نكرة

63 10 66
                                        


ها أنا ذي أمشي على غير هدى في هذا الطريق الموحش ، لا أدري من أنا ؟!و لا من أين أتيت؟!و لا إلى أين سأذهب الآن ؟!

لا أعرف من أكون؟! و لا أين يتوجب علي أن أكون؟! هذه الأسئلة التي لن أجد لها جوابا مهما حاولت.

إنها تعصف بي و تستنزفني إلى أن تنهيني، لكن ما باليد حيلة، فقد تغلغل العجز في أوصالي و هو يأبى الرحيل.

تابعت سيري و أنا أجر قدماي جرا لا يرافقني إلا ضوء القمر مؤنسا لوحدتي.

تتملكني رغبة ملحة في الموت ، أجل لا تستغربوا هذا فأنا حقا أريد أن أموت.
فأن تعيش منبوذا، أو حتى أن تطرد من بيت عائلتك ،أهون من أن تجهل كل شيء عن ذاتك .
باستثناء أنك تعلم أنك نكرة، لا شيء.

هما كلمتان صغيرتان لكنهما في الحقيقة خنجران يخترقان جدران الامبالاة التي أحطت بها قلبي لأتناسى مأساتي و التي قررت أن أنهيها الآن .

هممت بعبور الشارع موقنة أنه يعرف الكثير عن الكثيرين عداي أنا طبعا فكيف له أن يعرف شخصا مجهولا حتى من قِبَل نفسه .

بينما أنا مُنهمكة في الغرّق في دوامة أفكاري انتشلني صوت زامور سيارة و أعادني للرصيف "تبا لك ألا ترين أمامك" هذا ما أعتقد أن صاحب تلك القطعة المعدنية الصدئة قد قاله سحقا له ليته دهسني و أراحني.

ما هذا يا إلهي إن أمنيتي تتحقق شكرا لك يا رب لكن مهلا لحظة ما هذه الرائحة؟!! أيا يكن،من يبالي بها فأنا راحلة الآن و وجهتي الاعودة.

بدأتُ أرحِّب بالظّلامِ و لعّله يكون أبديًا، و راحت  الأَصوات تَخْفُت من حولي بعد أن كانت كذلك منذ البداية أما الآن فهي تَنْكتِم لكنني لا أُبالي بها طَالما أني أَغوص في سِردابٍ طويل يُجبرك على الاِستسلام و الخُضوع، مع ذلك أنا مُستمتعة و سعيدة أصلا لأنها النهاية.

تركت دفة القيادة و سلمت نفسي حتى صرت لا أعي واقعي فقد غرقت حقا في أعماق الظلمة الأبدية.

««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««««

بين جُدْرَانِ بَيتي الرَّمادية ذات السقف الأبيض و في أَحْضَانِ سريريَ الدافىِء أشعر بالسّكينة و الراحة.

سموه بأي مسمى شئتم كسل خمول فهذا ما أنا عليه فبعد صخب يوم طويل في العمل في المستشفى و تلك الكمية المهولة من الدماء التي صارت جزءً لا يتجزء من حياتي اليومية كطبيب جراح ليس هنالك أجمل من نوم عميق يصفي عقلي و روحي من وعثاء يوم شاق.

(تخيلوا معي اعزائي القراء أنها ذات سقف أبيض)

(تخيلوا معي اعزائي القراء أنها ذات سقف أبيض)

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
من أنا ؟؛حيث تعيش القصص. اكتشف الآن