.
لمحتها جميلة وهى تتقدم فى شموخ وكبرياء بفستانها البنى الذى يليق بلون شعرها ، لا تنظر إليهم نظراتها كلها إلى الأمام مرفوعه الرأس.
مرت جولنار بجميع الزنزانات و ذهبت إلى الحديقة ووقفت مع سيدة الجمعية و اخرجت من جيب فستانها كيس به دنانير و قدمته لها شكرتها وذهبت جولنار إلى العربة وتركت السيد مصطفى داخل الجمعية و إنطلقت إلى القصر.
****.
طرقت الباب خمس طرقات لتسمح جولنار لها بالدخول ، دخلت فاطمة قائلة:
- اليوم هو يوم موعدكِ فى المنظومة ياسيدتى.
= نعم أعلم و لكن هل كل شيء جاهز.
- نعم بالطبع و أيضًا سأقول لسيدة الخدم أنكِ اليوم مرهقة.
= حسنًا بعد منتصف الليل.
*****.
منتصف ليل السبت 3 أيلول عام 1520م
طرقت فاطمة الباب خمس طرقات فتحت لها جولنار و هى ترتدى فوق فستانها عباءة تخفى ملامحها ، أخذت فاطمة الشمعة و نزلا من على السلم ببطء شديد الحرص و الحذر.
تتلفت جولنار كل دقيقة حولها خوفًا من رؤية أحد ، أخذت الباب الخلفي فى تخفى ، خطوة بخطوة إلى حارسها الذى قادها إلى العربة التى تبعد من القصر بحوالى 10 أمتار بعيد عن الأعين ، تلتفت جولنار إلى اليمن واليسار والخلف و تسرع فى خطواتها إلى العربة.
وصلت إلى المنظومة و طرقت الباب
- من؟
= ج
فتح لها الباب لتنزع العباءة عن ملامحها و تستقبلها المنظومة.

في تمام الثامنةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن