يونس!

158 9 6
                                    

يقال بأن الحب هو خلق الله، بل قيل أيضا

(الحب أعظم ما خلق الله تعالى في الوجود وأشرف ما يمكن أن يعيشه الإنسان).
لكنني أفكر مالياً كيف يخلق الله الحب في قلب طرف ولا يُخلق في قلب الآخر!

***

أستيقظ ذاك الشاب بقلق وهو ينظر يميناً و يساراً باحثاً عن طريقه ليحدد بها الوقت ، أدرك بعد ثوانً بأنه ليس في غرفته بل نائم في الشرفة منذ البارحة.
وقف مسرعاً وهو يكرر بغضب : تباً ماذا حدث بالأمس؟! كيف انتهي بي الأمر هنا؟
توجه لداخل المنزل وهو يضع يده علي رأسه في محاولة لتذكر ما حدث ليلة أمس ، في طريقه تذكر شيء نزل عليه كالصاعقة!

***

فتح باب الغرفة وهو يقول بتوتر: ليلى أأنتي مستيقظة؟
أخذ يتفحص بعيناه أرجاء الغرفة ليجدها في حالة مريعة ! الفوضى تملأ المكان..
ظلت عيناه تبحث عن ليلى ..أراد الدخول ولكن يخجل من أن يقتحم خصوصياتها فهو قد وعدها سابقاً بأنه لن يدخل غرفتها أبدا بدون أذنها!

***

أخذ يناديها بصوت قلق مراراً ، تنهد بإستسلام ليسمع همساً عند أذنه اليسرى : ألم أطلب منك الإستئذان قبل فتح الباب؟

التفت سريعاً ليجد تلك الفتاة ذات الشعر الأسود و العيون البنية الناعمة تحدق به وهي تضحك من ردة فعله فأردف مسرعاً: أين كنتي؟ وما هذه الفوضى يا ليلى ألا تدركين كم أن التنظيف متعب وممل؟!

زفرت بملل ثم توجهت لغرفتها وهي تقول: يونس أتوقع بأنني أعلم الأن سبب أختيار أهلي لك لتكون شريكي بالسكن!

عقد يداه فقالت وهي تمسك بإحدي الوسائد لتلقيها علي وجهه : كانوا يعلمون أنك عقاب مناسب لي.

ضحك يونس ثم أمسك بالوسادة الملقاه أرضا وقال : شكرا لكِ عزيزتي ، الأن أخبريني ماذا حدث بالأمس؟ آخر شيء أتذكره أنني كنت أحتسي مشروب ما واليوم أستيقظت في الشرفة..لا أتذكر حتي متي نمت!

قالت وهي تكتب شيئا علي هاتفها: أتقصد ذلك المشروب؟
أجل أجل ،لقد شربت ثم جلست تتلفظ أشياء حمقاء .
يونس: ماذا تقصدين ب "أشياء حمقاء" بالضبط؟

تركت الهاتف وهي تضحك : فقط كنت تعترف بحبك لنبتة الصبار ، لا تقلق فلقد أخذتك لغرفتك قبل أن يلحظ أحد .

توسعت عينا يونس ثم قال بسرعه: من أحضر ذلك المشروب؟ ولم لم تخبريني بأنه يحوي الخمر!!

نظرت له وهي تتذكر : حسناً أعتقد بأن ماري من أحضرت ذاك المشروب ربما لم تتذكر بأننا لا نشرب الخمر، علي أي حال أذهب الآن لأنني مشغولة قليلاً.

***

أعتقد بأن الكثيرين لم يفهموا ما سبب وجودي مع فتاة في منزل واحد لكن ما علي أخباركم به حقا، هو أنني سأشبع فضولكم
واجيب كل ما يخطر في بالكم _أو علي الاقل سأحاول_ لذا ،أهلا!

أنا يونس ،عمري ٢٥ عامً ..درست الهندسة بالتحديد هندسة الآلات ،حاليا أعيش مع ليلى في بلد غير بلدنا الأم وذلك بسبب مجال دراستي ودراستها ، كذلك بسبب أحوال بلدنا الأم والذي لا أرغب في ذكر ما يحدث فيها، إن الأمر يشعرني بالعجز حقاً عندما أتحدث عما يدور فيها!!

ليلى تصغرني ب٤ أعوام تدرس الفنون ، هي في الواقع أبنة خالي وصديقتي منذ كنا أطفالاً ...صلة قرابتنا قصه غريبه لكنني قد أسردها يوما!

أو سأسردها الأن!!
والدة ليلى في الواقع وأمي كانا صديقتين مقربتين منذ سنوات حتي أن الصديقتين تزوجا أخوة بعضهما!

الأمر مربك ولكنني سأحاول التوضيح، أمي تزوجت أخ صديقتها (والتي هي أم ليلى)، وأم ليلى تزوجت خالي ، أفهمتم؟!

علي أي حال، نظراً لسوء أحوال بلدي ولسوء أحوال والداي المادية قررت السفر للدراسه بالخارج وذلك منذ كنت في الواحد و العشرون من عمري.

وجدت وظيفة ساعدتني علي إكمال الجامعة لحين وصل عمري للثانية و العشرون علمت من أمي بأن بلادنا أصبحت غير مستقرة تماماً... حينها قررت ثم أخبرت أمي بأنني سأعود للعيش معهم ولكنها أصرت علي بقائي والا أتخلي عن أحلامي.

فهي تعلم كم كان صعباً أن أقضي حياتي متغرباً وأن أتخلي عن كل شيء وارحل ببساطه.

بعدها عرفت من ليلى بأنها تريد أن تدرس الفنون،
ولكن نظراً لما يحدث في البلاد منعها والدها من الذهاب للجامعة ،
لذلك عرضت علي خالي بأنني سأرسل لها لتأتي لهذه البلد لتكمل دراستها وقد عارض في البداية فهو لم يتخيل بأنه سيأمن علي أبنته في بلد غريب ،
وبعد إصراري علي طلبي وأنها ستبقي في منزلي ولن أشيح بنظري عنها وافق خالي بعد أن وضع شروطه ،
بالفعل في الأول من أكتوبر جائت ليلى وجاءت معها الحياة!

***

في البداية كان الوضع موتراً فلقد أعتدت علي العيش وحيداً دون قيود ،كنت أترك الشيء في مكان محدد ،أعود بعد ١٠ أيام أو أكثر أجد ما تركته كما كان،
في الواقع لم أكن أبقي في المنزل بل كنت أقضي معظم وقتي في العمل أو برفقة أصدقائي حتي لا أعود لأجلس وحيداً.

قد يبدوا موضوع الغربة رائعاً منذ الوهلة الأولي، ولكن ستدرك بعد وقت بأنها أسوأ ما قد يحدث لك!

أثر الفراشة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن