part one

34 4 0
                                    

                              "........"
-بخطوات متثاقلة تجر نفسها الى المنزل ،
القت بحقيبتها على الارض و غيرت ملابسها و اغتسلت في عجلت لكي تلقي بنفسها على السرير ، و بالفعل ، ما إن اغلقت باب غرفتها حتى رمت بنفسها على سريرها و تنهدت و كأنها تخرج من صدرها ثقلا كبيرا ، قامت من مكانها و فرشت سجادتها بالقرب من هاتفها الذي ربطته بالشاحن ، ادت صلاتها و ما إن فرغت بقيت جالسة على سجادتها تتنهد دون ان يخرج اي حرف من فمها ، تنظر على الارض بنظرات ذابلة و كأنها تطلب من الله ان يغيثها ، استلقت على السجادة و اغلقت عينيها حتى تغلب عليها النعاس و غفت . تعب الجامعة و تعبها النفسي يؤثر عليها هذه الايام بكثرة ، لم تطرق والدتها الباب لكي تسأل عنها لأنها تعودت على عودتها منهكة من الجامعة لذا تغط في النوم مباشرة لتستيقظ بعد الفجر و تتناول وجبتها ثم تنطلق الى الجامعة .
                        '.................."
استفاقت من غفوتها التي لا تعلم كم دامت ، رفعت يدها لتحك عينها النعسة بينما مدت يدها الاخرى الى هاتفها الذي انهى شحنه بقربها لكي ترى الساعة ، انها الرابعة صباحا يبدو انها قد نامت طويلا . صلت الفجر ثم توجهت الى المطبخ أين اخذت تلتهم وجبتها بشراهة بعد ان تمكن منها الجوع ، لاسيما و ان شهيتها لم تعد منتظمة البتة ، تفقدها تارة و تعود تارة اخرى .
                            *بعد ساعتين*
حملت نهى ذات ال20 سنة حقيبتها لكي تذهب الى الجامعة ، ايام فارغة تمر دون حماس لتواصل ما تبقى من حياتها المجهولة ، مشاكلها العائلية تزداد كل يوم منذ صغرها ، فهي لم تحضى بعائلة مثالية اطلاقا ، كما انها عاشت كالغريبة عن والدها الذي يسكن معهم ، لا هي و لا شقيقها الاكبر عرف طعم العائلة السليمة منذ طفولتهما ، لطالما حاولت والدتها ان تعوضها لكن بالنهاية ليس هناك ما يمكنه ان يملئ الفراغ الذي خفله غياب والدها الحاضر في نفسها .
بتلك الخطوات المتثاقلة تخطو الى حافلة نقل الطلاب أين جلست في احد المقاعد الفردية تملئ عيناها بالمناظر و الشوارع التي حفظتها عن ظهر قلب ، تتأمل وجوه العابرين ، و تحمل بيدها أحيانا كتابا ، لطالما كانت الكتب رفيقها الوحيد فهي لم تمتلك اصدقاء حقيقيين أبدا ، تخلى عنها اصدقاء الثانوية ، و لطالما رأت ان الحياة بدون اشخاص حولك مريحة للغاية .
ككل يوم تنزل من الحافلة و تتوجه لغرفة المحاضرات تلقى دروسها ثم تتناول وجبة الغداء لتكمل بقية الدروس ثم أخيرا ، تذهب الى مأواها ، المكان الذي يحمل اصدقائها الحقيقيين ، المكان الذي لطالما اواها ، "مكتبة الجامعة"
لطالما كانت تقضي جل وقتها في المكتبة ، مع من يفهمها حقا ... الكتب ... تغوص في بحر الكتب بين الصفحات ، تجد وصفا لمشاعرها و لمشاعر الكثيرين ، على أمل ان تكمل دراستها و تحقق حلمها في ان تصبح طبيبة نفسية ناجحة .
هكذا كانت نهى تقضي يومها لتعود الى المنزل منهكة ، لطالما كانت نهى انطوائية تحب الجلوس بغرفتها ، الا انها تكره الجلوس في المنزل لان العودة الى المنزل الذي يفترض ان يكون مأوى الشخص من قسوة العالم ، يعني أن تدخل الى المكان الذي يجمع كل انواع المؤثرات السلبية على نفسها ، من صراخ و عراك لا تكاد نيرانه ان تهدأ حتى تشتعل من جديد.

الكتاب الاخيرWhere stories live. Discover now