٠١ | رحلة إلى عرين الأسد

248 11 25
                                    

       "وداعًا أمي، يجب علي الذهاب الآن فالوقت قد حان" بعدَ قبلَة طبعَتهَا شهد علَى جبِين والدتهَا المرِيضَة قَالَت، ومِن ثُمّ إستَطردت حديثهَا ولكِّنه توجَّه الى أختِهَا الَّتِي تصغُرُهَا بعامٍ وَاحِد "مريم، أعتني بأمي جيدًا" لتُومِأ لَهَا مريَم ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

       "وداعًا أمي، يجب علي الذهاب الآن فالوقت قد حان" بعدَ قبلَة طبعَتهَا شهد علَى جبِين والدتهَا المرِيضَة قَالَت، ومِن ثُمّ إستَطردت حديثهَا ولكِّنه توجَّه الى أختِهَا الَّتِي تصغُرُهَا بعامٍ وَاحِد "مريم، أعتني بأمي جيدًا" لتُومِأ لَهَا مريَم إيجَابًا، فتَذهَب شَهد لإرتِدَاء قلُنسوتهَا الطوِيلة الَّتِي تطبعَت باللونِ الزَّيتُوني فوقَ ردائهَا الرمَادِي وحذائهَا الجلدِي البنِّي وتأخُذ بحقِيبة أمتِعتهَا متوجِّهَة الى الخَارِج تحتَ تنبِيه وَالدَتهَا "كوني حذرة يا شهد، لا تفقدي حذرك ولا تثقي في أحد أبدًا".

حالَمَا فعلَت، وضَعَت قلنسوَتِهَا فوقَ رأسِهَا مخفِضَة بصَرِهَا لكِن ليسَ للحَد الَّذِي يمنعُهَا مِن رؤيَة ما حولهَا، كَانَت تُمسِك حقِيبتِهَا بكفَّيهَا الإثنَين بينَمَا تستَمِع الى أحَادِيث المَارّة، البعضُ مِنهُم المَصرِي الَّذِي يشكُوا مِن نظَام الإحتِكَار ورفِيقه فِي الحدِيث الَّذِي يمدَحهُ، منهُم تجَّارٌ يصِيحُون فِي محاولةٍ لتحرِيك تجَارتهِم الرَّاكِدَة الَّتِي بالكَاد يكتسبُون مِنهَا قوتًا، ومنهُم عمَّال المصَانِع والحِرف اليَدويَّة الَّتِي تكَاد تختَفِي، ومزَارعِين يجعلُون أطفَالِهِم يبِيعُون الخُضَار والمحَاصِيل فِي شوَارِع الأقالِيم كَي لا تُصادرهُم الحُكُومَة، والبعض الأخَر جنود إنجلِيز أو رعَاة مِمن بقيُوا بعدَ جلَاء حملَة فرِيزر لمصَالِحهِم وتجَارتِهِم فِي مِصر، حتَّى وَصَلت الى المِينَاء حيثُ تجمهَر الطُلَّاب المصريُّون المسافِرِين فِي بعثَةٍ إلى بَارِيس لدرَاسة العلُوم المُختَلفَة، ظَلَّت تنتَظر فِي الطَابُور تنَاظِر ضوءُ الصُّبحِ يتلَألَأ علَى ميَاه البَحر، صفَّارَة السفِينَة وضجِيجهَا ودخَّانهَا الأسود الَّذِي تنفُثُه، ملَامِح وملَابِس زملائهَا فِي الرحلَة، ظلَّت ترَاقِب بصَمت المُشرِف الفرنسِي علَى البِعثَة بغضَبٍ مكبُوت وغِيرَة علَى أرضِ موطِنهَا، وتَشكِي عَنهُ -وعَن كل شَيء- الى الطُيُور الَّذِين يحُومُون جوَارِهَا سرًا فِي خُلدِهَا وكأنَّهُم يسمعُونهَا، ولكِن ماذَا؟ هِيَ ذاهِبَة الى عرِين الأسَد نفسِه، عَاصمَة فرنسَا، لتَدرُس هنَاك مالَم تستَطِع درَاستهُ هُنَا، الطِب.

موناليزا بالعسل | MonaLisa With Honeyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن