ما علاقة هيفاء بخديجة؟

85 2 0
                                    

ذهبت الى الفصل فعدة دقائق وتبدأ المحاضرة التالية. اسرعت بخطواتي فأنا ارغب بالجلوس بجانب هيفاء قبل أن يجلس أحد غيري بالقرب منها. وصلت وتفاجأت أن هيفاء تقترب نحو خديجة. جلست بالقرب منها فكانت المفاجأة الكبرى هي عندما همست هيفاء لخديجة ببعض الكلمات. تغيرت ملامح خديجة فنهضت غاضبة. هذه المرة الأولى التي أرى فيها خديجة غاضبة هكذا. قالت بغضب شديد وكانت توجه كلماتها نحو هيفاء بلهجة حادة:
-انتِ لا تفهمين شيئاً! انتِ تقومين بتدمير حياتي!
نهضت هيفاء وقد تلون وجهها وأصبحت رقيقة في حديثها معها وكأنها تنتقي الكلمات. كانت عيناها تتلألأ دموعاً فقالت بشيء من الحزن:
-خديجة أنني أفعل هذا لأجلكِ!
ما أن قالت هيفاء ذلك حتى قامت بصفعها بقوة. صفعة تردد صوتها في المكان. عمّ المكان الصمت وكأن الوقت توقف في هذه اللحظة. الجميع ينظرون نحوهما يتوقون لمعرفة ما ستفعله هيفاء بها وبكل تأكيد هي شخصية حازمة ولن تنهي هذه الحركة على خير. لكن المفاجأة لم تفعل هيفاء شيئاً. ربما هذه فرصة لأبهرها وأريها أن هنالك شاب يقف خلف ظهركِ ويعينكِ ويساعدكِ عند اللزوم. سرت نحوهما بخطى سريعة وأنا أقول متظاهراً الغضب:
-هيه يا ذات الشعر القصير ما الذي فعلته لتو؟
اندهشت خديجة مم قلته. ويحق لها ذلك. فمنذ قليل كنت طيباً معهاً والان فعلت عكس كل شيء. اكملت قائلاً متجاهلاً نظرات الدهشة التي ترمقني من كل الجهات:
-هل تظنين أن ما تفعلينه شيء مبهر؟ أخبريني مالي أراكِ لا تنطقين، هل اكل القط لسانكِ؟
ظل صوتي يرتفع أكثر وأكثر ولم تقل شيئاً وفجأة جذبتني هيفاء نحوها وصفعتني بقوة. اكاد أجزم اليكم بأن صفعة خديجة لا تُعد شيئاً أمامها. أمسكت سترتي بقوة وقلت بغضب شديد كما عهدته:
-أن اقتربت منها مرة أخرى سأبرحك ضرباً واجعلك تندم على تواجدك هنا!
دفعتني بعيداً وهي تقول:
-هذا ليس طلباً أنما تهديداً قد يودي بحياتك الكثير!
اخذت حقيبتها وجلست بعيداً عن خديجة. لا تحتاجون لمعرفة ماذا حدث بعد ذلك. فقد علت أصوات الضحك والسخرية. مما جعلت من كرامتي تتساوى مع الأرض. انه موقف لا احسده لأعدائي. عادت خديجة تجلس في مقعدها المعتاد. وعدت انا وجلست في المقدمة. جلس بالقرب مني صديقي ناصر الذي قال:
-ما الذي فعلته يا هتان؟
قلت بغضب:
-اصمت، فأنا لا احتاج لنصائحك
-قلت لك دع مهمة إغواء هيفاء لي ولم تصدقني!
نظرت نحوه وقلت بشيء من السخرية:
-منذ قليل كدت تقوم بفضحناً أمام خديجة. كما أنني لن استسلم بسهولة، وبما ان كرامتي تساوت مع الأرض اليوم لم يعد هنالك شيءٍ أخسره.
مرت المحاضرة ببطء شديد وكأنها أيام. كنت بين وقت إلى اخر انظر نحو هيفاء. فقد كانت عيناها حزينتان وتحاول اخفاء حزنها الذي مهما حاولت فهو واضح. سارت عيني نحو خديجة فإذا هي منطوية وقد خبأت وجهها بين ذراعيها. لم أتمكن من معرفة ماذا تشعر به في هذه اللحظة، ولكنني واثق بأنها لا تباعد الحزن الذي تشعر به هيفاء. ما سر العلاقة بينهما هل هما صديقتان؟ وأن كانا كذلك ما بهما لا تجلسان سوياً كما يفعل الأصدقاء مع بعضهم البعض؟ كنت اتوق لتنتهي المحاضرة سريعاً واتحدث مع هيفاء واطلب منها السماح وتغفر لي ذنبي الذي اقترفته. مرت الدقائق ببطء شديد حتى انتهى وقت المحاضرة وحان الوقت ليعود كل شخص الى منزله. حملت حقيبتي واعترضت طريق هيفاء قائلاً:
-أنا أسف لم أقصد ما قلته، لكنها كانت تتحدث معكِ بسوء!
دفعتني قائلة:
-وهل تظن بأنني لا أستطيع أن أدافع عن نفسي؟
معها حق فهي ليست قوية الشخصية فحسب، بل قوية جسدياً هذا ما لاحظته عندما صفعتني وجذبت سترتي. انها تتمتع بروح قتالية او بالأحرى تمارس رياضة ما. قلت معتذراً:
-أنا اسف، ولكن..
ابتعدت لم ترغب في سماع المزيد. كما أن الحزن كان بادياً على وجهها. خرج الجميع عداً خديجة التي كانت تضع رأسها على الطاولة. خشيت أن تكون نائمة ولم تسمع الجميع وهم يخرجون. اقتربت نحوها وهمست بشيء من الخجل:
-خديجة!
رفعت رأسها ونظرت نحوي. كانت أشد حزناً من هيفاء ربما لأنها ليست ذات شخصية حازمة كما هيفاء قالت وهي تضع حاجياتها في الحقيبة:
-أعلم!
وضعت يدي في جيب بنطالي وقلت:
-انا اسف لِما قلته لكِ اليوم فأنا..
نهضت فوضعت حقيبتها حول كتفيها وقالت:
-أنت مهتم بهيفاء ويحق لك أن تفعل ذلك، فلو كنت مكانك لفعلت ذات الشيء نفسه!
مشت بضع خطوات للأمام فتبعتها قائلاً:
-معكِ حق، لكني اعدك لن اكرر غلطتي هذه!
توقفت عن السير ونظرت ألي قائلة:
-هل أنت حقاً تحبها؟ أو تراها مجرد تسلية لأهدافك؟
بلعت ريقي بصعوبة. وقلت بتوتر:
-لا أنا فعلاً أحبها وأريدها زوجة لي! سأقسم لكِ إن أردتي ذلك!
لم تقل شيئاً فأكملت سيرها. لحقت بها قائلاً:
-ما رأيكِ أن نسير معاً نحو المنزل؟
-لا شكراً، فلدي سائقي الخاص
ابتعدت. يبدوا بأنني أنا من احتاج لسائق هنا! اقترب نحوي صديقي ناصر الذي قال:
-هل جننت هل تحاول إغواء خديجة بدلاً من هيفاء؟
قلت منزعجاً:
-ألم يجدوا مساعداً لي غيرك!
فكرت قليلاً ثم قلت:
-اسمع يا ناصر أخبر رجالنا بما حدث اليوم، وخصوصاً اهتمام هيفاء بخديجة فعلاقتهم ليست مجرد علاقة عادية!
أومأ ناصر رأسه بالإيجاب فذهب لإبلاغهم بالأمر والمهم هو أن يتحروا ويراقبوا تحركات خديجة، أما أنا فذهبت نحو منزل هيفاء لأكمل الاعتذار وفي الحقيقة لكي أصل لمبتغاي سريعاً. علي أن أكشف خيانة خالد بأسرع وقت.

الجاسوس هتانWhere stories live. Discover now