الملك و الأحمق

206 15 11
                                    

     وقف السيد "ألبرت" خلف الكواليس يراقب سير الأحداث وهو في أوج حماسه و عيناه تكاد تخرج من مقلتيها من شدة تركيزه على مايجري في المسرح .

     لعلك عزيزي القارئ تعتقد بأن محتوى المسرحية "تراجيدي" عندما سردت عليك ماحدث في تجربة الأداء ولكن ذلك لم يكن سوى جزء بسيط من نصه الكوميدي ! ، أجل لقد كانت مسرحية " الملك و الأحمق" ذات طابع هزلي التي كانت إحدى كتابات السيد "ألبرت" المميزة .

      إن عمل السيد "ألبرت" ليس سهلاً أبداً كما يظنُ الكثير من الناس بل على العكس فهو يعمل مخرجاً ومُؤلفاً في الوقت ذاته وهذا يدل على موهِبة السيد "ألبرت" الكبيرة ، دعني أذكر لك بعض من مهامه ، فمثلاً أختيار الممثلين وهو أول عمل يقوم به بعد انتهائه من كتابة النص فاختيار الممثلين ليس بالأمر الهّين فهناك عوامل تحدد اختيار الممثلين الذين سيشتركون في العرض فقد تتطلب بعض الأدوار سمات جسمانية وصوتية معينة كما أن حيز الدور العاطفي يجب أن يؤخذ في الحسبان . و يحاول السيد "ألبرت" تصور الدور بعلاقته بالأدوار الأخرى في المسرحية وذلك حتى يخلق فريقاً متجانساً في أدائه.

      وايضاً يجب على السيد "ألبرت" أن يبحث عن تفسير المسرحية مع مصممي الديكور و الأزياء و الإضاءة وعليه أن يتأكد بأن الملابس و الديكورات عَملية حتى لاتعيق حركة الممثلين على خشبة المسرح.

       كما يجب عليه أن يتأكد من أن تصميمات الملابس و الديكور تناسب الأحداث والحالة النفسية و الموضوع و الأشخاص والفترة الزمنية التي كٌتبت فيها المسرحية. والذي ذكرته لك عزيزي القارئ ماهو الا جزء بسيط من مهام السيد "آلبرت" العظمية.

        كان أداء الممثلين متجانس وسردهم للأحداث كان جميلاً ومضحكاً جداً فبين الحين و الآخر تسمع ضحكات الجمهور الرنانة إما من بعض حركات الممثلين أو من حواراتهم الكوميدية وهذا يزيد من فرح السيد "ألبرت" ، كما أنه يلوح للممثلين و يشجعهم ويُثني عليهم بلغة الإشارة كي يزداد حماسهم في التمثيل .

        انتهت المسرحية بوقوف جميع الممثلين في صف واحد كي يشكروا الجمهور على متابعتهم وحسن استماعهم للعرض تبع ذلك تصفيق حاد وتصفير من الجمهور ، أُسدلت الستائر وأُضيء المسرح الكبير وأخذ الجمهور يكررون بعد اللقطات المضحكة التي عرضت على المسرح و يبدون اعجابهم بالعرض ويطلقون النكات هنا وهناك .

         توجه السيد "ألبرت" ومعه بعض من أعضاء الفريق ل مقصورة الملك كي يلقو عليه التحية. صرخ الملك مُرحباً بقدوم السيد "ألبرت" : "ألبرت ، ألبرت أيها العظيم تعال إلى هنا " تقدم "ألبرت" للملك ، عانق الملك ألبرت بقوة بعدها أكمل الملك حديثه :"كنت أقول لزملائي في المقصورة قبل أن تأتي بأنك لم تخذلني قط و أنه يزداد اعجابي بك يوماً بعد يوم ، و ايضاً لقد فاجئتني بمحتوى المسرحية فليس من عادتك عرض أمور مضحكة على خشبة المسرح " تبع ذلك ضحكة قصيرة من الملك . احمر وجه السيد "ألبرت" لقاء هذا المديح وأردف قائلاً : "مولاي ، يسعدني أن العرض أعجبك ، أردت أن أجعل الأمير يضحك بدل أن يبكي ". أمسك الملك بالسيد ألبرت وقال :"أريد أن أبكي في المرة القادمة".

         عاد السيد "ألبرت" الى كواليس المسرح عندما دلف الى المكان أقبل فريقه إليه يُهنئونه على النجاح الهائل التي حققته المسرحية ، وكل مافعله هو رفع رأسه بخيلاء وترديد جملة الملك و الأحمق بألحان مختلفة "الملك و الأحمق ، الملك و الأحمق" تبعها ضحكة غرور تثير الأشمئزاز .

مملكة التُعساءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن