مر أسبوع منذ إنتقال محب وأمه الى الشارع،وقد بدأت نرمين تلاحظ ملاحظة غريبة ،فما أنت تخرج إلى الشرفة حتى يخرج محب بعدها الى شرفتهم في أقل من دقيقة ،ليست مصادفة بالتأكيد،كان يشير إليها مرحبا ثم يخطف بعض النظرات نحوها ، ينظر إليها وكأنه شخص يريد التقدم لخطبة فتاة ويريد أن يملي عينيه منها ليـتأكد من أنه معجب بها ،بإستثناء أن هذه النظرات لا توحي بالتأكد من الشكل بقدر ماتوحي بالتردد والحيرة من أمر ما ،وكأنه عندما ينظر إليها أكثر سوف يحسم رأيه،هل الأمر عاطفي يريد أن يبوح لها بإعجابه ولكنه متردد؟ كان يبدو ذكيا وعاقلا عندما قابلته لا يبدو عليه التهور لدرجة أنه ربما يحدثها بشأن مثل هذه الأمور بمثل هذه السرعة خاصة مع كل هذه الظروف من حبس أبيه وكونه في السنة النهائية وبالتأكيد يريد أن يتخرج بدون أي تأجيل ، أحست بنوع من الشفقة عليه لا تدري مصدرها ، لطالما كانت تشعر بمثل هذه الشفقة عليه وهو صغير رغم أنها لم تكن تعترض على السخرية منه من أختها وباقي الأطفال حتى أنها كانت تضحك أحيانا كثيرة وترى الأمر طريفا ،إلا أن هيئته الراقية التي كانت توحي بعدم الإنتماء لهذا المكان ولا لهذان الوالدان كانت تثير نوعا من الشفقة لديها ، وأصبح عندها فضولا كبيرا بشأنه فهو لا يشبه معظم الشباب في سنه فهو يرتدي دائما ثيابا بعيده عن الموضة رغم حرصه على نظافة ملابسه ومناسبتها له ،كما أنه أخبرهم أنه لا يمتلك أي حسابات على وسائل التواصل الإلكتروني عندما سألته هبة على اسم صفحة الفيس بوك لديه وبدلا من ذلك رأوه ينقل مكتبة ضخمة من الكتب ،ضخمة جدا لدرجة الغرابة وعندما زاروهم وجدوا أكواما من الكتب في كل مكان لم يكن قد رتبها بعد ،وتمنت لو جلست معه جلسة طويلة تعرفت فيها على كل أحواله وكيف عاش طوال الفترة الماضية وتناقشه عن هذه المكتبة الضخمة وما هي محتوياتها ،لم يكن قد سبق لها بتاتا الجلوس مع أي شاب بمفردها أو حتى كلمت زميلا لها محادثة طويلة منفردة ،كانت تركز في دراستها بالإضافة إلى طبيعتها المنطوية التي تشعرها بعدم الإرتياح عند التعرض لمواقف محرجة ولم تقابل شاب يجعلها تفكر ولو لحظة في إختبار هذا الشعور من أجله ، الآن ولسبب ما لديها رغبة داخلية ملحة في أن يطلب منها مقابلتها،ويبوح لها بكل مابداخله ،كان فضولها يزداد يوما بعد يوم لمعرفة كل صغيرة وكبيرة في حياته وكل الأمور التي يفكر بها ،وفكرت كثيرا وباتت متأكدة لسبب ما أنه سيطلب منها مقابلتها قريبا.
************************************************************************************
- نرمين .... نرمين
كادت نرمين أن تبتسم ولكنها بدلا من ذلك رسمت على وجهها الدهشة وقليلا من الإستنكار عندما ناداها محب بعد أن وصلت إلى الشارع الرئيسي الأقرب إلى بيتها والذي عادة ماتتوجه إليه صباحا لكي تستقل وسيلة مواصلاتها الى الجامعة ،ويبدو أنه ترقب خروجها من البيت وتتبعها الى الشارع الرئيسي ،فقد كانت ستبدو محاولته للحديث معها في شارعهم الفرعي نوع من الحماقة بالتأكيد لأسباب مفهومة،على رأسها الجيران وتحليلهم لكل صغيرة وكبيرة
-أهلا يامحب ،خير في حاجة؟
بدا محب مرتبكا وقال متلعثما:
-آسف إني بوقفك كده في الشارع بس اي...كنت عايز يعني..لو وقتك يسمح..كنت عايز بس اقولك حاجه..قصدي
لم تتمالك نرمين نفسها وابتسمت رغما عنها وخفف تلعثمه وتردده من ارتباكها هي وأكسبها بعضا من الثقة بالنفس وقالت له في ثبات:
-طيب ماتتفضل تقول يالا عشان ألحق المواصلات
ماهو أنا قصدي يعني مش حاجه سريعة كده ،الموضوع طويل شوية... تردد قليلا ثم قال بإحباط
بصي أنا آسف أنا عارف إنك في طب وأكيد مش فاضية فخلاص مش مهم ،معلش أزعجتك.
عندما قرر محب أن يطلب من نرمين مقابلته لم يتخيل الحوار بهذا الشكل ،تخيل أنه يناديها في الشارع فتلتفت وتبتسم وتحييه ،وتخيل نفسه يبتسم ويقول لها في ثقة:
- أنا شوفت القمر معدي فقولت أعاكسه ، فتضحك وتنظر الى الأرض في خجل ،فيقول له بجدية :
كنت عايزك في موضوع كده مهم بالنسبالي ،عارف ان وقتك مشغول ،بس لو تفضيلي شوية يبقى كويس جدا ،
وتجيب عليه بلا تردد طبعا حدد الوقت والمكان
اصطدمت تخيلات محب بالواقع عندما وجد رد فعلها مختلفا عما تخيله ،ولام نفسه أنه لم يتدرب على كافة الردود والسيناريوهات ،ولكن نرمين أنقذته من ورطته بلطف ،فقد لانت ملامحها بعدما رأت تلعثمه وارتباكه ،وزاد فضولها لمعرفة ماالذي يريد أن يتحدث عنه بالضبط لذلك استدركت قائلة:
-بص لو الموضوع مهم زي ماهو باين كده ،ممكن نقعد شوية في أي كافيتريا عتد الجامعة في وقت استراحة
هدأ توتر محب قليلا بعد هذا الرد وقال لها في ود:
هو حاجة عايز أخد رأيك فيها ،بس حاجة مهمة بالنسبالي ،شكرا بجد يانرمين انك هاتخصصي شوية وقت عشاني
نرمين متسرعة :
-عادي يامحب احنا اخوات
محب بابتسامة متلعثمة:
-أكيد اكيد
اتفقوا على الوقت والمكان،وانطلق محب في طريقة وعقله يعصف عصفا ،هل فعلا سأخبرها؟ وكيف ؟ولماذا؟ إنه جنون.محض جنون ،ولكني أحتاج لذلك أحتاج أن أتكلم لأحد قبل أن تأتي اللحظة الحاسمة ،اللحظة الأخيرة وأختفي نهائيا والى الأبد
أنت تقرأ
مبعوث الزمن الأول
Fantasyجريمة بيع آثار تفتح الباب للعثور على بردية غامضة تهدد إرث الحضارة المصرية كله، بردية نابعة عن قصة حب بين شاب وفتاة ولكنها حتما قصة حب غير عادية