وقف العميد خالد يتطلع الى تلك الفتاة وقد أخذتها غفوة بينما هي جالسة وقد أراحت رأسها على ذراعها المنبسط على المكتب الذي أجلسوها عليه التي احتجزوها فيها ليتم استجوابها،كانت فتاة جميلة ذات ملامح رقيقة وجسد رشيق وترتدي نظارة طبية أعطتها شكل طفولي وديع، اقترب منها وهز كتفها برفق
-نرمين نرمين اصحي
انتفضت الفتاة بفزع ونظرت إليه بأعين زائغة ونظرت حولها في يأس وقد أدركت أين هي وكأنها قد نسيت للحظات بعد نعاسها المصيبة التي قد أحلت بها ،وأخذتها نوبة من البكاء،بينما يراقبها الرجل الذي أوقظها ،كان يبدو في أواخر الأربعين ،طوله متوسط يميل الى الطول أنيق الملبس يبدو من هيئته من ذوي المناصب العليا ،يرمقها بنظرات متفحصة من عينين بنيتين اللون ،وانتظرها حتى هدأت قليلا ثم سحب كرسيا ووضعه مواجها لها وقبل أن يجلس توجه الى الباب وفتحه وطلب قهوة وكوبا من الماء وأغلقه ثانية واتجه اليها وجلس على الكرسي المواجه لها وأشعل سيجارة
-نرمين أنا عايزك تسمعيني كويس وتركزي ،أنا عارف إنك خايفة وكان نفسك تبقي في البيت دلوقتي بين أهلك وإنك مش وش بهدلة ،بس أكيد إنتي مدركة خطورة البردية اللي لقيناها معاكي،أنا طلبت منهم يجبولك ماما وإخواتك تشوفيهم وهما كمان يطمنو عليكي ،بس لازم تعرفي حاجة الموضوع مش هزار،
وقف فجأة ونظر إليها بصرامة إنعكست على صوته أيضا وهو يردف قائلا:
-مش هاتخرجي منها هنا أبدا ولو بعد خمسين سنة ولا هاترجعي لبيتك وحياتك إلا لما نعرف كل حاجة ،مش هانضحي بتاريخ بلدنا ونخليه نكته مهما كان التمن،
أجهشت بالبكاء وهي تضع كلتا يديها على وجهها ،فعاد وجلس أمامها وأمسك يديها برفق وضعهما الى جوارها وخفف من حدة صوته قائلا:
-إنتي عارفة يعني إيه بردية تكون مزورة بالطريقة دي بحيث تخدع كل الخبراء ،يعني كل البرديات اللي عندنا هايبقى مشكوك في أمرها ،كل واحد عايز يدس كذبة عن تاريخنا بالطريقة دي يقدر ،الصهاينة بيدعو إنهم اللي بنو حضارة مصر يقدرو دلوقتي يدسو برديات بتدعم الكلام ده ،هيبة وعظمة تاريخنا وآثارنا هاتتهز وهاينعكس على السياحة والإقتصاد
رفعت عينيها إليه وخرج صوتها لأول مرة قائلة بصوت متردد:
-مش مزورة ،متهيألي مش مزورة
رمقها بنظرة غضب قائلا بحدة:
-يعني إيه مش مزورة!!يعني الملك فسوخة الأول من الأسرة الرابعة بشبرا وبولاق كتبها وقت ماكان بيبني معبده جنب فرشة أم علاء!! صدقيني إنتي تحمدي ربنا انك قاعدة معايا أنا وأنا اللي بحقق معاكي ،في ناس غيري مش هاتصبر عالكلام ده ، أنا هامشي معاكي واحدة واحدة كده ،ولازم تبقي صادقة معايا جدا،مفهوم؟ نرمين بصيلي وقولي إنك فاهمة
رفعت نرمين عينيها إليه في خوف وهزت رأسها متفهمة فأردف قائلا:
ماشي، الأول كده انتي كنتي بتقابليه اسمه إيه ده ..
-محب اسمه محب
نطقتها بطريقة خاصة إلتقطتها اذنه الخبيرة وجعلته يدرك وجود علاقة قوية به أكثر من مجرد حب شباب سطحي
-محب تمام ياستي ،كنتي رايحة تقابلي محب ،قابلتيه؟
-لا والله ماقابلتوش ومكنتش رايحه أقابله أصلا
كان يدقق النظر إليها بينما تتكلم،في رأيه وحسب حدسه الذي يثق به هي صادقة بنسبة 90%على الأقل ،عاد وسألها ثانية
كان سايبلك البردية في مكان كنتم متفقين عليه؟
أجابت في تردد
-مكناش متفقين ،تقدر تقول كان سايبلي تلميح قبل ما يمشي
-يمشي يروح فين؟
-مش عارفة ماقاليش
بسهولة إكتشف مدى كذبها في هذه النقطة ،ترددها هروبها بنظراتها بعد إتمام العبارة،وبهدوء قال:
-نرمين انتي بتكذبي ولازم تعرفي انك مش هاتطلعي من هنا قبل ماتقولي بصدق كل حاجة ولو ماكنتيش هاتقوليلي أنا صدقيني هاتقولي لحد تاني
نظرت إليه بنظرات حائرة مترددة وعزيمة منهارة مرددة في إنهيار:
ماهو اللي أنا عارفاه مش متأكدة منه مش مصدقاه وماحدش يصدقه وكنت رايحه أجيب البردية وأنا متأكدة إني مش هالاقيها حاجة يائسة كده عشان كان نفسي أصدق إنه مابيكذبش عليه ،البردية خلتني بدأت أصدق ،بس صعب برده كلها حاجات غريبة ومش معقولة ..مش معقولة
وأجهشت بالبكاء وارتجف جسدها وأخفت وجهها في راحتيها ،وتابعها خالد في صمت ،وفي أثناء ذلك وصلت القهوة وكوب الماء ووضعهم الساعي على المكتب وخرج ،وتناول خالد كوب الماء وناوله لنرمين التي تناولته بأيدي مرتجفة وشربته حتى آخره ،فتناول الكووب الفارغ ووضعه ثانية على المكتب وناولها منديل ورقي قائلا لها:
-نرمين إحنا لسه لاقيين معاكي بردية بالعامية المصرية التحاليل بتقول إن عمرها آلاف السنين فصدقيني فامفيش حاجة هاتقوليها هاتبقى أغرب من كده
كانت قد توقفت عن البكاء،واستفزتها كلماته وكأنها شعرت ببعض الغيظ لأنه لا يدرك ولا يقدر حجم الغرابة في الموضوع فقالت له بلهجة بها بعض التحدي:
-محب فعلا قالي رايح فين ،قالي إنه هايكون هنا في مصر وغالبا في القاهرة كمان ،بس مش هايبقى في..في نفس الزمن ،هايبقى في حقبة قبلنا بآلاف السنين
وخيم الصمت لبعض الوقت
********************************************************************************************
![](https://img.wattpad.com/cover/348529646-288-k33647.jpg)
أنت تقرأ
مبعوث الزمن الأول
Fantasyجريمة بيع آثار تفتح الباب للعثور على بردية غامضة تهدد إرث الحضارة المصرية كله، بردية نابعة عن قصة حب بين شاب وفتاة ولكنها حتما قصة حب غير عادية