Part 02

317 58 44
                                    

الحياة دائماً ستأخذ منك أشياء قيمة بالنسبة لك، ولكنها ستعوضك أو ستعطيك أشياءً تكفي كبديل عنها، سواء علمت أم لم تعلم، ولكن بعض الأشياء لا تتعوض أو تقدر بثمن، كالأشخاص مثلاً..

فمن يعوض الأم أن ذهبت وحلقت بالسماء؟
ومن يعوض الأب أن اختفى ولم يعد بجانبك؟!
ومن يعوض الأخ أن لم تعد روحه موجودة؟

فمثل ما أخذت الحياة أعز أشخاصها إلى الأبد وبقي لها أباها اختفى هو أيضاً.

ولكن الحياة اهدتها ضوءاً ينير حياتها المظلمة.
سطعت كنجمة في سمائها تضيء عتمتها تماماً كإسمها هيلينا، تخفف عليها من ثقل الأيام ومُرها..

كما هي الآن بجانبها وهي تتكئ منحنية بجسدها النحيل على أحد الأعمدة السوداء التي تنير ظلمات الطرقات ليلاً، تحاول تهدئتها من نوبة الهلع التي أصابتها من الحادث الذي كان وشيكاً حدوثه، لولا أنه مالك السيارة الرياضية امالها للجهه الأخرى متجاوزها وكأنها هي عمود المصباح بطريقه!!

مسحت هيلينا بيدها على جبهة ماريسا المتعرقة وهي تدير رأسها باتجاهها، لتراها كأنها على وشك الاختناق بأنفاسها التي لم تستطع إخراجها، وهي تمسك بصدرها بألم والذي كان يرتفع وينخفض بقوة، احمرت مقلتيها ودموعها تودع محجرها لتعبر طريق وجنتيها المحمرة، ورمشها باهدابها المبتلة الكثيفة بعشوائية وهي تنظر للأرض.

"ماريس.. انظري إلي فقط، تنفسي بعمق مثلي"
أردفت بها هيلينا وهي تمسكها من وجنتيها تثبت رأسها لتراها أمامها وهي تشهق الهواء وتزفره ببطىء لتحثها لتفعل مثلها، وقد فعلت ولكن بصعوبة، تحاول أن تنظم أنفاسها تشهق وتزفر ببطىء، تخرج الهواء من رئتيها وكأنها تخرج معه كل مشاعر الذعر التي انتابتها منذ قليل وزرقوتيها مركزة على وجه هيلينا فقط.

"احسنتِ، تنفسي بعمق أكثر، لا تقلقي من شيء بما أني بجانبك"
أنهت حديثها وهي تمسك يد ماريسا بقوة تشابك أصابعهما ببعض، بينما تلمس بخفة خصلاتها لتعيدهم خلف أذنها باصابعها المحررة من الجبيرة التي تلفها من معصمها إلى مرفقها.

أرخت يدها بعدما شعرت بوتيرة أنفاس ماريسا تهدئ، وهي تغمض عينيها وتتكئ على كتفها الذي كان ولا زال سنداً لها دائماً من صغرهما، رغم فرق الطول الشاسع بينهما إلا أنه لم يمنعها من أن تريح رأسها فوق كتف هيلينا
فهي الأخرى ضمتها إليها أكثر بيدها المجبرة ويدها الأخرى لازالت تشابك يدها تبث السكينة والطمأنينة على قلبها بفعلها هذا كل مرة..

"هل تستمتعون بالمنظر؟! فليلتفت كل شخص لأعماله"
أردفت بها هيلينا وهي تعقد ما بين عينيها بغضب، تخاطب التجمهر حولهما بهمسهم ونظراتهم التي تحمل الشفقة على ماريسا وهي بهذا الحالة، راقبتهم بحده وهم يتفرقون ويذهب كل شخص ليهتم بشؤونه.

الجوهرة الأرجوانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن