تُشبِهُ السماءُ | 3

73 7 1
                                    

-

-ألثُلاثاء، اليومُ الثالِث، نَجمُ النَهرْ.

"إني مُتئذٍ يا كاتشانْ، متىٰ عِلمُ الخَلاص؟"
سألني واضعاً كفهُ علىٰ رأسهُ بيأسٍ وعيناهُ الضائِعتانِ تجوبُ المِنضدة بِذُعرٍ.

أفترضتُ أن أحداً يؤذيه ولا يُريد البَوح لي فدنوتُ لهُ محاولاً التخفيف بِكلماتي "ديكو، أياً كانَ مَن يؤذيكَ يُمكنكَ حزمُ أمتِعتُكَ ومغادرتُهُ!" عليهِ الهُروب من هذا الواقِع المُقفر فلعلهُ يَحيا مِن جديد في واقعٍ آخر.

نظرَ لي بِرجفةٍ خفيفة في عينيه مُتمتماً بأستنكار عاقِداً حاجبيه "المغُادرة؟" هَزَزت رأسيَّ بالأيجاب.

نظرَ لِعيناي لِوهلةٍ قبلَ أن يَهمِس "ما الفائِدة؟" أردفَ بعدَ مُدة "أشعُر كما لَو أنَ الطَريق مُلغمٌ لا فائِدة مِن عبورُهُ، فالأرضُ ذاتها وإن إرتجفت تحتَ أقدامي ها هُنا، ما الذي يُثبتها في مكانٍ آخر؟" ماذا؟

"لا مَنفًا لي ولا مُستقر؛ كَما لَو أن وحشاً يَحبِسُني بِقفصٍ" أبتسمَتُ بِخفة علىٰ تَشبيه الأطفال هذا.

جلستُ بأعتدالٍ وَصمتٍ، أنهُ يُعاني ذِهنيًا وهذا مؤلِم؛ حتىٰ لو كانت مُعاناتهُ فلسفية ومُعقدة كاللعنات الدِراسية ولا أفهمها البَتة!

ضللتُ اتأملهُ لفترةٍ مُلاحِظاً عِظامُ وجنتاهُ التي برزت بِخفة وخضارُ حدقتاهُ الباهِتان.

قضبتُ حاجِبايَّ بِشدة "عَليك أن تأكُل يا ديكو!"

"لا أريد أن أأكُل" أجابَ بإنزٍعاجٍ ثُم أستطرد "أُريد أن أختفي"

هذا دراميٌّ جدًا وقد طفحَ كيلي!

نفرتُ صارِخًا بوجهه بقوة "ما لعنتُكَ ترفُض كُل شيء!" أرتجفَ فزَعاً من عُلو صوتي، لِحُسن الحَظ أن المَقهىٰ شُبهُ خالٍ.

أستوعبتُ بعد مُدة أني صَرختُ عليه حينما لاحظَتُ أصابِعهُ الرَفيعة تَرتَجِف، فندبتُ فِعلي وأشحتُ بِوجهي سريعًا.
سمِعتُ شهقةً بعدَ ثوانٍ فأللتفتُ بِسرعة لهُ، فرأيتهُ يُخبئ وجههُ بِكفيه وينتحب، وسعتُ عينَيَّ مَصدوماً.

صارَ دِيكو لا يُريد أن يأكُل وهو يُفضِلُ الإختفاء، وديكو يبكي ويُعاني من القَلق.

أصبحَت كُل كِلمة تُقال تطعنهُ في ظَهرهُ كالفأس، كُل كفٍ حنونة تُمسد عليه أصبحَت تؤلِمُه، مُضطرِبٌ مِثلُ طوفٍ يُبحِر في نهرٍ هائِج ورُبما البحرُ في فيهِ!

-

مَرحبًا :)

المُكتئِبون يُصبِحون حساسونَ جداً.

والآن، شُكرًا.

-

عندلةُ الغُصونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن