صباح يوم الثلاثاء يوم الجريمة.
إنقلب القصر رأسًا على عقِب من تحضيرات الخدم وزينة القصر تمهيدًا لإستقبال الضيوف بما يليق بهم ، إستيقظت جميلة على خبطة العصا المعتادة لتتجه إلى خديجة لتسئلها هل ناقص شئ؟.
جولنار تتحرك داخل غرفتها فى توتر بجانبها فاطمة حتى قالت لها:
- لمّْ يخاطبكِ غسان بعد؟
= لا ياسيدتى أخر جواب فيه اعتذاره.
نترك مشهد جولنار مع توترها لنذهب إلى صالة القصر والذي ينقسم إلى خادمات يقومون بتنظيف وأخريات يقومن بوضع الورد والزينة والآخرين يجهزون الحلويات والمشروبات.يجلس صدقي باشا فى مكتبهُ يدون الكلمات ويرتب الجمل التى سيلقِاها فى ختام الحفل ، يمسك السيجار فى يده اليمني وريشة الحبر بيده اليسرى ويطلق الدخان فى عنان السماء.
جميعهم مشغولون فى تجهيز وتحضر الحفل سواء أهل القصر أو خدم القصر.
****.
بدأ الضيوف يترددون فى القصر فى تمام السادسة ويستقبلهم صدقي باشا ثانياً من باب القصر بعد إستقبال خديجة وحفصة لهم من باب الحديقة.
كل دقيقة بل كل ثانية تذهب جولنار إلى نافذة غرفتها تتمني لو تلمح ظِل غسان.
بدأت جميلة فى تقديم المشروبات مثلها مثل باقي الخدم ، اليوم إنشغال خديجة عنها كبير ، تُقدم للضيوف وعينيها تبحث عن جولنار أو شخص مجهول الملامح أو ملامحه غير معتاد عليها في القصر ، تذهب عينيها من الوقت للآخر إلى باب القصر على أمل أن تجد ذلك الشخص أولًا قبل ذهابه إلى جولنار وتُوقف جريمة القتل.
نزلت جولنار وبدأت فى إستقبال الضيوف حتى قدمها والدها إلى التاجر العثماني آيار ، ثم تجولت بين المدعوين تنظر في وجوههم على أمل أن تلتقي بغسان بينهم ، يترقبها من بعيد آيار العثماني الذي ينظر لها كصفقه رابحة ، حاول أن يتتبع خطواتها أو يتعثر بها ولكن خطوات جولنار أكبر.
*****.
دخل إلي صالة القصر واتجه إلى المطبخ وقام بارتداء زي الخدم واخذ صحن الحلويات وتوجه إلى صالة القصر وبدأ فى توزيع الحلويات على المدعوين وهو يراقب خطوات جولنار من بعيد ، كان يتجول بين المدعوين ليصل خطواته إلي جولنار وبالفعل وصل لها وهي واقفه تبحث عن شيء لتتعثر أقدامه بها ثم قام وأعتذر تاركًا لها ورقه أخذتها ثم توجهت إلى سلم القصر ذاهبه إلي غرفتها.
إختفت جولنار فجأة من نظر جميلة تركت صحن التقديم من يدها مسرعة إليها فى توتر وصوت دقات قلبها تعلو أمسكت مقبض الباب وإنفتح الباب لتجد جولنار غارقه فى دمائِها وبعض الدماء يخرج من فمها وعينيها بدأت فى الإنغلاق.
جَرت جميلة إلى ذلك الشاب محاولة أن تنزع السكينه من يده ولكنها فشلت ، رجع الشاب إلي الوراء حتي إصطدام بظهره على النافذة ليفتحها ويهرب منها ، دخلت فاطمة في ذلك الوقت لترى جثة جولنار التى فارقت الحياة أطلقت صراخها وأنهارت أمامها ووضعت رأس جولنار بين ذراعيها ، أمسكتها جميلة قائله:
- لا وقت لذلك.
ازاحت فاطمة يدها وأخذت تجرى كالمجنونه إلي صالة القصر وقالت باعلي صوت:
- ج ج جولنار هانم قُتلت.
ثم اُغشى عليها ، سمعت جميلة هجوم الضيوف إلى الغرفة قامت وفتحت باب الخزينة واختبأت بها ، بصيص من الرؤية تري منها جميلة التفافهم حول الجثة وإنهيار والدتها وجلوس والدها بجانبها في صمت تام ، تذكرت جميلة وجه الشاب المألوف عليها أغلقت عينيها بقوه حاولت أن تتذكره حتى ظهر مشهد بلقيس وهي تقول لها " أتقصدين مُحمد ذلك الوسيم ".
*****.
صباح الأربعاء 7 أيلول عام 1520م
يجتمعون الجميع حول قبر جولنار أهلها كان والخدم والبعض من عامه الناس فهي كانت محبوبة من الجميع ، تجلس والدتها على الأرض واضعة يدها على القبر وتزرف دموعها في صمت ، والدها واقف يستند على أحد الرجال ، خديجة بفستان أسود اللون تمسك يد حفصة بقوة ، فاطمة وصوت بكاءَها كان أعلى من صوت الشيخ فى تلاوته للقرآن.
تقف جميلة مع خدم خديجة تراقب المشهد وعقلها يبدأ فى تجهيز خطه حتى ترقد هذه الروح فى سلام ، أدركت للتو أن جميلة لم تأتي إلى هذا الوقت والعصر من فراغ بل مهمتها الآن بدأت.
****.
مساء الأربعاء
عم السكون والهدوء فى القصر وكأن من يسكنه الأشباح ، الأم أغلقت علي نفسها بلا حديث وبلا طعام ، الأب فى مكتبه يدخن سجائره يُنَفَّس عن غضبه ، خديجة برغم قسوتها مع أختها الصغرى إلا أن قلبها ينفطر عليها.
توجهت جميلة إلى غرفة جولنار وجدت فاطمة بجانب أثر الدماء تبكي وضعت يدها على شعرها لتطيب بخاطرها قامت فاطمة مسرعة قائلة:
- سيدتي هذه انتِ؟
حتى وجدت جميلة وإنهارت مرة أخرى في البكاء حاولت جميلة تهدأتها ثم قالت فى حده:
= ألا تردين أن تعرفِ من فعل هذا بها؟
قالت فاطمة فى نحيب:
- ن نعم أريد.
= حسنا ضعي يدك في يدى ، لا أعرف من أين أبدأ أو كيف ولكنِ أعلم أنكِ مصدر خزائن جولنار فلابد أن يبدأ الطريق معك.
*****.
فجر الخميس بعد هدوء وسكون القصر تسحبت جميلة إلى غرفه جولنار وبيدها مذكرات جولنار وفاطمة فى إنتظارها ، أغلقت فاطمة ستائر النوافذ والشرفة حتى لا يخرج ضوء الشموع إلى الخارج ، جلست جميلة على مكتب جولنار بجوارها فاطمة ، أخرجت ورقة وأمسكت بريشة الحبر وملأتها وبدأت تكتب [غسان-فاطمه-خديجة-ابنتها]
ثم نظرت إلى فاطمة قائلة:
- أقرأى.
قالت فاطمة فى ارتباك:
= لا لا أعرف القراءة والكتابة .
- امممم حسنًا دعيني أقول لكِ شئ.
وقصت عليها كل معرفتها عن جولنار عن طريق مذكراتها والتي لم تنفي فاطمة أى شىء منها.
بدأت جميلة فى وضع خطة مع فاطمة وأول شئ أنها تحتاج إلى شخص بجانب فاطمة تستطيع أن تثق فيه أيضًا ، أخذت تفكر لوهلة ثم أخرجت ورقة أخرى وأمسكت الريشة وبدأت تقلد جولنار فى طريقة رسم الحروف وطوت الورقة وأعطيتها لفاطمة ومهَّدَت لها ماذا ستفعل بها.
*****.
الأرض الخصبة أصبحت من اليوم بور بعد فقدانهم فرد من أفراد الأسرة ، توقف الزمن بهم وفقدوا ضحكاتهم ، تمر الأيام عليهم ، تضغط علي جرحِهم الذي لم يلتئم بعد ليبدأ في زرف الدماء من جديد ، كل واحد فيهم فى همومه وحزنه وأصبح القصر يعيش به جثث تتحرك بلا روح.
****.
ذهبت فاطمة إلي الجمعية الخيرية التي تمتلكها أسره صدقي باشا وتوجهت إلى السيدة جوليا وأعطتها الورقة فتحتها وقرأت ما بداخلها ثم قالت:
- سمعت أنها توفت.
= هي كذلك ، لكن هذا آخر قرار أقرتهُ ويجب أن أنفذ الأوامر.
- هل تعلمين كم من الدنانير أريد مقابل هذا.
أظهرت فاطمة يدها من تحت العباءة بها كسين من الدنانير وقالت:
= أهذا يكفي؟
- بل يكفي ، يمكنك الآن أن تستقبلى الخادمة قبيل المغرب.
إستقلت فاطمة العربة متجه إلى القصر وأخذت تبحث عن جميلة حتى وجدتها تخرج من غرفه خديجة أمسكتها من ذراعها وقالت لها فى همس:
- قبيل المغرب.
****.
نزلت من العربة متجهة إلي القصر لتستقبلها فاطمة فى طريقها ومسكت يدها وسحبتها داخل القصر لتنبهر هي بجمال وروعة نقوشه الفاخرة ، وضعت قدمها على أول سلمه ثم الثانية بالتصوير البطيء حتي وصلت إلى غرفة جولنار فتحت فاطمة الباب لتستقبلهن جميلة وقالت هي:
- جميلة!
إبتسمت لها جميلة وقالت:
= بلقيس.
أنت تقرأ
في تمام الثامنة
Kısa Hikayeجلس يمسح يده من الدماء ، اخذ السكين الملقى على الأرض بحذر ليمسح من عليها آثار الدماء تاركًا الجثة تغرق فى دماؤها. تركها لينزل إلى صالة القصر وأخذ يتجول بين المدعوين وكأنه واحد منهم ، ينظر شمال و يمينًا حتى ترك القصر. تعالت أصوات الراقصات والموسيقي...