بِخُطوات سريعة و مُتعثرة، شق إلياس طرِيقه بين الشُجيرات و جذُوع الأشجار.
يلهث بقوة بينما عقله يتخبط في سرداب السيناريوهات، تارة تراهُ يلتف يميناً و أُخرى يساراً، ثُم توقف بعد بُرهة يستجمع قوته و يُحاول بيأس أن يُلملم أنفاسه المُتسارعة، قادته قدمه إلى وسط الغابة حيث تقبع بُحيرة عملاقة تلألآ تحت ضياء النجوم.
« هـ هل أضعتهم؟ لا...رُبما توقفوا لأتوهم ذلك! ».
كان صوته مبحوح و العرق يتزحلق من وجنتيه بغزارة، لم يستطع منع التوتر و الخوف من التغلغل في جوفه، لقد فقد رباط جأشه في هذا الموقف، سقط على رُكبتيه من هول تعبه، و أضحى يزحف صوب تلك البُحيرة.
أمتدّات يده بوهن تتلمس السطح في حذر، كان الماء بارداً كما الثلج مما جعل بدنهُ يرتجف، إلا أنه أسرع و غرف كمية بسيطة بكامل يديه، و تجرعها دُفعة واحدة ليرويِ بذلك عطشه، أستلقى على ذلك العُشب و قد سيطر على تنفسه و صار منتظماً.
ألقى بصرهُ للسماء الليلية، حيث النُجُوم تتناثر هُنا و هُناك كـ ثقوب في عباءة نيلية اللون، كان قد أدرك أن من حاول مُلاحقته قد أستسلام و عاد أدراجه، فـ في الوقت الحالي كان الصمت مُخيماً، فقط أغنية صراصير الليل المُعتادة و حفيف الشجر العتيق.
شعر إِلياس بالخوف و الغُربة وسط المجهول، حيث لا يعلم ما هُناك أو من هُناك، تقوقع على ذاته وحاول أن يبقى ساكنان لفترة كان قد خطط أن يبّقى كذلك حتى بزوغ الفجر، الا أن صوت خُطُوات تدنو منه جعله ينحرف عن مسار خطته.
أنتفض بفزع من جلسته و حدق في ذلك المجهول بتوجس، لكن سُريعاً ما تغيرت ملامِحُه إلى أُخرى مُندهِشة.
« ما...ما الذي؟...».
أنعقد لسانه و تبعثرت أفكاره، فما يُقابله الآن يكاد يحسبه هلاوس أو خُزعبلات ضربت مُخه.
كان مهيب الشكل، طويل القامة و ضخم البُنية، لهُ قُرون مُتفرعة كما الأغصان جسد كخاصت الأيّل و عيون غزال بريئ، يسير فوق ماء البُحيرة ببطء ناحيته دون أن تتخبط حوافره بالماء.
لكن ما شد أنتبه إلياس أكثر من أي شيء هو أنه كان يبرُق كالذهب وسط هذه العتمة.
كان ذهبياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أنت تقرأ
ذهبيِ.
Short Storyلطالما أخبرتني أختي أن أُنير حياتها، و أني قطعة من النور، و لكن بعد رحيلها لم أرى أي نور بحياتي أظن أنكِ مُخطئة أختاه، أنت كُنت النور ليس أنا. « أصنع مصباحك الخاص و كُن أنت من يُنير عتمتك » الغلاف من إبداع: rishalhubi@ من جارنيت للأغلفة