- دعاء -
في أحَدِ الأيامِ المُشمِسة حَيث غابَت السُحب المُحمّلة بالغيَثِ عَن فَضائي الباهِت رحتُ أحفُر أرضَ مَسكني باحثةً عَن نَبتةٍ تُجالسُني وتَمسحُ على ظهَري المكسور بأوراقِها وزهوُرِها الملونة حَتّى تَملَكني الأسى وتربَّعَ البؤسُ على ملامِحي بسلطةٍ لَم تَستطِع شحاريرُ السَماء إنتزاعُها وفرش البَهجةِ على مَلمَحي الكَئيب
فأرتحلتُ عَن أرضي الجَدباء عازِمةً عَلى البَحثِ مُجدداً في رياضِ الدُنيا عَن مَن يسقيني بالرذاذِ وَ الوَدق.
وخِلال مسيري الطَويل المُمتلِئ بالأشواكِ والأشجارِ السَامة أبصرتُ في أرضٍ بَعيدة شَجرة كبيرة الأوراق واسِعةُ الظِلّ مُختلفةُ المَنظر عَن بَقيةِ الأشجار قُربَها، فالبقعةُ التي تُظلِلُها أضاءَت بلونٍ أحمرٍ بَهيّ لافت للأنظارِ
فَحدّثتُ نفسي المُترددة مِن الخَطو وإكمال الطريق المُتعِب« أوليسَ عليَّ الإقتراب لإستبيانِ سبَبَ نورِها الساطِع الذي لَوّن السَماء أعلاها وأنارَ البقعة أسفَلِها؟».
وبقوَتي المُتبقية سِرتُ نحوَها بقدمان مرتعِشتان كأغصانٍ يابِسة، فلاحَ أمام بَصري الشجرةُ العَظيمة بأوراقِها الخَضراء وأزهارِها الملونة بألوانِ الحياة المُنعِشة
تَنهلُ بعطفِها وكرَمِها على الحِجارة الحمراء النَفيسة أرضاً حولِها كحباتِ رُمانٍ صَغيرة يزدادُ نورَها وسطوعَ إحمرارِها بإزديادِ حُبّ وَعطف الشجرة المِعطاء عليهُم في هذه البُقعة المخضرّة.فَماثلتُ تلكَ الأحجار النادِرة وجلست أرضاً أستمِعُ لحكايةِ الشجرةِ العَطوف والتي سُميَت ~ليلاس~ كانَت تروي لَنا قِصة الفتاة <أورورا> وماخاضتهُ مَع منعطفاتِ القَدر لتجتمعَ مَع <آيدِن> تحتَ سقفٍ واحِد وماصاحبهما مِن ألغازٍ مشوقة دَفعت الحَماس لعروقي فنبضَت مُتّقِدة مُطالبةً بالمَزيد والمَزيد، فرأيتُ كَيفَ جُرِحَت أورورا مِن أقربِ البشرِ لفؤادِها وتماسَكت بواقعيةٍ أردتُ رؤيَتَها بِشدّة، وَكيف قَدمت المواساة لشخصياتٍ كَثيرة وقدموا لها بالمُقابِل العطف والأمان لطمأَنة ندوب فؤادِها المُهتاجة في داخِل هَذه الحكاية المُثيرة إلّا أنَّ هذه الكَلِمات كانَت تَنبعِث نحوَ صدري الفارِغ وتملؤُه بالأمَلِ والإطمئِنان
شَخصيةٌ تِلوَ الأخرى، حوارٌ يَتبعُ الآخر وَمشهدٍ وآخَر يلَحقُه أستطاعَت تلكَ الأوراق التسلُل والطَبطبة عَلى ظهري المُنحني بإجهَاد وَوضعَت الزهور ضماداتُ الحُبّ الملونة خاصتها على خدوش يَدي
، وكَلِمةٌ تَتبع رفيقَتها تَسربوا لدواخِل روحي يصبّونَ عقاراتِهم في نَفسي فأشتدَّ عودي وإضمحلت خدوشي ولمَعَت الحياة بأشِعَتها في مُقلتايّ مُجدداً، وأبتَسمتُ مدركةً أني وَجدتُ الوَطن الحَقيقيّ أخيراً.أتودين ياشجرةَ الرُّمان خاصتِي أن أروي لَكِ عَن الليالي الدهماء التي قضيتُها أتسامر مَع حكاياتَكِ وأفكارَكِ النَبيلة؟ أو أحدِّثَكِ عَن عددِ المرات التي سَقطَ الندى على وجنتايّ عندَما لامَستني كلِماتُك وأزهرَت في نَفسي دِفئاً وَ مودّة؟ أم ترغبينَ مَعرِفة كَيف أينَعت مشاعر الأمنيات القديمة في روحي عندَما جَلستُ بِسَكينَةٍ أستشعرُ معاني حِوارات أورورا وآيدِن.... أورورا وَرين.... أورورا وأنا!.
أكانَت أورورا مَن تواسيهم بكلماتِها أم كانَت ليلاس مَن تزرع الحبّ في كلماتِها؟.
لَن أطيلَ عليكِ ياشجرةَ الحبّ والبهجة خاصتي فَلم أودّ إلا سقايَتكِ بقليلٍ مِن مَشاعر الأتاراكسيا التي خُضتَها مَع هذه الحكاية النَقيّة والتي حَملت رسائِلاً هادِفة أنارَت دربي وبصيرَتي.
أدعو الله أن تجربي جمالَ المشاعِر التي مَنحتيها لَنا، لحبّاتِ الرّمانِ خاصَتك، مَن سيشكلونَ لَكِ الدرعَ الآمِن الصامِد،، مَن سيسقونَكِ بالأمطار المُنعِشة وسيغذونَكِ بالكلماتِ اللطيفة كَلطافتكِ التي تسكبينها على قلوبنا الفَتيّة.
كُلّ الحُبّ والإمتنان لَكِ ليلاس.