المقدمة :
كان الجوّ شديد الهدوء في ذلك التلّ على نحو يثير الإسترخاء،حيث لم يكن يُسمع سوى حفيف الأشجار، بدا المكان و كأنه مهجوراً ، يمكن إعتباره من أجمل الأمكنة التي وجدت في قرية "روهيم" ، بالنسبة إليه على الأقل.تحت شجرةِ الصفصاف على أعلى التل جلس صبي صغير و على محياه إبتسامة هادئة و لطيفة نمّت عن إستمتاعه لقرائته ذلك الكتاب الذي بين يديه و هو يقلب صفحاته بأنامله النحيفة .
نظر بعينيه الكستنائيتين إلى السماء الذهبية التي أعلنت عن الغروب ، ثم أغلق كتابه و وقف ،تخللت الرياح الهادئة شعرهُ البني المموج ، باتت طبيعة قريته كلوحة فنيّة له .
تغيّرت ملامحه فجأة و كأنه أدرك شيئاً ما ، " ويحي ! ، لقد تأخرت كثيراً مؤكد ستكون أمي غاضبة الآن ! " .
أسرع راكضاً إلى منتصف القرية متجهاً إلى منزله، و لكنه توقف فجأة عندما رأى تجمعات الناس الكبيرة.
تنهد بانزعاج " آه، و ماذا الآن ! "
تجهمت تعابيره فجأة عندما سمع الهتاف : " لقد عاد البطل! "
" مؤكد أنه سيعود .. عاد بطلنا ! "
" لا بد أنه حقق إنتصاراً جديداً له "
لم يتحرك الصبي من مكانه ، إختلفت تعابيره عن الجميع ، فقد كانوا سعداء لعودة بطلهم سالماً .. نعم ذلك البطل المغوار الذي يضحي بكل شيء لأجل سلامة قريته .
إزداد عبوسه أكثر عندما سمع هتافاتهم :
" يعيش البطل "كورنر " .... يعيش ! "" يعيش البطل " كورنر " ... يعيش ! "
( كورنر .... ) ، سدّ الصبي أذنيه و كأنه سمع تعويذة شيطانية ما .
خرج من أفكاره فجأة عندما شعر بيد على كتفه : " ما الأمر "إيان " ، لا تبدو بخير " .
"هيدريت ! " ، قال إيان بهمس
إبتسم هيدريت ببلاهة و صفع إيان على ظهره ، " لا تظهر هذه التعابير القبيحة ، لا شك أن والدتك بانتظارك " .
" أجل، يبدو أنني سرحت لبعض الوقت.. مؤكد أن الخالة إليزابيث قد عادت لمنزلها و بقيت بمفردها " ، قال إيان و هو يتأوه من ألم الصفعة.
كانت عينا ذلك البطل البنيتيّن تراقبان الصبيين يغادران بحدّة ، إبتسم بغرابة و قال " إلى متى ستتجنبني إيان ؟ "
(بعد 3 ساعات )
شهق إيان بحدّة ، كان يحاول إلتقاط أنفاسه ، لكن بلا فائدة فكل ذاك الدخان كان يعيق تنفسه ، كان يسير بين كل تلك النيران محاولاً ألا يفقد الوعي و يصرخ بملؤ حلقه بذلك الصوت المبحوح " أم_ي...أمي! ... أم..ي" .
عندما أراد أن يدخل أكثر أمسكه أحد رجال القرية " توقف يا إيان المكان خطير .. السيد كورنر بالداخل سينقذها بالتأكيد ! " .
إزداد حنقه و صرخ " سينقذها ؟! ... و هو من تسبب بكل هذا ! "
بعد لحظات لمح الجميع بطلهم و هو يخرج من كل تلك النيران المكتظة .
إبتسم الرجل لإيان " أرأيت ؟ "
إتسعت عيناه عندما رأى كورنر يخرج من المنزل و يحملها بين ذراعيه ، لكنهما أصيبا بجروح بليغة " .
" بسرعة علينا إنقاذها قبل فوات الأوان " ،قال كورنر بين لهاثه ، ثم نظر إلى إيان .
وجّه الجميع نظرات خوف إلى ذلك البطل عندما شاهدوا وجهه الذي كان ينزف بشدة . سرعان ما أدرك الأمر و قال " لا تقلقوا أنا بخير إنها إصابة طفيفة " .
قال ذلك بينما لا يزال ينظر إلى إيان ، وقف كورنر و قال بصوت " أحضروا الطبيبة إليزابيث حالاً ! ".
جاء أحد القرويين يلهث بشدة : " سيد ... كورنور ... الطبي...بة ، الطبيبة إليزابيث وُجدت مقتولة ! " .
صدم الجميع إزاء هذا الخبر المفجع .
وقف إيان و عيناه متسعتان من الدهشة ثم قال بصوت أجش : "هيدريت !!" .
عندما أراد التحرك لمنزل صديقه هدأت الأصوات فجأة من حوله ، إلتفت ليجدهم ينظرون إلى والدته بكل أسى و كان كورنر يجلس بجانب جسدها الهامد بوجه مصعوق.
تخدرت ساقاه و لم تعودا تحملانه ، شدّد على قبضته، بكى صارخاً " أمي! " .
جلس هيدريت بأحد زوايا منزله و يديه ملطخة بالدماء و كانت بجانبه جثة لرجل لم تكن تعابير وجه ذو تفسير من شدة صدمته.
بعيداً عن كل هذه الفوضى جلس زوجين عجوزين يشاهدان كل هذا من بعد ، نظرت المرأة إلى كوب الشاي : " في القرية حصلت ثلاثة حوادث مميتة ... هل تعتقد أن هذا له علاقة " بأزوريا " " .
ضحك الرجل: " ربما ... يبدو أن إحدى بوابات الماضي على وشك أن تفتح ... " أزوريا " " ...
يتبع .....
أنت تقرأ
أزوريا
Actionنتبع دائماً ما تؤمن به قلوبنا و نثق به ، لكن هل سيتحتم عليّ أن أخوض بكل ذلك؟! ... مهلاً .... أنا بالفعل أسير بطريق مجهولة ! بدأت أعيش حياة لا منطقية منذ ذلك الحين... كيف لا و هي أزوريا....