الفصل الخامس:

31 9 15
                                    

تغير الأوضاع و الأحول و ربما الناس أمر حتمي، أن لا يبقى شيء على حاله أمر طبيعي، ونحن البشر كما الأسماك علينا مواكبت التيار و الاستمرار بالعيش و التقدم، علينا بالتغير و التقبل و الأمتنان فهذا ما يعنيه الأستمرار

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

تغير الأوضاع و الأحول و ربما الناس أمر حتمي، أن لا يبقى شيء على حاله أمر طبيعي، ونحن البشر كما الأسماك علينا مواكبت التيار و الاستمرار بالعيش و التقدم، علينا بالتغير و التقبل و الأمتنان فهذا ما يعنيه الأستمرار.

************

ببطء يضرب بفرشاته على قطعة القماش البيضاء يحاول نسج ما جال في سراديب خياليه عبرها، ألوان فاقعة تنبض بالحياة تمتزج معاً لتكون مشهد يخطف الألباب.

رجل مُسن طغى الشيب على لحيته _ الطويلة _ القديمة و تعجد وجهه لأبتسامته الدافئ، يجلس فوق كرسي هزاز قرب النافذة و الخليط الساحر للغروب الذهبي يتسلل خلفه و يغرق تفاصيله بالجمال.

نزلت دمعة شريدة و متمردة من وجنتيه عند تذكره لما حدث قبل أسبوعين، حيث فقد جده صُبيحة أحد الأيام، بعدما رجع من المدرسة مُحمل بشهادة النجاح و قد تفوق على دفعته بالكامل، وجده بنفس الجلسة على كرسيه قرب النافذة و الأبتسامة تزين محياه.

مات مبتسماً تارك إيها يقارع وسط عالم لا يدري فيه اي احد، و لا أحد يدري عنه، ترأس وحده مراسم الدفن و العزاء دون أحد يتشارك معه تعاسته أو يواسيه بكلمات ترمم حُطام فؤاده الصغير.

لقد أكتئب، و أحتاج وقت و مكان ينعزل به، لم يقدر على المكوث بالكوخ الصغير الذي عاش به رفقته، فقدته قدماه صوب بيت من أتخذه شرارة وسط العتمة.

أستند بـ أوس في أشد لحظاته ألماً، فكان له خير سند، أستقبله في منزله البسيط لما يقارب الأسبوع و أعتتى به بينما كان يهمل ذاته عن عمد.

تبسم عند تهادى إلى ذكرياته عن الليلة التي أخرجته من عتمته و التي كانت بداية لأشعال عزيمته.

لسوء الحظ لم يسعه تذكر سوى كلمات أوس التي أغرقته بحلاوة السعادة و الامتنان.

« إلياس أني مدرك لما أنت فيه الأن، و أعلم أن الحزن قد أدمعك كثيراً، لكني ومع ذلك لن أدعك تفقد الأمل في نفسك.

بالتأكيد لا أجيد فن المواساة أو الطبطبة على جراحك وطرد الألم لكني و بنسبة 1000 في المائة سأجعلك تخرج من دائرة الكأبة اللانهائية.

فأنا أرك كـ كأخ و سيتعين على العناية بك حتى تقوم أنت بفعل ذلك لنفسك»

ما تلى هذه الأسطر كان حقاً اوعظ ما سمعه.

« بغض النظر عن الأوجاع التي يسببها لك حزنك و قلة حيلتك.

أشعل لهيب مصباحك.

تحمل على مضض و عش بينما تنظر للأمام.

إن توقفت و سقطت أرضاً، فلن ينتظرك الوقت لتلملم ذاتك لن يحتضنك أحد و يحزن معك.

من أجل نفسك في المستقبل عليك أن تكافح الأن،فلا شك أن الشرارة التي تجاهد في أشعالها ستغدو يوماً ذلك الشعاع الذي سيقودك نحو فجر خلاصك.

أنا أؤمن بك إلياس،  أؤمن بأنك يا رفيقي ستغدو شخصاً أفخر أنه أعتبارني و أعتبرته أخاً.

لذا...

لا تدع الشعلة الكامنة بداخلك تنطفئ مهما حصل يا أخي»

إلى جانب ذكرياته مع شقيقته كانت هذا أجمل ذكرى له مع أوس.

ذكرى حُفرت عميقا في قلبه و ستخلد فيه.

*********

العزم هو شيء لا يمتلكه الكثيرون و سرعان ما ينطفئ و يذهب، إلا أن القليلا فقط هم من يمتمسكون به حتى الرمق الأخير و يشعلون به مصابيحهم ، لا تحتاج لبداية مدروسة أو منظمة، إن أمتلكت العزيمة الكاملة و أستثمرتها بالشكل المُناسب ستخلق مساراً ممتاز لقصتك.

«أصنع مصباحاً تفخر به، و أجعله يتقد بشرارة عزمك ».

ذهبيِ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن