حل اليوم التالي وأنا لم أحرز تقدماً بعد. ذهبت مبكراً نحو الجامعة على غير العادة. وبقيت في الفصل أنتظر قدوم خديجة قبيل وصول هيفاء فلو رأتني معها لربما تفتعل المشاكل وتزداد بعداً عني وربما تنمحي محاولاتي ولا مجال لإصلاح العلاقات. دخلت خديجة الفصل فاعترضت طريقهاً قائلاً:
-ما الذي تحاولين قوله للمار؟
اندهشت فقالت متسائلة:
-من هي لمار؟ وما الذي تحاول قوله؟
أمسكت كتفيها بيدي بقوة قائلاً:
-أنا اعرف انكِ تقطنين بالقرب من منزل هيفاء ولا عجب بأنكِ تخبرين لمار عمّ يدور بيننا!
ابعدت يداي قائلة:
-ما الذي ترمي اليه ومن هي لمار هذه؟ ولمَ لا تشك بهيفاء بدلاً من إلقاء اللوم علي!
كانت محقة فأنا ايضاً طلبت الزواج من هيفاء! اشعر بإني لستُ جاسوساً انما مجرد شخص كل الاعين تنظر اليه. ابتعدت قائلة:
-ما خطبك! تعتذر وتعود لافتعال المشاكل مرة اخرى!
قلت متداركاً خطأي:
-انا اعتذر حقاً! فلمار تعني لي كل شيء ولن أسمح لأي شخص أن يفرقنا مهما كان السبب!
وضعت حقيبتها الطاولة وقالت متسائلة:
-أذن لماذا تحب هيفاء وترغب الزواج منها أن كانت لمار تعني لك كل شيء؟
ادرت مقبض الباب قائلاً:
-لن تفهمي!
خرجت فإذا ناصر يلوح لي. انه يخبرني بقدوم هيفاء يا له من غبي. صحيح انه لم يصرخ بتواجدها لكن تلويحه يديه تفضحنا أكثر. فربما والد هيفاء قد وضع بعضاً من رجاله في الجامعة ليراقبوا ما يحدث لابنته. سرت مسرعاً نحو المكان الذي تجلس فيه هيفاء فوجدتها تتصفح كتاباً كما جرت العادة. اسرعت نحوها وقلت سريعاً:
-ليس من الجيد أن تقومي بطردي هكذا دون أن ترفضي او تقبلي عرضي! مع أنني لا انصحكِ بالرفض لأنني لن استسلم وسأهين نفسي كثيراً
اغلقت الكتاب ونظرت نحو الفراغ ثم قالت:
-اثبت لي صدق حبك!
جلست على مقربة منها وأنا أقول:
-لقد كدت على وشك صفع خديجة لأجلكِ!
صاحت بوجهي قائلة:
-هذا ليس اثباتاً أنما حماقة!
-أعتذر، لكن أستطيع ان افعل مثل ما فعلته مع خديجة مع أشخاص اخرين عدا خديجة نفسها، فقد يبدوا لي أنك تحبينها أكثر مني!
-أنني لا اعتبرك شيئاً من الاساس، انت كبقية الرجال يتوددون للفتيات لأجل مصالحهم الخاصة!
انها محقة لكنني اختلف عنهم فانا لا ابحث عن مصلحتي انما مصلحة البلاد.
-أخبرني يا هتان لماذا احببتني؟
لم أكن مستعداً لسؤال كهذا ألا مع لمار لذا تخيلتها لمار وقلت:
-لم أجد الحب ألا معكِ وأنا مستعد لفعل الكثير لأجلكِ، فقد بادليني الحب وسأريكِ صدقي!
أكره نفسي عندما اقوم بكسر والتلاعب بمشاعر الاخرين لكن مهنتي تتطلب علي وضع المشاعر بعيداً والعبث بالمشاعر فهي السلاح الخطير لا العنف فحسب.
-أذن عليكِ ان تدعوني إلى وجبة العشاء اليوم وحينها ربما ابادلك مثل الشعور!
-حسناً انا موافق
وضعت الكتاب في حقيبتها وقالت:
-أنا لا أحب التجمعات والأماكن التي يتواجد بها الناس بكثرة فلنذهب إلى تناول الطعام في منزلك!
-لكِ هذا!
نهضناً سوياً لذهاب نحو الفصل حينها قلت:
-هل لي بسؤالكِ؟
أومأت رأسها بالإيجاب فقلت:
-فتاة مثلكِ تعيش في قصر الأحلام وكل ما تحلم به يحصل لها بلمحة بصر، وفي المقابل لا أراكِ سعيدة!
نظرت نحوي بحزن ثم قالت:
-السعادة ليست مرتبطة بالمال أنما بالمشاعر، وأنا لم أجد تلك المشاعر ألا مع شخص واحد واشعر بأنني سأخسره قريباً!
-من هذا الشخص يا ترى؟
تجاهلتني فقلت مازحاً:
-هل تقصدين بذلك الشخص أنا؟
ابتسمت لقد رأيت ذلك. ظللت طوال المحاضرة سعيداً أشعر بأنني اقترب من هدفي. جلست بالقرب منها ولم ترفض تواجدي معها. فغمرتني السعادة أكثر. لكن هيفاء لم تكن سعيدة. وبين لحظة وأخرى تنظر نحو خديجة التي كانت تخبئ رأسها بين ذراعيها ولا تنتبه لِما يتم شرحه من الإساس. ما الذي يحدث بين الاثنتين يا ترى؟ لم يعد الامر يهمني الان المهم هو النيل من هيفاء. انتهى الوقت وحان موعد الانصراف. قالت هيفاء بعدما خرج الجميع:
-هلاً تركتني قليلاً مع خديجة ارغب في الحديث معها على انفراد
لم اعترض وغادرت الفصل. حاولت استرق السمع لكن لم اسمع شيئاً، يبدوا انهما كانتا يهمسان لبعضهماً. علت الأصوات بشكل مفاجئ. تمكنت من سماع هيفاء تقول:
-خديجة أنتِ لا تفهمين شيئاً لمَ صعب عليكِ تصديقي؟
قالت خديجة ومن نبرة صوتها لاحظت انها كانت تبكي:
-غادري فوراً فأنا لا ارغب في سماع المزيد!
أدركت هيفاء ان صوتهما أصبح عالياً. اقتربت خطوات هيفاء فتظاهرت بانشغالي بهاتفي على الرغم من ارتفاع الأصوات. قالت فورا خروجها:
-هيا بنا!
اختلست النظر نحو خديجة فإذا بها تبكي بحرقة. يا ألهي ما الذي عساه يحدث بينهما! لستُ مجبراً لأعرف ما يدور بينهما لكنه الفضول يجعل الشخص راغباً في معرفة اشياء لا تخصه ولا تعنيه!
ذهبنا سوياً نحو المنزل ولم تتحدث هيفاء كثيراً معي، فقد كانت منشغلة البال. وصلنا الى المنزل وأعددت كوبان من القهوة الساخنة. مددت لها الكوب وأنا اقول بشيء من اليأس:
-كيف تودين ان تبادليني مثل الشعور وأنتِ منشغلة البال هكذا؟
-اعذرني يا هتان فالأمر ليس بيدي!
سألتها قائلاً:
-هل بسبب خديجة؟
ازادت عينيها حدة، انها لا ترغب مني أن اتحدث عن خديجة بأي شكل من الأشكال. قالت:
-لا شيء سأكون بخير بعد لحظات! هلاً احضرت لي كأساً من الماء بدلاً من حديثك الذي لا معنى له!
-على رسلكِ الناس لا يتحدثون هكذا اطلاقاً!
لا تغضب سريعاً انها بكل تأكيد طفلة مدللة. ذهبت وأحضرت لها كأساً من الماء البارد وحرصت ان يكون شديد البرودة لكي ينطفئ غضبها الذي أجهل سببه. اعطيتها كأس الماء وشربته سريعاً. ارتشفت أنا بدوري كوب قهوتي ثم قالت بانزعاج شديد:
-ان المياه بارده جداً!
قلت وكلي ثقة:
-لقد تعمدت فعل ذلك
-وانا لا أحب المياه شديدة البرودة!
وضعت الكأس جانباً قائلة:
-أنا راحلة!
وضعت كوب قهوتي قائلاً:
-ماذا عن الطعام لم نتناول شيئاً؟
-أكل ما يهمك هو معدتك؟
غادرت. يا لها من فتاة غريبة الأطوار أبهذه السهولة تغضب؟ لا الوم خديجة عندما صفعتها! غلبني النعاس ونمت في مكاني تمتمت قائلاً:
-من الجيد أنها غادرت فغداً سأدعوها على وجبة العشاء وسأنال منها.
غططت في نوم عميق ولم استيقظ ألا على اتصال من رقم غريب. اجبت قائلاً وأنا افرك عيناي:
-من المتصل؟
-أنا أدعوك على وجبة الغداء اليوم في منزلي فأنت سيء في الضيافة!
اغلق الخط. الصوت صوت هيفاء لكن كيف وجدت رقمي؟ يبدوا بأنها مدللة للغاية وتستطيع ان تصل الى بياناتي الجامعية بكل سهولة واريحيه. فلو كانت محترفة وتعاون والدها لاتصلت على رقم هاتفي الأخر والذي يحمل جميع البيانات المهمة!
وجدت أشعار من لمار فسارعت لفتح رسالتها [خديجة لا علاقة لها بما عرفته عنك! وكف عن العبث معي] نقرت على الهاتف وارسلت لها قائلاً [لمار سأخبرك بالحقيقة لكن انتظري عودتي في المساء وسأخبرك حقيقة مشاعري تجاه هيفاء، لكن صدقيني مشاعري تجاهك حقيقة!] قالت وقد لاحظت يأسها في رسالتها [آمل ذلك، سأكون في انتظارك كن صادقاً معي ارجوك] ابتسمت. هي تعطيني فرص كثيرة لتبرير ولا تتجاهلني قط. ارتديت أجمل ثيابي، وصففت شعري واخذت بعض المعدات عند الشعور بالخطر مثلما فعلت في زيارتي الاولى لمنزلها. وصلت الى منزلها وهذه المرة تعامل الحارس معي بود يبدوا ان هيفاء اخبرتهم ألا يبرحوا زوجها المستقبلي ضرباً. دخلت المنزل فاستقبلتني الخادمة التي قالت:
-اهلاً بك يا سيدي تفضل بالدخول
دخلت ولا زلت ادرس المكان في عيني حينها قالت الخادمة:
-سيدتي هيفاء ستنزل في أية لحظة فلتنتظر هنا ريثما تأتي.
غادرت وعندما شعرت بخلو المكان من الاشخاص. اسرعت نحو مكتب والدها. ابحث عن اي شيء يقودني إلى خيانته وبالفعل وجدت الأوراق سريعاً، لكن خالد ليس بهذا الغباء ليضع اوراقاً مهمة كهذه هنا؟
-ما الذي تفعله عندك؟
وضعت الورق خلف يداي وإذا بها هيفاء تتسأل عن وجودي في مكتبة والدها. وضعت الورق أسفل بنطالي وانا اقول:
-في الحقيقة أنني معجب في الكتب ورغبت في قراءة بعضاً منها ريثما تأتين
-الكتب خلفك!
قلت سريعاً:
-بالطبع خلفي لكنني معجب بمكتب والدك وارغب بشراء واحد مثله، كم هو ثمنه؟ اعتقد بانه أغلى من منزلي كله، اليس كذلك؟
لماذا لا توقفني انني اتحدث بشكل غبي. توقفت عن الحديث. المفاجأة الكبرى كانت عندما رأيت خالد يقف على الدرج ويرمقني بنظراته الخبيثة وكان يبتسم هل وقعت بفخه؟
YOU ARE READING
الجاسوس هتان
Mystery / Thrillerيتم تعيين جاسوس لكشف مخططات خالد ولكي يصل لهذه المخططات عليه ان يوقع ابنته في غرامه