1.المنتحل

497 44 467
                                    

_البيرسونايتر= كلمة تعني المنتحل باللغة اللاتينية.

______________________________________

في قديم الزمان، كانت هناك اسطورة تتحدث عن رجلٍ فقير عاش مظلوما في حياته، تعرض للذل ممن كان أعلى منه.
عاش يتيمًا، بائسًا، تعيسًا، وحيدًا...

إلى أن اُضرمت النار بمنزله، وعانقته السنتها، تأخذه في حضن حارقٍ يدفئ عظامه، دفءٌ لم يطلبه او يتمناه، لكنه أبى تركه.

إلى أن رأف به أحدهم، وقرر إطفاء حضنه المشتعل، ليخرج بوجه مشوه وروح مشوهة، تتوق للانتقام من البشر و تشوييهم كما فعلوا.

_البيرسونايتر

____
____

في زقاق مظلمٍ بين أبنية مهترئةٍ قديمة، حيث يسمع صوت عويل الرياح وزخات المطر تطرق نوافذ المنازل المهترئة.

وبين صخب الطبيعة برز سعال أحدهم، سعالٌ احتد بألمٍ، يختلط مع دماء خرجت من فمه، ترمي جسده أرضًا، متعبًا، مرهقًا، مهزومًا من الحياة.

ليفتح ذلك العجوز أعينه الزرقاء، وينظر لما لمع امام وجهه، ظن لوهلة أنه ضوءٌ سلط عليه لينجو، شعلة الأمل الاخيرة كما يسمونها، لكن ما قابله، أعينٌ سوداء واسعة تلتهمك كثقب أسود عملاق، ترى إنعكاسك فيها.

ثلاثة قرون، هيئة غير واضحة ضبابية، طين يتساقط من تلك الهيئة المشوشة السوداء، لا وجه، لا فم، لا ملامح، أعينٌ فقط.

استقام العجوز برعبٍ بجذعه، يحدق بالكائن الواقف أمامه بخوف، ليفتح ذلك الشيء فمه للتحدث، ليتضح أن فمه أسود ضبابي أيضاً لا يحمل سنا واحدًا او لسانًا.

«هل تسمح لي بأخذ ألمك وانكسارك و تعبك وإرهاقك وكربك؟ هل تسمح لي بأخذ روحك وجسدك وكيانك؟» نطق بصوتٍ مبحوح عميق، خرج هادئًا يتغلغل بعقل من يسمعه، أعاد العجوز نظره لتلك الأعين.

لتبدو حانية بطريقة ما، بدت كأنها أعين شخص يمد يده لمساعدتك، كشخص غير مؤذٍ يعرض خدماته عليك، ليبلع ريقه ويجيب بصوته المترنح «أسمح.».

وافق بكامل ارادته فالفكرة مغرية ولا شيء يخسره فهو قد فقد كل شيء، أو ربما هو قد سمع الجزء الأول من الشرط فقط ولم يسمع الباقي.

ارتسمت ابتسامة على جسد ذلك الكيان ليمد يده ذات الاصابع الطويلة الحادة السوداء، ويمسك بوجه العجوز ممتصًا روحه من جسده.

مدخلًا ضبابه بجسده يحتل مكانه يأكله من الداخل، يلتهم قلبه وروحه وجسده، ليعود الكيان لمكانه واقفًا، وأمامه كومة من العظام تركد بنفس وضعية العجوز قبل ابتلاعه، بدون لحم أو قطرة دم واحدة.

تغيرت هيئة الكيان ببطىء، يأخذ شكل العجوز التعيس، ينظر لعظام ضحيته الأولى بهدوء، ليخرج من الزقاق بخطوات بطيئة، ليس بسبب الهيئة التي اتخذها بل لأنه لا يعرف أين هو، ومن هو و ماذا سيفعل الآن.

Personator| بيرسونايتر ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن