٠٢: رسالتي الثانية.

15 1 54
                                    

هيونغوون الأعزُّ للقلب؛ كيف احتَال عليكَ الحال؛ وآل بك المآل؟

مرّ وقتٌ طويل، الكثير من الأيّام، تَتار من السّاعات، وجيُوشُ ثوانٍ.. وأنت.
قد لا تكون سُوى بِضعة أشهر مرّت، ولكنّك مَررت معها.
أكاد أُقسِم ما أشقّها على نفسك.

ها قد اندثر الثَلج، أيُحزِنك أنّ كُل شيء ينتهي؟
أيعتريكَ البأس بأنه ما مِن شيءٍ إن أتى إلا وراحلٌ؟
لكن الجوُّ أضحى دافئًا.. يُحاول تضميد جُرحِ قلبِك المُتضرّرِ من عَصفِ الأيّام.

أتراك تهَاب الأمل لنفسِ السبب؟ لأنّه مُقبلٌ ومُدبِر؟ غيرُ باقٍ؟
تخشى التشبُّث بأوتارِه، فتتفلّت منّها.

إذًا.. أيعجبك المنزل الجديد؟
وأنتَ لم تكن لتَترك أرضَك بذكرياتها التي عِشتها وعاشَتك. 
أضواؤه، وستائره.
الأكواب، والقنَاني.
سُرَره، وأرضيّته.
زوايَاه، وأعمدَتُه.

أترى كُل ذاك تتخلله الحياة بعد 'فقدِ أحدِ ساكنِيه

حتى جُملتي مختومة بالكسرَات، كما لو أنّها تواسيك.
ونحنُ تُنسب للحنين. أفنَحْنُ حقًا نَحِنُّ؟ ولِمن يُهدى الحنين؟
نحن لا نَبكي من قد رحلوا.
إنّما نبكي الذِكرى التي ما باتت موجودة.
نبكي على أنفسنا، ونبكي أنفسنا.

ألم يقولوا لكَ أنٌ الضربة التّي لا تقتُلك، تصلُبك.
ولكن ما حيلتُك إن قسمت ظَهرَ بَعيرِك القَشةُ؟

سأقول لَك، كَقول عبد اللطيف لبغداد حين حدّثها بمِجدها.
'يخبو؟ نعم. يصيبه النسيان؟ نعم. يضعف كأن لم يُوجد؟ نعم. ولكنه لا يموت. أنا لا أموت يا بغداد، أنا لا أموت'

وأنتَ يا عزيزَ القلبِ لا تُموت، وإن ضعُف نجمك، ووهن قلبُك، بِك قوة.
قوة ستُرشدك للطريق، وإمّا أن تدُل الطريق عليك.
رجاءٌ ألّا يكونَ أولُ دربِك كنهايتِه، أن تُهديك الحياةَ أضواءً في آخر النفق.
ــــ

السلام عليكم.
ليه أتيت على ذكر الأمل في الفصل ده؟
بسبب الجملة ديه في الرواية 'هذه الكلمة لا تشعره بشعور جيد أبدًا، ما الأمل والتفاؤل إلا أذى يواري أذى أشد فيه، كذبات تتلوها كذبات لا تنجيه'
شدتني وسط النص، رغم إني كنت مأجلة الحديث عن الأمل لفصل 'هل تخاف من الأمل؟' ومشهدي المفضل('

++ فيه موضوع تطرقت له قد لا يكون اتذكر ف الفصل بشكل واضح، وهو عن مشاعر هيونغوون تجاه الانتقال من سكن لغيره، ولكن أنا ليه حسيت إنو جواه كلام كتير مقالهوش؟
ليه الشخص في العموم ممكن يسيب 'مكانه' أو 'سكنه' .
في حالته هنا، المنزل بقا فاضي عليهم.
كل حاجة في البيت إمّا هتفكرهم بالشخص التالت الل رحل، ي إمّا مش هيحسوا غير بالوحشة عشان معادش فيه الشخص التالت ده في زوايا البيت وأركانه.
هل عشان كده انتقلوا؟
يمكن.. ويمكن لاء.
في كل الأحوال، التجربة نفسها مش سهلة.

بالنسبة لاقتباس عبد اللطيف اللّ ذكرته، ف هو جدا جدا جميل، أحب أحطه كامل هنا عشان بحبه جامد جمودة بجد.
'آه يا بغداد، كم على أن ركض في حواريك وأزقتك القديمة من أجل أن أجدني، أبحث عني في الدروب الضائعات في دجلة، في الرصافة، في الجسر، في عيون المها، في درب الوراقين في الليالي المقمرة، وفيّ.
متشابهان نحن، نبحث عن أنفسنا فينا، عن تلك النجوم التي تساقطت يوم ولادتينا من أجل أن تبعث هذا الجو الأسطوري الذي يُحيط بنا معا، أنا سليل هذه الفاتنة القبيحة، اللعوب الرشيدة، المغناج التقية، والقديمة الجديدة، أنا نتاج أحرفها التي خَطَتْ مجدا سيظل خالدا، يخبو؟ نعم. يُصيبه النسيان؟ نعم. يضعف كأن لم يُوجد؟ نعم، ولكنه لا يموت، أنا لا أموت يا بغداد أنا لا أموت، وإن نكر الناس فضلي، وإن ثقب الحسد والحقد أفئدتهم فخاضوا في مع الخائضين، وطمسوا ما فعلت، لكنني أكتب لهما، لعينيكِ اللتين خبا نورهما لكنه ما انطفأ، وأعيش من أجلهما، من أجل هذا المجد.'

++فيه شيء لزيز جدا وهي جمله (بعد فقدِ أحدِ ساكنِيهِ)  وأنا بكتبها كدا بدون وعي، لاحظت ان كلها بتنتهي بالكسر.
حسيت بالعجب. بجد الجملة نفسها بتعبّر عن الانكسار في زواياها بشكل واضح...
ومجرد م لاحظت ده، افتكرت علطول اشتقاق الحنين من ضمير نحن، فـ حبيت أضمن الجزئية ديه، لإنها حسستني إن اللغة نفسها بتُواسينا وكلماتها شايلة مشاعر":

(رجاءٌ ألّا يكونَ أولُ دربك كنهايتِه، أن تُهديك الحياةَ أضواءً في آخر النفق.)
أخيرًا بقا، الجملة دي اضفتها نظرا لعنوان الفصل 'اول يوم' ف ان هيون يبقا عنده ذكرى ان اول يوم سيء كده. قد يترسخ ف دماغه ان كل الايام هتكون كدا..وحتى نهاية الطريق.
بتمنى.إن.النهاية تكون احسن وافضل له. تهون عليه كل ده. ويلاقي اضواء ف النهاية فعلا.

-كميّة رغي مش طبيعية أطول من الفصل نفسه😭، بس صدقًا بلاقي متعتي ف ده✨-

وادٍ غيرِ ذي زرعٍ | رسائل إلى هيونغوون. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن