-خَرجت ميكاسا من القطار وهَي تَنظرُ إلى الأرضِ، كَان الوقتُ ليلاً، و مع أنَّ الشوارعَ مضائةٌ إلا أن المارَةَ قَليلونَ تحت ذلكَ المطرِ الشتوي المبكر.
لمْ تكن تحملُ مظلةً فتبللت سترتها و تَدلتْ خصلاتُ شعرها الأسود الحريري حولَ وجهها كأذنابِ الفئران.تَمنت لو أنهَا تدفع أقساطَ سيارةٍ بدلاً من الدفعِ لسدادِ دينِ بنكِ تسليفاتِ الطلابِ.
منعَها التعبُ من الركضِ، فقد عمِلت طوالَ العطلةِ الأسبوعيةِ مما جعلَهَا تتلهَف للنومِ في سريرها لعشر سَاعَاتٍ متواصلةٍ دونما انقطاع.و عندما انعطفت نحْو شارعِ شقتها لمْ تسمح لهَا حالتُها بملاحظَة شيءٍ، ولا حتَّى تلكَ السيارة الفخمةَ التي تتناقضُ مع المكانِ، تجاوزتها وَ هي لا تُفكرُ إلا فِي إخراجِ مِفتاحِ بيتِها و الدُخول مباشرةً لغرفةِ نومها.
لكن ذاكَ الرجلُ الماكثُ داخلَ تلك السيارةِ رآها بعد أنْ أمضَى أكثرَ من ساعةٍ بانتظارها، وبِما أنهُ لمْ يعتد على ذلكْ..فقدْ نفذَ صبرُهُ سريعاً.
و قبل أنْ تصلَ إلى بوابَة المبنى السكني خرج من سيارته و تَبعها بِسرعة، و قد ساورهُ الشكُ بِأنها ستغلِقُ البابَ في وجههِ إذا مَنحها فرصةً لذلكْ.سمعتْ ميكاسا وقعَ الخُطواتِ خَلفها، فتسارعَت نبضاتُ قلبها..شأنُ كلِ امرأةٍ بوقتٍ متأخرٍ منَ الليلِ، و أخرجتْ مِفتاحها كَي تفتحَ البابَ مباشرةً عندَ وصولها إليه.
لكن صوتُ وقعِ الخطواتِ تلكَ تَوقف عندَ باب شقتها، فأعاق حركةَ أصابعها وهي تحاول إدخال المِفتاحِ في القُفل.
سقط المفتاحُ من يدها، و تحول عدمُ ارتياحها لذعرٍ، فالتفتت و أوشكتْ أنْ تصيحَ في وجهِ ذلكَ الشخصِ الذي وقفَ خلفها..لكنه بادرها بالقول بسرعةٍ: لا تخافِي، هذا أنا.مضتْ لحظةٌ لم تميز بها هذا الصوت العميق ببحةٍ خفيفة، لكنها ما لبثتْ أنْ عَرفتْهُ فارتاحت.
نطق الرجل بجمود: أنا ليفاي أكرمان.أويظنُها نسيته؟ هذه إهانة!
لم تره منذ ثلاثِ سنواتٍ، و لم يتغير بتاتاً...شعرهُ القاتمُ و عيناه الرماديةُ الباردة -أجملُ رجلٍ في العالمْ- هكذَا كانتْ تدعوه أُختها الصُغرى آني، و لمْ تكن تُبالغ..لكن المؤسفُ أنهُ كانَ نذلاً للغايةِ.و بصوتٍ يماثل صوته بروداً -رغمَ أن تلكَ لم تكنْ طبيعتها- قالت: نعم؟
انحنى يلتقطُ مفتاحهَا الذي بالأرضِ ثم سأل: أبإمكَانِي الدخول؟- وهل أستطيع أن أرفُض؟
نفى برأسه و ناولها مِفتاحها مُردفاً: لا، جئتُ لأحدثكِ عنْ موضوعٍ يخصُ آني.حديث ميكاسا:
عَرفتُ ذلك!
أخوه غير الشقيق إرين متزوجٍ من أختي آني، تسائلتُ عما إذا اقترفتْ أختي غَلطةً غبيةً أخرى..لم أستطع قرائة ملامحهِ وهو يقول: إسمعي، هلا تكلمنا بِالداخلِ؟
أنت تقرأ
وعود خالدة - Oral promises
عاطفية- الأمرُ شبيهٌ بمظليٍّ اكتشَف -بعدَ قفزه- أنَّ مظلتَهُ معطُوبةٌ، ليسَ بإمكَانهِ الرجوعُ ولا إصلاحُ الحقِيبة. هذا كَان ما شعرتُ بِهِ عندَ انفصالِي عنكِ، لذا آنستِي..مَاذا عنْ العودَةِ معاً لبعضِنا و التغَاضِي عنْ كُل تلكَ الأفعَالِ البغِيضةِ التِّي...