تجربة الأداء

537 24 14
                                    

تعالت أصوات الأبواق الملكية ، معلنة عودة الأمير "كامرون" من رحلته التي استغرقت ٨ أشهر لدراسة التاريخ ، كانت كل فتيات المملكة معجبات به ويرغبن بالزواج منه .. لا عجب في ذلك ؛ كان كامرون شاب طويل القامة ذا وجه وسيم وشعر ذهبي ساحر وذو خلقٍ حسن ، كانت المملكة تستعد لهذه المناسبة الكبيرة منذ شهرين فكان الطهاة يستعدون لها بتجهيز مكونات الأطباق ؛ لأن تجهيز الاطباق أمر شاق يتطلب الترحال لجمع المكونات الطازجة و اللذيذة اللتي يجب أن تنال إعجاب العائلة الملكية ، و كان منسقوا الموائد ايضاً منهكون في ترتيب و تنسيق موائد الطعام والشراب ، وتجهيز الأزهار ، فكما يعلم كل من في القصر أن الامير كامرون يحب الأزهار كثيرًا ، فكان يجب عليهم تزيين الطاولات و المقاعد بالزهور الزاهية الملونة .

كانت الفرقة المسرحية الملكية هي أول من استعد لهذة المناسبة المهمة ، كانت الفرقة تتكون من ١٥٠ شخص يتراوحون بين ممثلين وكُتّاب ومنسقين ومصممو الديكور والأزياء و الأضاءة و الرقصات وغيرها ، ورئيس هذه الفرقة ويدعى بالسيد "آلبرت" ، إن أهم صفة يتميز بها السيد "آلبرت" هي صرامته و شخصيته القوية وهو شخص يبلغ ال٦٠ من عمره ، لايعجبه أي شيء ولا يكترث لمشاعر الآخرين فهو دائماً يجرح أعضاء الفريق بكلامه الجارح المهين ، ففي اليوم الذي يسبق يوم قدوم الأمير "كامرون" ، كانت الفرقة تتدرب على المسرحية التي ستُعرض في اليوم المٌنتظر ، وبينما كان الممثلون يُؤدون المسرحية، صرخ السيد "ألبرت " قائلاً " "كولن" ألم تجرب البكاء من قبل ، أهذا بكاء شخص فقد زوجته وولده في يوم واحد وحُكم عليه بالإعدام ؟!"." كولن" هذا رجل سمين تكاد تقسم على انه لايمتلك رقبة من شدة سمنة وجهه وهو شخص جبان و خسيس ، اجاب "كولن" : "اه اسف سيدي ، سأجرب مرة أخرى ", أردف السيد "ألبرت" قائلاً : "فليساعدني الرب على تحمل سذاجتكم وفقركم للحس الفني "، أعاد "كولن"تمثيل فقرته فكان كل ماأضافة هو الصراخ الذي يصم الأذان ، " آه ياإلاهي ماذا فعلتُ لكي أعاقب بهذا الشكل الفضيع ، حقاً ان هذه الدنيا عجوز شمطاء كما يُقال عنها " رد "كاسبر" الذي يُمثل دور الضابط بصوت عالاً ، قوي و مهيب:"هذا مايستحقه كل من يجرؤ على عصيان أوامر الملك ، خذوه يارجال من أمامي ان مجرد النظر إليه يؤذي عيني ! " .

صرخ السيد "ألبرت" معجباً بآداء كاسبر "هذا ماكنت انتظره !، كاسبر فتاي العزيز انه لمن الظلم ان تمثل مع هؤلاء الحثالة ، الذين لايُجيدون سوى تناول الطعام ونقل الأخبار"، برزت اسنان كاسبر البيضاء خلف ابتسامته الجميلة التي تنم عن الرضا بكلام السيد "ألبرت". كان كاسبر شاب وسيم ذو مظهر حسن فكان يهتم بملبسه كثيراً فدائما مايبذر امواله في شراء الملابس الجميلة التي ترفع من ثقته بنفسه فهو شخص معجب بذاته كثيراً ، وهذا كان يُثير الحقد و الكره من زملائه له ومايزيد كرههم له هو انه الممثل المفضل لدى السيد "ألبرت".

صفق السيد "ألبرت "بيديه معلناً انتهاء المسرحية ، ركضت فتاة نحيلة نحو السيد "ألبرت" واردفت قائلة :"سيدي ، هناك مشكلة ! إن السلاسل الحديدية التي طلبتها لم ينتهي الحداد من صنعها بعد " كانت الفتاة خائفة وترتجف ،صرخ السيد "ألبرت" في وجهها "ماذا تنتظرين أيتها الحمقاء القبيحة إذهبي لهذا الحداد الفاسق وقولي له انني سأشتكي له عند الملك ليضعه في السجن ان تأخر في تجهيز هذه السلاسل اللعينة !" ردت الفتاة على كلامه قائلة وبصوت حزين وبعيون واهنة توشك على البكاء :"حاضر ، حاضر سيدي " انطلقت الفتاة المسكينة استجابة لأمر السيد العجوز.

نادى السيد "ألبرت" : "بريت تعال إلى هنا أيها الصغير القذر" ، أسرع المدعو بريت لنداء سيده ، و بريت هذا فتى ضئيل الحجم وهو المسؤول عن احضار الطعام والشراب للسيد "ألبرت" اردف السيد "ألبرت" قائلاً :"اه يا بريت كم مرة يجب على قول هذا ، ألم أخبرك من قبل انني لا أحب عصير البرتقال مع اللب ؟!" ، امسك السيد "ألبرت " ب "بريت" مع اذنه وأخذ يفركها بقوة حتى احمرت . أطلق السيد"ألبرت" سراح بريت المثير للشفقة ، بعد ذلك نهض السيد من على مقعده و أخذ يتجول حول المكان ويفحص ببصره خشبة المسرح وستارتها غيره من الأشياء الهامة بالنسبة له.

مملكة التُعساءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن