حملت حقيبتها و توجهت بخطاها نحو سيارة زوج أمها، أزالت لافتتها و رمت حقيبتها داخلها، ركبت،أدارت المحرك ثم شغلت جهاز تحديد المواقع"ملهى بارانويا ... ياللخزي، أخ بكر طائش.."
خامس مرة على التوالي و بسبب الموضوع عينه تتغلل داخلي مشاعر مختلطة، مزيج من الخيبة و الحقد المدسوس بين خيوط الغضب ، لكن لا يمكنني التراجع الآن، لم أفهم قط أحاسيسي هذه، كانت و لاتزال غامضة بالنسبة لي. غالبا في سن الخامسة كنت أشعر بالخوف، السعادة. الثامنة أتت مصحوبة بالاكتئاب و الحزن العميق. العاشرة، بدأت جزيئات الغضب تتجذر بين أوردتي، و قد عملت على كبح جماحها، و نجحت في ذلك. إلى حين وصولي إلى الخامسة عشر، كانت كل تلك المشاعر المكتومة و المكبوتة، تخرج بأبشع الطرق، بطرق اِنفعالية، طرق تفوق التصور. كنت شخصية عدوانية، ليس تماما لكنني لا أنكر أني كنت فعلا، كان أكثر الانسان قمتا إلى قلبي هي والدتي، علمت وقتها معنى أن يحقد الانسان على الرحم الذي أخرجه لهذا العالم، و كنت أقول في نفسي، حتى الدواب تخرج من أرحامها صغارها، هذا ليس عذرا حتى أحبها، إنما هي خلقت لذلك، فكر ذكوري نوعا ما، لكني لم أكن أعنيه من تلك الناحية، عدوانيتي هذه لم تتوقف عند والدتي بل حتى أشقائي أحيانا، رغم حبي لهم و استعدادي التام لأكل لحم من يمسهم بريشة ضرر نيئا، إلا أن ما كان يحدث في الطفولة جعلني آخذ نظرة بسيطة على العالم، شيء مثيل كسرنا لإصيص زهور غالي الثمن ، كنا كلنا مذنبين، من أصغرنا إلى أكبرنا، و من أعقلنا إلى أقلنا فقها بالوضع، لاحظت وقتها أن كل واحد من أشقائي استثناء ماثيو حاول التملص من الجريمة و كلهم أقروا أن ماثيو هو الفاعل في حضور والدتي لعدم قدرته على النطق جراء إعاقته الذهنية آنذاك، لاحظت كيف أن الجنس البشري لا يهمه سوى نفسه، لكنه ينزعج حينما يراك تتصرف كبشري على الرغم من أنه مستعد بأن يأتي بنفس الخلق!
لعلها ليست عدوانية كما يعتقد البعض، مجرد مشاعر تائهة ، لا تدري أين تتفرغ. و لو كنت حقا كما تقول والدتي و زوجها، لا يهمني سوى نفسي ، ما كنت لأبحث عن أشقائي واحدا تلو الآخر حتى لا نتوه في البقاع و لا يعلم أحدنا مقر دمه، و ننتقل جميعا لإحدى الأحياء الشعبية . لو كنت متغطرسة لفررت بنفسي، لكن لا، أشقائي كانوا جزءا مني، الدم نفسه يجري بين أوردتنا، الرحم نفسه حملنا لنفس المدة، البيت نفسه احتضننا لسنين و الوالد نفسه تقاسم معنا جيناته.
رؤية الدموع تبلل البشرة الشاحبة لتلك التي تكاد تنام بين أحضان آلكس و القلق الطاغي على ملامح هذا الأخير لم تدع النوم يدق بابي تلك الليلة. نمنا ليلتها على صفائح القزدير، لا يوجد تفسير آخر لسبب استيقاظنا بظهور الجمال من شدة الألم.
خلافا على حالتي الصحية ، استطعت تمضية معظم اليوم بمعدة خاوية، لا أدري كيف حال آلكس، منذ أن نام ثملا بالأمس لم يفتح له جفن، أتذكر أني وجدت بطاقة عمل على طاولته في النادي، سألته عن مصدرها، تمتم بهدوء "صاحب نظرة الغراب" "غراب؟" سألت "نظرته لا تنذر سوى بالشؤم".
لم أنوي استجوابه أكثر، يكفيني ما تلقته عظامي من سقوط و ارتطام بتلك المائدة الكريستالية كمحاولة مني لحمله، أحيانا يخيل لي أني أنا الكبرى، من يدري ربما أنا كذلك، على العموم يجب علي معرفة مصدر تلك البطاقة و كذا ايجاد عمل لي.
أنت تقرأ
ساتيريازيس : بين أحضان زانٍ || 𝐒𝐀𝐓𝐘𝐑𝐈𝐀𝐒𝐈𝐒
Fanfiction𝐊𝐈𝐌 𝐕 || +𝟏𝟖 أخبرتني صديقتي الكاثوليكية مرة عن طقوسهم للصلاة في الكنيسة: "جرت العادة ان ندخل للكنيسة ونضيء شمعة أمام أيقونة قديس من القديسين، المسألة ليست مجرد شمعة، إنما لها معنى ورموز ودلالات، أي نتذكر أن هذا القديس كان نورًا لمن حوله من الن...