كاللعنة حلت على حياتي فاتحة كل أبواب الجحيم على مصرعيها، و بإمكاني القول أيضا أنها هبوب عاصفة ثلجية لا تبقي ولا تذر . لكن في أعماقي صوت ينادي قائلا ما مصير اللعنة إلا الإنكسار و مامصير العاصفة إلا الإنحصار.
ها أنا ذي أمشي على غير هدى في هذا الطريق الموحش ، لا أدري من أنا ؟!و لا من أين أتيت؟!و لا إلى أين سأذهب الآن ؟!
لا أعرف من أكون؟! و لا أين يتوجب علي أن أكون؟! هذه الأسئلة التي لن أجد لها جوابا مهما حاولت.
إنها تعصف بي و تستنزفني إلى أن تنهيني، لكن ما باليد حيلة، فقد تغلغل العجز في أوصالي و هو يأبى الرحيل.
تابعت سيري و أنا أجر قدماي جرا لا يرافقني إلا ضوء القمر مؤنسا لوحدتي.
تتملكني رغبة ملحة في الموت ، أجل لا تستغربوا هذا فأنا حقا أريد أن أموت. فأن تعيش منبوذا، أو حتى أن تطرد من بيت عائلتك ،أهون من أن تجهل كل شيء عن ذاتك . باستثناءأنك تعلم أنكنكرة، لا شيء.
هما كلمتان صغيرتان لكنهما في الحقيقة خنجران يخترقان جدران الامبالاة التي أحطت بها قلبي لأتناسى مأساتي و التي قررت أن أنهيها الآن .
هممت بعبور الشارع موقنة أنه يعرف الكثير عن الكثيرين عداي أنا طبعا فكيف له أن يعرف شخصا مجهولا حتى من قِبَل نفسه .
بينما أنا مُنهمكة في الغرّق في دوامة أفكاري انتشلني صوت زامور سيارة و أعادني للرصيف "تبا لك ألا ترين أمامك" هذا ما أعتقد أن صاحب تلك القطعة المعدنية الصدئة قد قاله سحقا له ليته دهسني و أراحني.
ما هذا يا إلهي إن أمنيتي تتحقق شكرا لك يا رب لكن مهلا لحظة ما هذه الرائحة؟!! أيا يكن،من يبالي بها فأنا راحلة الآن و وجهتي الاعودة.
بدأتُ أرحِّب بالظّلامِ و لعّله يكون أبديًا، و راحت الأَصوات تَخْفُت من حولي بعد أن كانت كذلك منذ البداية أما الآن فهي تَنْكتِم لكنني لا أُبالي بها طَالما أني أَغوص في سِردابٍ طويل يُجبرك على الاِستسلام و الخُضوع، مع ذلك أنا مُستمتعة و سعيدة أصلا لأنها النهاية.
تركت دفة القيادة و سلمت نفسي حتى صرت لا أعي واقعي فقد غرقت حقا في أعماق الظلمة الأبدية.
بين جُدْرَانِ بَيتي الرَّمادية ذات السقف الأبيض و في أَحْضَانِ سريريَ الدافىِء أشعر بالسّكينة و الراحة.
سموه بأي مسمى شئتم كسل خمول فهذا ما أنا عليه فبعد صخب يوم طويل في العمل في المستشفى و تلك الكمية المهولة من الدماء التي صارت جزءً لا يتجزء من حياتي اليومية كطبيب جراح ليس هنالك أجمل من نوم عميق يصفي عقلي و روحي من وعثاء يوم شاق.
(تخيلوا معي اعزائي القراء أنها ذات سقف أبيض)
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.