نقرت على هاتفي سريعاً وبحماسة قائلاً [ارجوكِ أخبريني من تكونين، أنني أتوق لرؤيتكِ ومعرفة من تكونين!]
قرأت رسالتي وانتظرت قليلاً قبل أن تكتب [لكل شيء له وقته، وهذا الوقت لم يحن بعد لتراني وتعرف من أكون] انزعجت من كلماتها، أنها تعرفني جيداً، وتعرف من أكون وأين اقطن وكل شيء تعرفه عني وفي المقابل لا أعرف عنها شيئاً سوى أسمها المستعار ألا وهو لمار. نقرت وكتبت بشيء من اليأس [ليس من العدل أن تعرفيني شخصياً وفي المقابل لا أعرفكِ!] قرأت الرسالة ثم بعد لحظات لم تعد متصلة. انها تتهرب كعادتها في محادثات كهذه. أغلقت الهاتف مستاءً. تمددت وفرقعت اصابعي لقد جلست في مقعدي مطولاً بسبب محادثتي مع لمار التي أتمنى ألا تنتهي سريعاً. نهضت من على الكرسي وأنا أحدق لساعة يدي. جيد المحاضرة التالية بعد نصف ساعة من الان. لم يكن أحدٍ في الفصل عداً خديجة الانطوائية والتي تنزوي وتظل لوحدها ولا تحتك بأحد ويغلبها الخجل دائماً. ذات شعر قصير ويميل للبني الداكن. مررت بجانبها قائلاً:
-لم ألحظ وجودكِ هنا اعذريني
قالت بشيء من الخجل:
-لا.. بأس، أنا كذلك لم الاحظ تواجدك هنا
يا لها من كذبة لا يمكن لأحد أن يصدقها. أنا كنت اجلس في مقدمة الفصل بينما هي تجلس في اخر الفصل لذا تستطيع رؤية الجميع من مكانها فحسب. فتحت فمي لأقول شيئاً كمجاملة لها، لكن فجأة دخل صديقي ناصر الذي قال بصوت مرتفع:
-هتان أسرع لقد وصلت هيفاء!
هيفاء! انزعجت واسرعت راكضاً نحوه. جذبته مع سترته وهمست بغضب له:
-أخفض صوتك لربما أحد هنا يسمعك!
أعتذر عن حماسته وطلب مني أن التقي هيفاء سريعاً قبل ان تبدأ المحاضرة التالية. رتبت شعري بأناملي وعدلت لباسي قليلاً وذهبت نحو المكان الذي تتواجد فيه هيفاء. لم أخبركم التفاصيل اعذروني. أنني في حقيقة الامر لستُ طالباً جامعياً أنما جاسوس. وكلني رئيسي لتجسس على خالد الذي يحمل منصباً مرموقاً ولديه نفوذ مخيفة. رؤسائي في العمل يشكون بأن خالد يخون البلاد ويقوم بتهريب بعض المعلومات المهمة لدول الأخرى. لا نستطيع إلقاء القبض عليه ألا بدليل قاطع فليست نفوذه هي ما تخيفنا من التقدم، بل الرأي العام هو ما نخاف منه. فهو محبوب لدى الشعب لذا علينا أثبات خيانته للبلاد والتوصل لأدلة قاطعة تثبت أدانته لهذا الأمر وكلوني لتتبعه ومراقبته ولأجل هذه المهمة طلبوا مني التقرب من ابنته الوحيدة هيفاء فهو الحل الأنسب لكيلاً يشك بي خالد ويفتضح أمرنا فهو ذكي للغاية لذا علي ان أكون حذراً.
خرجت نحو الساحة الخارجية وبدأت عيني تبحث عن هيفاء. وجدتها. ذات شعر طويل كالحرير، وعينان حادتان لكنهما رائعتان. كانت تجلس في أحد الكراسي الخارجية لوحدها وتتصفح كتاباً ما. سرت نحوها وألقيت عليها التحية. رمقتني بنظرة حادة. تجاهلتني وعادت تتصفح الكتاب الذي كان بين يديها. إنها حادة الطبع لهذا أنا أجد صعوبة في التمكن منها. جلست على مقربة منها ونظرت نحو السماء قائلاً:
-الجو جميل، أليس كذلك؟
رمقتني بنظرة انزعاج. حاولت تعديل مزاجها قائلاً:
-بالمناسبة ما الكتاب الذي تقرئينه؟ أنني مهتم في قراءة الكتب
-وأنا لستُ مهتمة بك!
نهضت وقالت بغضب:
-كف عن ملاحقتي!
عصرت يداي ببعضهما بغضب. من السهل اغواء الفتيات لكن هذه صعبة المراس. بالنسبة لي أن مهمة النيل من والدها أسهل من التقرب منها. وما هذا الكتاب الذي تقوم بقراءته اكاد اجزم بأنه كتاب لكيفية تصبح شخصية قاتلة كهتلر تماماً. اهتز هاتفي الذي وضعته في جيب بنطالي. اخرجته من جيبي ونظرت فاذا هو اشعار رسالة وبكل تأكيد من لمار. اسرعت وفتحت الهاتف فكان حقاً منها. فتحت الرسالة وقد كنت أتوق لمعرفة ما كتبته. قد قالت في رسالتها [أنني أخاف من أن ترفضني عندما تلقاني] لقد اخذت وقتاً طويلاً لكي تجيب على سؤالي، لكن قولها ذلك ليس صحيحاً أسرعت أقول لها [يستحيل أن أفعل ذلك بكِ، فأنا أحببتكِ بصدق وإخلاص وصدقيني سأطلب يدكِ لزواج فقط اعطي لحبناً فرصة] قلت كل شيء كنت أود قوله. لكنها فاجأتني بقولها في رسالتها [وماذا عن هيفاء؟] كلمتين كانتاً كافيتان لأخرس تماماً. لا يمكنني اخبارها بأنني جاسوس وأفعل ذلك لأجل الوطن. كما أنني لو اخبرتها فأنا هنا أخون الوطن. قلت لها بيأس لأن اجابتي غير كافية لتوضيح لها [لن تفهمي] أغلقت هاتفي ونهضت بحزم، فأنا عاقد وحازم لإنهاء الامر سريعاً فلكي تصبح لمار ملكاً لي علي أولا أن أتمكن من النيل من هيفاء وحينها سنكون سوياً ولا يوجد أحد يقف بيننا بعد الآن.
YOU ARE READING
الجاسوس هتان
Mystery / Thrillerيتم تعيين جاسوس لكشف مخططات خالد ولكي يصل لهذه المخططات عليه ان يوقع ابنته في غرامه