مداهمة

409 17 1
                                    

هل اللعنة ما حلت على حياة أريانا؟ هل القدر يحب صفعها كل مرة تستيقظ من آلامها؟ ألهذه الدرجة تعويذات ملعونة تحوم فوق حياتها؟ كم هذا رائع، آلام وحواجز ومفاجآت عديدة، حياتها كلعبة الشطرنج، توهمها أنها فازت ثم ينتقل حصان ليقضي عليها.....
بشرفة الغرفة تقبع موصدة الباب ترتكز على سورها، هي لحد الآن لم تحسم أمرها، وكلما توصلت لحل معين تحلق الأفكار حولها فتمنعها، مترددة للدرجة التي لا تسمح لها باتخاذ قرار معين، بالطبع ستفعل، فإما أن تضع حياتها الزوجية أو حياة ما برحمها على المحك، وهذان أمران لا خيار فيهما ..
لا زال باب الغرفة يدق، ولازالت تستمع أريانا لصوت الترجيات بفتحه، حسنا هي الآن تمالكت أعصابها قليلا، لذا، فمن المستحسن طمأنة الجميع أنها بخير...
همست أريانا بين أنفاسها قبل مغادرة الشرفة " اللعنة فقط، ألا يملون من الإصرار؟"
ثم اتجهت لفتح الباب، قابلها الخدم، وحارسين من الحراس، بالطبع كانا على أهبة الاستعداد لكسر الباب،  سيفعلون بعد أن تأكد ا أن زوجة سيدهم تكسر كل ماتقع أنظارها عليه بالغرفة، بما في ذلك الهاتف والمرآة.....
فيما تقابلت الأنظار بين زوجة الدوماريوس ومن قدموا للإطمئنان على حالها، ليردها صوت رئيسة الخدم المسنة قائلة" ماذا حدث معك سيدتي؟ أكل شيء على مايرام؟"
اخترقت كلماتها مسامع أريانا وحتى صمامات فؤادها، كيف لأمها التي أنجبتها ألا تسأل عن حالها بينما امرأة لم تتعود على وجودها تتفقد حالها كل ربع ساعة، ألأنها زوجة السيد؟ لا أحد يدري
" أنا بخير، لا تقلقي" كانت هذه إجابة أريانا بعد أن تنهدت بخفة، لا بسمة جميلة تحتل محياها كالعادة، ولالمعة حماس وطاقة تغزو مقلها، فقط الجفاف والعبوس، وآثار الدموع التي جفت على وجنتيها....
" السيد دوماريوس بطريقه إلى هنا" كان هذا صوت أحد الحراس الذي تلقى المعلومات عن طريق السماعة التي تتواجد بأذنه، وقد وجهت أنظار الحراس والخدم ناحيته بسخط، أمرتهم أريانا بعدم إخباره، لكنهم بالطبع لن يخاطروا بحياتهم، لذا فلبوا أوامر السيد في غيابه...
نظرت إليهم أريانا بنظرات عتاب دون أن تنبس ببنة شفة، فقط تبصر بهدوء وسكينة....
دلفت  غرفتها مغلقة الباب خلفها، تاركة الخدم يلومون الحارس الذي أفشى سر اختراقهم لأوامر السيدة...
مرت ساعة تقريبا، والعقارب الآن حطت على السابعة مساء، أي أن الشمس انتقلت من كبد السماء لغربها، وبدأ الليل بإنزال أستاره الداكنة شيئا فشيئا...
تم طرق الباب ثلاث طرقات هادئة، وهذا بالطبع كان كارلوس، دلف الغرفة والتي تم جمع ما حط مكسورا على أرضها، دلف الغرفة ليجد زوجته جالسة على السرير بفراغ وشرود، ووجهت أنظارها ناحيته حين بدأت هالته تغزو الغرفة..
اقترب منها شيئا فشيئا، جلس بجانبها، وظل يتأمل ملامحها بهدوء، بينما هي تفعل المثل، ولمعة احتلت مقلها، لمعة الخوف، ثم ارتجفت شفتها للمرة الثانية، أمام أنظار كاراوس، ومرة ثانية دق ناقوس الخطر، هي على وشك ذرف عبراتها...
" ماذا حل بك جميلتي؟" نبس كارلوس بعد أن احتضن محياها بين كفيه الضخمتين
" لا أعلم، لا أعلم كاراوس، ليس هناك شعور محدد يراودني، الكثير والكثير.."
منعتها شهقاتها من مواصلة كلماتها، تأبه الاعتراف بما يخالجها ويضفي حملا ثقيلا على كاهلها، لكن كارلوس استجاب للمعة مقلها ودفنها بين أحضانه الدافئة، أغرقها بحنان لمساته الطاغي...
يمسد على خصلاتها الداكنة شيئا فشيئا، بهدوء وسكينة، يبث الاطمئنان بأركانها...
هدأت الشابة، وتوقفت عن البكاء، ثم رفعت رأسها، ولوهلة قهقهت بخفة بعد أن ابتعدت عن أحضانه، لتنبس بينما البسمة شقة وجهها رغم أن العبرات لا تزال تنساب من زرقاويتيها
" أرأيت كيف ارتميت بأحضانك كفتاة صغيرة، لم أسمح لك حتى بالراحة قليلا"
مسح كارلوس دموعها لينبس بهدوء" أولم أعتد على منادانك صغيرتي؟ لذا فلا داعي لإخباري بذلك"
ابتسمت أريانا بخفة بعد أن سمعت كلماته تلك، وداخلها يطالبها بالارتماء داخل صدره مرة أخرى وذرف الدموع...
" أخبريني، لما كل هذا الحزن؟"
" لا أعلم كارلوس، حين احدد سببه بالطبع لن أصمت"
ابتسم بخفة ممسدا وجنتيها ليجيبها بهدوء" وأنا دائما جاهز للاستماع لك، ولو تطلب ذلك الليل كله"
أهذه هي الحياة التي يريد القدر منعها من عيشها،؟ كم سخيفة، تضحك بوجهها تارة، وتارة أخرى توجه لها صفعات متتالية..
حين اتجه كارلوس للحمام، أخذت تفكر مرة أخرى، ثم لوهلة، تعدت العديد من التخمينات خاطرها، أكل هذه الحراسة التي يخصصها الدوماريوس بقصره ستستطيع فتاة كتلك اختراقها؟ فتاة هزيلة كالتي زارتها بالفعل لن تهزم ما يفوق الألف حارس يتوزعون حول القصر بأسلحة ضخمة، لذا ولوهلة، قررت إخباره بما حصل معها، لكن شيئا فشيئا،،،
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
غادر كارلوس الحمام وكالعادة، يلف منشفة أسفله بينما بقي عاري الصدر، يحتضن بين أنامله أخرى يجفف بها خصلاته الداكنة، بينما يوجه أنظاره ناحية زرقاويتي زوجته يصنع معها تواصلا بصريا يأبى الانقطاع...
ارتدى الدوماريوس بنطاله وأصر على البقاء عاري الصدر رغم تأنيبات أريانا، فرغم أنها ليست بحالة جيدة لكنها لا زالت تشغل تفكيرها بكل ما يخصه....
تمدد بجانبها بينما هناك ما تريد إفشاءه، لتعتدل بجلستها لتنبس
" كارلوس"
" عيونه"
" أهناك ماتخفيه؟" رمت أريانا كلماتها بعد تردد راودها
" بخصوص ماذا؟"
" لا أعلم"
" حسنا أريانا، لا أدري من قام بملئ فكرك بالتراهات، وإن علمت أنها تلك اللعينة سأقطع رأسها دون أدنى تردد"
لم تتمالك أريانا أعصابها، ولشدة خوفها وتوترها أخذت ترمي بكلماتها بصراخ بينما الدموع تنساب على وجنتيها بغزارة
" كارلوس، أنت تخفي الكثير عني، أعلم الآن أنني فقدت إحدى التوائم، لذا اشكر تلك اللعينة التي أخبرتني بهذا بعد أن هددتني، ثم إنني علمت أيضا أنك تأتمنها على أسرارك، ألست محل ثقة؟ مالذي يحصل معك؟ أبعد أن عادت المياه بيننا لمجاريها، تريد أنت أن تغير المسار؟ مالذي يحدث بحياتي واللعنة؟"
تجاهل كارلوس كل كلماتها، وركز على موقفين، الأول أنها تذرف دموعها وترتجف، وهذا ما يوحي أنها مرت بصدمة اليوم، والثاني أن هناك من هددها اليوم...
" ماذا تقصدين أريانا؟، من ائتمنت؟ من هددك؟ ومن أخبرك بلعنة الفقدان؟"
" لا أعلم، لا أعلم كارلوس ما يحدث بحياتي، قلبت رأسا على عقب، هددتني إن لم أفترق عنك لكونك ملكها ستقتل مابرحمي، ألهذه الدرجة سئمت مني؟ وأصبحت ملكا لأخرى؟"
" مالعنتك أريانا؟ توقفي عن الهراء، من هي تلك الفتاة!"
" أخبرتك أنني لا أعلم، لا أعلم كاراوس، أطلب الطلاق أم أحتمل الفراق؟"
" هل تهذين أم ماذا؟ ما خطب لعنتك، عن أي فراق أو طلاق تتحدثين؟"
" جميع الأسلحة موجهة نحونا الآن، وتقريبا سيتم إطلاق الرصاص، أخبرتني أنه لا يجب إعلامك بالأمر لكنني وثقت بقوتك وضربت كلماتها عرض الحائط"
" لا تخافي جميلتي، لن يحصل شيئ كهذا"
ثم حمل كارلوس هاتفه متصلا بآريوس
" كيف الوضع خارجا؟"
" كالعادة سيدي"
" فلتقوموا بتفتيش لكامل الأركان، وأعلمني بالوضع، خذ عشرة من الحراس معك لا غير"
" علم سيدي"
أغلق كارلوس المكالمة وطوالها كان يتأمل أريانا بينما يمسح دموعها المالحة....
" لا تخافي، سنرى ماذا يحصل"
ثم حمل كارلوس هاتفه مرة أخرى متصلا بمارتن
" مرحبا نسيبي"
" مارتن أتتذكر الفتاة التي قدمت اليوم لزيارة أريانا؟"
" نعم أفعل"
" حسنا، اتجه للشركة وسأحل بها بعد دقائق، لنشاهد كاميرات المراقبة"
" حسنا، لكن أكل شيء على ما يرام؟"
" حين نلتقي سأعلمك"
قطع كارلوس المكالمة للمرة الثانية ثم نهض بغية تغيير ملابسه والانطلاق لشركة أريانا، لكنها أمسكت برسغه تهمس
" أين ستذهب؟ أستتركني وحيدة؟"
" صغيرتي سأعود بسرعة أعدك، ثم إن جميع الحراس هنا، لا داعي للخوف"
" آسفة إن أغضبتك بكلماتي"
" لم أغضب، فقط لا تصدقي ماقالته"
ابتسم الزوجان بخفة، ليغادر كارلوس بعد أن غير ملابسه الرمادية والتي كانت مجرد بنطال، لآخر أسود وقميص بنفس اللون...
قبل أن يغادر، سحب سلاحا من وراء ظهره وقدمه لأريانا نابسا
" في حال حدث أي شيء سيء، استخدميه في الدفاع عن نفسك، واتصلي بي حالا"
" ماذا عنك؟"
سحب كارلوس جانب قميصه ليظهر سلاحه الثاني، وبذلك طمأن زوجته...
غادر  القصر بمفرده، وقد علمت أريانا ذلك حين رأت سيارته تسجل الخروج وحيدة...
مرت دقائق ولم يحدث أي شيء غير اعتيادي، مرت ساعة أخرى، وفجأة بدأت بسماع إطلاق الرصاص يخترق أرجاء الحديقة، ألقت نظرة عبر الشرفة وليتها لم تفعل، كان الشجار عنيفا، أسلحة، خناجر، رشاشات، رصاص، كلها مناظر سيئة، أغلقتها وقامت بإيصاد باب الغرفة، ورمت وراءه الأريكة ومختلف الأثاث، ثم مسدت على بطنها تهمس بخفة بينما الخوف احتلها" سنكون بخير، لن يتركنا والدك"
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مرحبا جميعا، عدت بفصل جديد
أتمنى أن ينال الإعجاب وتشاركوني
آراءكم
آسفة إن وردت بعض الأخطاء الإملائية....
أحبكم جميعا..

Golden life ✨✨✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن