عادت المياه لمجاريها أخيرا

510 21 5
                                    

أليس الحب ما يجعلك شمعة تنير الظلام كما قد يجعلك الظلام نفسه؟ أليس الحب ما يخلق بسمة كما يخلق البكاء؟ أليس الحب ما قد يجعلك تحب الحياة كما له القدرة على جعلك تعشق الموت؟ مواقف مختلفة للحب وذلك حسب المتحابين..
نام كل من كارلوس وأريانا على مفاجإة الآخر، كل وشم وضعه  على جسده له معنى، لكن الثلاثة وشوم الأخيرة لها معنى آخر، كانت ملونة رغم أنها كتبت بحبر أسود لا غير،  كلما مرر أنظاره عليها تذكر صاحبتها، فنورت وصارت بهيجة...
غادر الليل ولملم الصبح شتاته ليظهر على الكون بشمسه الساطعة، شمس اخترقت النوافذ والزجاج، فأنارت الغرفة التي تنام بها أريانا بين أحضان زوجها، بين أحضان تمنت لو أنها لا تفقدها يوما، تمنت فقط أن تدوم تلك اللمسات دون انقطاع..
هذه المرة لم تحس هي بلمسات كارلوس، بل قلبت الحالات، وصارت أريانا تتلمس كل إنش منه، مررت أناملها على خصلاته، مرورا برموشه الكثيفة، وجنتيه، أنفه، وحتى نبيذيتيه، ولم تمل، بل لا زالت تريد التأمل فقط، رغم حفظها لتفاصيله الجميلة، لكنها لا تكل من تمرير أنظارها على ملامحه الحادة...
" أأفتح مقلتاي أم أتركك تتأملين أكثر؟" نبس كارلوس بينما يستمتع بلمسات زوجته
" أظنك لو فتحتها لاستمتعت أكثر، لذا فتكرم يا سيد" أجابته زوجته بعد أن أبعدت يدها عن محياه..
فتح كارلوس مقلتيه وأخذ ينظر صوب زرقاويتي أريانا بعمق شديد، لا تزحزح أنظاره عنها، وفعلت المثل، لم تحرك مقلها عن خاصته، وفي نفسها تهمس* ليت ماببطني على خاصتك تملك*، عن سوداويتيه تتكلم، عن الفتنة التي أغرقتها في عشقه...
" هل نمت جيدا؟"
" أنا من يجدر به سؤالك، كيف مرت ليلتك؟"
" جيدة"
هذا ما نبس به كارلوس مجيبا زوجته، ابتسمت أريانا بخفة لتحرك شفتيها بغية إطلاق بعض الكلمات على مسامعه بينما تتلمس فكه الحاد
" أتدري أن طول غيابك خلف ثغرة بفؤادي، صرت أشتاق لسماع صوتك العذب كل ثانية، لا أحتمل بعدك، كارلوس لا تغادرني مرة أخرى، حتى ولو كان عملا يتوجب عليك قضاوه فلن أحتمل فراقك، أصبحت مدمنة عليك للدرجة التي لا تسمح لي بالتخلي، تعلم جيدا أنني أنانية بشأن ممتلكاتي، وأنت جميعها، أفكر دائما أتناولت طعامك؟ أنمت جيدا؟ ألم تمرض؟ أتشاجرت وأصبت؟ كلما أصع رأسي على وسادتك أفكر مرارا، ماذا لو لم تعد ولم تقابل ابنك أو ابنتك؟ ماذا لو لم أراك مرة أخرى؟ هكذا أفكر، لا أملك بصيص أمل فيما يخص فراقك، لذا لا تتخلى عني"
ختمت أريانا كلماتها بينما ارتجفت شفتها السفلية بخفة، وفيما توجهت أنظار كارلوس ناحيتها أحس وكأن ناقوس الخطر قد قرع، كيف لا ومن سكنت فؤاده تشغل بالها بأمره دائما، وهي على وشك ذرف دموعها المالحة أمامه الآن، اعتدل بسرعة ليضمها داخل أحضانه دافنا إياها بين أضلعه الضخمة هامسا بينما يربت على رأسها
" رجفة شفتك هذه المرة ستمنعني من البقاء بعيدا عن حضنك، لما تبكين يا آسرة الفؤاد؟ وتعلمين أنني بدونك لا أملك سبيلا للذهاب، لا داعي بتفكير أضاف حملا ثقيلا على كاهلك بينما تعبك منساب، فقط دائما ضعي بذهنك أنني عنك لن أجرأ عن الفراق، وبدونك، لا مجال للحياة، اعلمي دائما أنك أنت بكفة ولا مجال للبقية بالميزان، أنت من اختارها فؤادي، أنت من شاركني آلامي وأحزاني، أنت من زرعت برحمها بذرة حبي، لذا فالفراق أمر مستحيل، لا تذرفي عبراتك، وتعلمين أنني سأسفك روح من سبب نزولها، وهل لي أن أسفك روحي؟"
كانت أريانا تستمتع بكلماته بينما عبراتها المالحة تبلل كتف كارلوس والذي كانت متكئة عليه، اخترقت كلماته خاطرها فطمأنته، وحاولت رمي كل الأفكار التي تراودها بشأنه سلبيا بعيدا، إلى مكان لن تلتقي بها مرة أخرى، أقنعت نفسها أن كارلوس يفي بوعوده، وهذا ما جعلها تطمئن...
رفعت رأسها بخفة لتقابل بمحياها المحمر خاصته، احتضنه بين كفيه الضخمتين ليقبل أرنبة أنفها نابسا" ارمي بأسك جانبا، ورحبي بسعادة بما برحمك، كيف لا وقد كاد يظهر جنسه"
ابتسمت أرينا بخفة، فكارلوس يتعلق بالجنين قبل رؤيته، لم يخيل لها يوما أنه سيحب هكذا رغم أن حبه لها فاق الكثير، لكنها لم تفكر أنه سيتعلق بطفل لم يره أصلا، سيتعلق بحبة عدس صغيرة...
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
اجتمع الزوجان على طاولة الإفطار والتي احتوت هذه المرة على كأس واحد من القهوة، خاصة كارلوس، بحيث أريانا لم تستطع التوقف عن تناول التوت، بقي زوجها يتأملها بهدوء تام لتنبس بعدها
" سأغادر للشركة اليوم"
" أستكونين على مايرام؟"
" بالطبع لن تكون زوجة الدوماريوس ضعيفة أيها الوسيم" أجابته تغمز بابتسامة مشرقة، ليعيدها الآخر بشك....
غادرت أريانا الأولى هذه المرة مرتدية فستانا ناصعا طويلا، امتطت سيارتها وانتقلت للشركة مباشرة، لتلحقها سيارات الحراس كالعادة والمعتاد........
حملت الهاتف لتتصل بمارتن، وفيما سمعت صوته لتنبس
" هناك مفاجأة يا ابن العم"
" أستأتين للشركة؟"
" ذكي، لذلك جعلتك خليفتي أيها الفطن"
وردتها قهقهات مارتن الرجولية من الجانب الآخر ليجيبها" بعد أشهر من الظلام وأخير سيحل النور على الشركة"
" كم اعشق غزلك، لكن لن أضمن لك أن كارلوس سيبقي رأسك مكانه لو سمع ما قلته"
قهقه مرة أخرى مستجيبا لكلماتها والتي تعبر بها عن حبها لزوجها، ومن منا لا يعشق من يغار عليه من نسيم الهواء الذي يلفحه، بحقكم.....
" بانتظارك"
هكذا قطع الاتصال بين مارتن وأريانا التي واصلت قيادتها تتفقد السيارات خلفها.......
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
حلت بالشركة فحلت معها التصفيقات والترحيبات، هلهل الجميع بعودة صاحبة الشركة، بعودة اللبؤة لعرينها، ووضع تاج الحكم فوق رأس ملكة القلعة....
اتجهت مباشرة لمكتبها، لتجد مارتن يقف أمام الباب بانتظارها وكأنه سيستقبل رئيسا عظيما، وهي كذلك بالنسبة لكل من يعمل بالشركة...
" بحقك مارتن، لما لا تجلس؟"
" عاد الكرسي لصاحبه، وليس ملكا لي لاستولي عليه، لكل نوعه ومكانته"
" لكنك الخليفة، والخليفة كالرئيس" نبست أريانا بعدما جلست على كرسي مكتبها تشير لابن عمها بالجلوس أمامها
" رئيسا بغيابك، لكنني كبقية العمال حين تكونين بالشركة"
" أخبرتك من قبل أنني أحب كيف تفكر، وسأعيدها، أنت افضل خليفة على الإطلاق"
ابتسم مارتن بخفة، لترده كلماتها مجددا
" كيف سارت الأمور بعد كل هذا الغياب؟ بالطبع لا أشكك بسيطرتك على الموقف، فقط أسأل"
" سارت كما تريدين تماما، عقدت صفقة مع كل من السيد باتسي للتصميم أيضا، والسيد بورجيا للبناء، وقد باءتا بالنجاح، مستشفيات ألمانيا، روسيا، كندا والبرازيل كلها طور البناء، ولم يتبق سوى لمسات أخيرة وتدشنينها سيدتي"
" عمل رائع مارتن، لكنني لم أخبرك شيئا"
" خيرا؟"
" ستكون عما قريبا"
"مبارك لكما" كان رد فعل مارتن هادئا جدا بعد ثوان من الصمت الذي ساد وهذا ماتوقعته، بالطبع لن يقفز بأرجاء المكتب صارخا أنه سيصبح عما........
ابتسمت أريانا بسعادة، فبالرغم من أنه لم يظهر السعادة العارمة لكن المقل تكشف كل مستور، وبالطبع قد علمت أنه سعد بالموقف...
" أليست لك حبيبة بعد؟"
كان هذا سؤالا مباغتا من أريانا لم يتوقعه أحد، وحتى مارتن تفاجأ حين سرت الكلمات بعقله، توتر قليلا واحمرار بدأ يكتسيه شيئا فشيئا، فمارتن معروف بخجله وقلة حديثه....
"م..ماذا؟"
" ماخطبك؟، أسألك، ألا تملك حبيبة بعد؟"
" لا، لا أملك، سأحضر لك الملفات الأخرى"
أجابها مارتن متهربا من أسئلتها المحرجة المتبقية..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هاي فراشاتي، عدت ببارت جديد
أتمنى فقط أن ينال الإعجاب
شاركوني آراءكم وتعليقاتكم
الدعم من فضلكم
إلى اللقاء

Golden life ✨✨✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن