الصندوق الأسود

29 2 24
                                    

القصة الرابعة

الصندوق الأسود
كريم

منذ الطفولة كنا نسمع مقولة: " تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن " وكنا دائمًا نعتبرها مقولة تبشر بالشر وبغرق السفن لكني أدركت حاليًا أن الرياح ليست شر بل هي خير يجب  فهي التي جعلت السفن قوية وجعلت الجميع يخشى التهور والضعف جعلت من كل واحد منهم أن يتوخى الحذر حتي لا يتعرض للتهلكة ويغرق في بحر لانهاية له      _________________________

أنا كريم  ، لدي 30 عام ، مهندس بترول وأعمل في شركة عالمية ومشهورة في القاهرة. طبيعة عملي السفر الكثير وخاصة السفر البحري واستخراج البترول من قلب البحر. أحب عملي واستمتع به على الرغم من صعوبته  وخطورته وذلك كان سبب اساسي لأختياري ذلك المجال لأعمل به حيث أنني أحب المغامرة والسفر واكتشاف كل ما هو جديد.

وبطبيعة العمل اتصل بي صديقي أمس وأخبرني برحلة عمل إلي منطقة في المحيط الهندي وستكون في نهاية الاسبوع ومدتها حوالي ثلاثة شهور. فوافقت وبدأت باستعداداتي من اليوم فلم يتبقى إلا ثلاثة أيام وبالمناسبة أنا متزوج ولدي طفلة صغيرة لديها خمس سنوات ، فأخبرتهم وقررت معهم بأن الأفضل أن تذهب زوجتي تلك الفترة إلى والدتها ووالدتي.

وفي نهاية الاسبوع تحركنا بالسفينة من ميناء بورسعيد لوجهتنا. وصلنا بعد ثلاثة ايام وبدأنا العمل وعلى مدار شهرين انتهينا وتحركنا للعودة. ولكن في طريق العودة كان يوجد شيء خطأ فكثيرًا كانت تتعطل السفينة ونقوم بأصلاحها ولكنها كانت تكمل الإبحار ولكن فجأة سمعنا صوت انفجار قوي مع تغير لون البحر حولنا للون الأحمر وتوقف السفينة!!

لم نفهم ماذا حد وما مصدر تلك الدماء ؟! فنزل بعض المتخصصين للماء لكي يخبرونا ما المشكلة وبالفعل فهمنا فتلك الدماء لحوت ضخم اصطدم بمحركات السفينة فأنفجر كليهما. ظل تلك المتخصصين يحاولون اصلاح المحركات ولكن بلا جدوى فقرر القائد أرسال رسالة استغاثة حتى تأتي لنا سفينة آخرى وبالفعل أرسلها وكان يتوجب علينا البقاء في السفينة حتى تأتي السفينة الآخرى.

دخل معظم الطاقم إلى الغرف للراحة ودخلت أنا إلى غرفتي الصغيرة المخصصة لى فقط وكنت أعشق الجلوس فيها بسبب تقسيمها الجميل والنافذة الكبيرة التي تكشف عن البحر في مشهد جميل للغاية تجعلك تنسى كل همومك. اقترب من النافذة ووقفت أنظر للبحر والأمواج والجو كان غائم للغاية ولكن للغريب أن البحر هاديء؟ لم أركز كثيرا واتجهت للسرير لكي استريح قليلاً وبالفعل غفوت.

استيقظتُ على صوت حركة من خارج الغرفة فنهضت وخرجت وصعدت على سطح السفينة وجدتهم يعدون قوارب الاحتياط لم أفهم لماذا ؟ فسألت : what's going on ? ماذا يحدث؟

فأجابني أكتر من شخص بأن هناك جزيزة عثروا عليها على الرادار وسيتوجهون إليها لاكتشافها حتى موعد قدوم السفينة البديلة . لا اعرف لكن لم استريح لتلك الفكرة وعندما نظرت في مرمى البصر وجدت ملامح مبهمة لجزيرة ولكن قلبي في وقتها انقبض وكأن شيئًا ما قد يحدث!!

وصلنا للجزيرة وصعدنا على متنها كانت جزيرة صغيرة لدرجة اننا من موقعنا نرى الجانب الاخر للجزيرة وكانت غريبة تملؤها أشجار شكلهع غريب، ولاحظنا انها مهجورة لا يوجد عليها أحد كان فقط هناك كوخ صغير في منتصف الجزيرة بالضبط. كل جماعة منا تفرقت البعض ذهب للبحث عن أي طعام والبعض ذهب لاكتشاف مكونات الجزيرة وأنا واثنين معي من الطاقم ذهبنا لتفقد الكوخ.  دخلنا من الباب ووجدنا سرير من القش ومنضدة وكرسي والكثير من الاوراق الملقاة على الأرض والغريب أن المكان نظيف لا يوجد عليه ذرة غبار واحدة وكأن أحد يسكن ذلك المكان ؟! اتجهت للمنضدة لأرى ما عليها كانت أرواق لا افهم اللغة المكتوبة عليها ووجدت صندوق أسود صغير جذبني شكله فامسكته وتفصحت شكله الخارجى وجدت عليه نقوشات غريبة وبارزة ولكن كانت كلها تشير إلى تعذيب وصراخ؟!! فتحته ووجدت اوراق صغيرة تشبع أوراق التاروت وكانت  كل ورقة عليه رسمة مختلفة ، أكثر رسمة أثارت أنتباهي كانت رسمة لطفلة وحولها الكثير من الاشخاص  ينهشون لحمها؟!! لم أتحمل المنظر واغلقت الصندوق ووضعته مكانه وخرجت من الكوخ.

وجدت الجميع جاهزين للعودة لأنهم لم يجدوا شيء على الجزيرة فوجودنا عليها مثل عدمه.  وبالفعل تحركنا بالمراكب للعودة للسفينة واثناء الطريق فتحت حقيبتي لكي أشرب ولكن وجدت في الحقيبة الصندوق؟!! كيف دخل الحقيبة اقسم أنني لم اضعه بها لقد تركته هناك على المنضدة وبطبيعة الحال وجهت نظري للجزيرة من خلفي وحينها وجدت شخص يلوح إليّ ويبتسم وأقسم أنني شعرت بأنه يقول: اعتني به جيدًا. انتفضت من مكاني عندما لمس كتفي شيء ما وعندما التففت وجدته أحد افراد الطاقم يسألني إذا كنت بخير أم لا فابتسمت واخبرته أنني بخير ونظرت مرة آخري للجزيرة ولكن وجدتها أختفت؟؟!!  نظرت في كل الاتجاهات بالفعل أختفت كيف ذلك ؟! نظرت لمن حولي لأرى هل يلاحظون ما ألاحظه لكن وجدت كل واحد في ملكوته الخاص لا يلاحظوا شيء!! ظللت على تلك الحالة من التعجب حتى وصلنا للسفينة فتركتهم ودخلت الغرفة بسرعة وفتحت الحقيبة واخرجت الصندوق وفتحته. وجدت ورقة الفتاة في وجهي فلم أهتم وابعدتها وظللت أبحث عن ورق آخر غير تلك الاوراق شبيهة اوراق التاروت لكن لم أجد إلا ورقة صغيرة مطوية في جانب الصندوق فتحتها وجدت جملة باللغة العربية :
  هل حقًا نحن في أسوء عصر في التاريخ ؟!
لم أفهم ما المقصود من السؤال فطويت الورقة ووضعتها مكانها مرة آخرى  وأغلقت الصندوق وفتحت النافذة والقيته في الماء فحقًا أنا لا أريد تلك الأشياء الغريبة أن تبقى بحوذتي. واتجهت للسرير لاستريح قليلاً. ومع أنني لم أكن أنوي النوم ولكن وجدت ثقل غريب على عيني وكأن شيء يجبرني بأن أنام وحدث بالفعل واغمضت عيني ونمت..

أصوات غريبة متداخلة وقطرات تتساقط على وجهي وملمس غريب تحت يدي ملمس تراب مبلل بشيء لزج ؟! ونور قوي يضرب عيني ففتحتها ببطء فوجدت امام عيني السماء والشمس فوضعت يدي لا اراديًا أمام عيني حتى امنع النور وفي نفس الوقت شعرت بتلك القطرات التي كنت اشعر بها على وجهي الآن اشعر بها على يدي فجلست سريعا ونظرت ليدي وجدت تلك القطرات ما هي إلا دماء دماء؟!! نظرت حولي بسرعة لم أجد البحر لم أجد السفينة لم أجد اي شيء
غير جثث على الرمال وجثث معلقة تقطر دمًا !! 

وادي مليء بالموتي والاشلاء !! ونظرت فوقي وجدت أشلاء جثة معلقة ودمائها تسقط عليّ!!!

يتبع...

إحكي يا شهرزاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن