«لِقاء»

236 18 3
                                    

𖤐𖤐𖤐

أجلسُ على كُرسي خشبي عالٍ وأمامي لَوحة
بَيضاء نِصفها فقَط الّذِي يسيطر عَليه الألوان

كنتُ جالسًا في نَفسِ الوَضعِ ليلة أمس عِندما وَصلتني رِسالة مِن أريجو يَدعوني لِعيدِ ميلاده مساء اليوم

فمُنذ ثلاثة أشهر، قليلًا ما أبرحُ مكاني في المَرسمِ الخَاص بِي، هُنا أجدُ دوائي، وشِفاء رَوحي

لفتَ انتباهي صوت كعب عال يضرَب أرضية
المَرسم بِخطواتٍ متزنةٍ مُتَجِهة نَحوي

علمتُ لِمَن تَنتَمي دون أن أكبدُ نَفسي عناء النظَر لِلتعَرُفِ عَلى صاحبتِها

تجاهلتُها أستأنفُ ما تبدَع فيه أناملي على ورقِ اللَوحةِ القابِعة أمامِي

"بحثتُ عَنكَ كَثيرًا وَفي النهايةِ أنتَ هُنا!"
تحدّثَت مُتعَجِبة لا مُتَساءِلَة، هَمهمتُ دونَ أن أردُ أو أنظرُ لَهَا

"بيكهيون، هَل لَديكَ مُشكلًا مَعي؟"
تَساءلَت هَذه المَرّة واضِعة كَفها فَوق كِتفي

"اناستازيا لستُ بِمزاج يَسمَحُ لِي بِالنقاشِ مَعكِ الآن، وأخبَرتُكِ قَبلًا؛ لا أحَبذُ أن يَلسمني أحد ما دونَ اذني"
تحدّثتُ باعِدًا كفها عَني ولا زال نَظري مُتَعلِق على اللَوحة، لأسمَعُ تَنهيدة هَرِبت مِن ثغرها

"بيكهيون، أنتَ مُتغَير الطبع مَعي مُنذ فَترة طَويلة!"
تحدّثَت بِأنفِعالٍ ولَكِن نَبرتها كانت هادِئة، أو بِمعنى أصّح يائِسة

"إذا كان هَذا ما تَرينهُ، فَاليَكُن إذًا"
تحدثّتُ أوجه نَظري لَهَا أخيرًا؛ تركتُ الفُرشاة جانبًا وخلعتُ قفازاتي ثُمّ المأزر الّذي أرتديه حتّي لا تلطخ الألوان ملابسي أضعهما جانب الفُرشاة

نهضتُ أسيرُ خارِج المَرسم، والّذِي يقبَع داخِل مَنزلي؛ هُناك غُرفة جانِب السُلم الّذِي يؤدي إلى الطابِق الثاني في المَنزِلِ تنزل لها سُلم مكون مِن ما يُقارِب خمسة درجات لِتصلَ لَهَا

جعَلتُ مِنها مَرسمًا لِي أقضي فيها مُعظمَ وَقتي، أو وَقتي بأكمله مُنذ ما يقارب الثلاثة أشهر، حتّى انني أباتُ فيها مُعظَم الأوقات

صعدتُ السُلم وأنا أخفِضُ رأسي بِسبب أن حائِط المدخَل لَيس مُرَتفع بقدرٍ يجعلني أخرجُ مِنه مُستقيمُ الجَسد

أصبحتُ في صالة المنزل ولم ألبث لحظة حتّي صعدتُ السُلم المؤدي لِلطابق الثاني حيثُ تكمن غُرفَتي

دلفتُ إليها أغلِقُ الباب ورائي؛ تنهدتُ ناظِرًا
إلى أرجاءِ الغُرفة، كَم باتت باهِتة وكَئيبة

Bliss In HellWhere stories live. Discover now