قبل ساعة..
رجل عجوز يتجول عبر مدينة حيزة، المدينة المزدهرة التي كانت تتلألأ بأنوارها المشعة. كانت الشمس تغرب في الأفق، ملونة السماء بألوانها الجميلة من الأحمر إلى الأسود القاتم، والنجوم تتلألأ في السماء المظلمة، والقمر يضيء الطريق بنوره الفضي.العجوز تجاوز الشوارع المزدحمة حتى وصل إلى أحد المناطق النائية في المدينة، حيث يقل فيها عدد الناس. فتح باب منزله الخشبي المهترئ وأغلقه خلفه بحرص. ثم بدأ بإزالة قطع ملابسه القديمة ووضعها جانبًا.
اشتعلت بعض الشموع على الأرفف المتهالكة ليضيء المكان الضيق. جلس العجوز على الأرض الباردة وبدأ في تناول وجبته المتواضعة. كان لديه قطعة خبز صغيرة ترافقها ببعض اللبن والتمر. احتسى اللبن ببطء وتناول قطعة الخبز بشهية.
فجأة، سمع صوتًا رجوليًا يتعالى من خلفه، صوتًا يحمل السلطة والثقة. التفت العجوز ليرى رجلاً طويلاً القامة يستند على الجدار المجاور. كان الرجل نحيل الجسد، ذو شعر كثيف وطويل يصل إلى كتفيه. نظراته الشيطانية حدقت بعيني العجوز، كأنه يقرأ أفكاره.
العجوز نظر إلى الرجل بتحفظ وثم توجه نحو طعامه وأكمل تناوله. "لقد تأخرت أيها العجوز"، قال الرجل الطويل القامة بصوتٍ قوي ومتسلط. رفع العجوز حاجبه بتساؤل ورد بهدوء، "لم أتأخر، أنت الذي لم تكن صبورًا، أليس كذلك؟"
تابع الرجل الآخر بنظراته الشياطينية الحادة، "ألم تجد ما أرسلتك للبحث عنه؟"، قال بصوتٍ متهكم. أجاب العجوز بسكوت لحظي، ثم استكمل بعدم اهتمام، "لم أجد شيئًا يستحق الإشارة، ولا تتحدث معي بهذا النبرة، أنا لست خادمًا عندك".
بينما تقدم الرجل الطويل القامة بخطوات ثابتة نحو العجوز، تصاعد التوتر بينهما. الهواء أصبح مشحونًا بالتوقعات والتهديدات المتبادلة. العجوز كان يمسك بقطعة الخبز المقطوعة بيده المتهالكة، محاولاً أن يقربها إلى فمه ليتناولها، وفجأة، سقطت القطعة من بين أصابعه المرتجفة. نظر العجوز إلى يده المقطوعة بصدمة، وشعر بألم حاد يتسلل إلى كل خلية في جسده. بدأ الدم ينزف بغزارة من الجرح العميق، وعبّر العجوز عن ألمه بصراخ هستيري يعبّر عن بائسيته وعجزه.وسط هذا المشهد المروع، زاد الشيطان في طغيانه وقوة استفزازه. "أتعتقد أنني بحاجة إليك؟"، صاح الرجل الشيطاني بصوت عالٍ ينبعث منه الاستهزاء. "أنت لا تمثل سوى بشريًا عابرًا، هل تعتقد حقًا أنني لا أستطيع العثور على بشر آخر يصبح أداتي؟"
تراجع الشيطان ببطء، وهو يستمتع بالمشهد المروع الذي يكاد يكون تحت سيطرته. وفي حين أن العجوز ما زال يصرخ من شدة الألم ويحاول بائسًا إيقاف نزيف الدم، فإن الشيطان يتقدم بثقة ويتجاوز حدود الحاجز البشري بوضع قدميه على نفس مستوى العجوز.
"يبدو أنني لن أحتاج إليك بعد الآن"، همس الشيطان بصوتٍ خبيث، مشيرًا إلى الغرور والاستكبار الذي يعتريه. تراقب عيناه المظلمتان بغموض العجوز المتألم.
...
في أزقة مدينة حيّة، تركض امرأة بتسارع، ترتدي شالًا يغطي رأسها ووجهها، مما يكشف عن عينيها فحسب. تتقدم تحت ضوء القمر الفضي المتلألئ، عن شخص ما.