٣-أين أنا

747 46 41
                                    

فتحت عينيها فوجدت اناساً حولها ،كانت تظن أن خطتها قد نجحت ،ولكن الرؤية كانت مشوشة فأغلقت عينيها لثوانٍ وقامت بفتحهما عدة مرات لتتضح لها الرؤية بشكل جيد ؛فرأت سماءاً صافية وأرضٍ غريبة.

مهلاً.. سماء!! "أين أنا؟!" كان السؤال يتردد بعقلها بدون توقف ،انتفضت من مكانها فوجدت حولها أناسٍ بلباسٍ غريب ،"مهلا.. هذا اللباس أين رأيته من قبل؟!!"

"أجل! في إحدي مسرحيات الدراسة وكانت عن الفراعنة ،هل يُعقل أنني قد سافرت بالزمن للماضي؟!. لا ،هذا مستحيل! ،هل بالفعل مُت؟!. ،أم أنني احلم؟!!. ،ولكن لا.. كل شيئ يبدو حقيقياً بدرجة تفوق الأحلام!.

كانت تركض مهرولةً تبحث عن شيئ ،لا تعلم عن من أو عن ماذا تبحث ولكنها لازالت تركض!.

*****

كان أمام النيل يقف شارداً بجماله.. رجل ذو لباس فرعوني بسيط.

اصطدمت به بطلتنا بدون وعي فسقط في نهر النيل ،حاولت اصالة مساعدته في الخروج من المياه بكل جهدها خوفاً من أن يموت غرقاً بسببها ،ولكن انتهي بها المطاف ساقطة في النهر ايضاً.

كانت ستغرق ولكنه امسكها بيدٍ واليد الأخرى تمسكت بجزع نخلة وصعدا إلي اليابس مجددا.

"آسفة.. آسفة بجد يا أستاذ أنا بجد آسفة" ظلت ترددها بخوف وتوتر مما سيحدث ،متوقعة أن يقوم بسبها أو ما شابه لكنه ابتسم لها بعذوبية قائلاً :"لا عليك يا آنسة.. أأنت من هنا؟!"
قال جملته الأخيرة متعجباً وفضولياً حول هذه الغريبة بنظره.

ردت عليه وهي تحاول أن تهدأ وتلتقط انفاسِها: "لا لا لا.. أنا مش من هنا ،أنا معرفش أنا فين" ؛ نظر لها متفحصاً اياها من أعلاها لأسفلها ،وقال :"أجل ،واضح من ملابسك ،لهجتك ،وهيئتك".
"أنا مش عارفة هعمل اي يا أستاذ والله مش عارفة" قالتها وعينيها قد لمعت بالدموع لا تعلم ماذا تفعل فهي تائهة في هذا العالم الغريب عنها والذي لا تفقه عنه أي شيئ.. لم تمر ثوانٍ حتي انفجرت بالبكاء.

"لا لا أرجوكِ لا تبكي.. تفضلي هذا المنديل ،فلتجففي دموعك" أعطاها منديل من القماش مطرز ببعض النقوش الجميلة ؛تناولته واخذت تجفف دموعها.. ابتسمت بأمل وسعادة طفل عثر علي والدته في الزحام عندما قال بحنان: "سوف أساعدك.. لا تقلقي" قالها بلطف مُبالَغ محاولاً جعلها تطمأن.

" شكرا جداً يا أستاذ........ " لم تكمل كلامها لأنها لا تعلم إسمه بعد.
"اوسر.. إسمي هو اوسر سيدتي" قالها وهو ينحني لها كالنبلاء ؛ضحكت أصالة بعذوبية علي فعلته تلك ،وقالت: "إسمي أصالة يا اوسر".
" يا للعجب! إسمك يدل علي العراقة والشموخ" قالها بإنبهار شديد وتعابير وجهه تؤكد ذلك ؛ضحكت أصالة بشدة ،وقالت: "وهو كذلك يا عزيزي ،وهو كذلك.... "

تحركا سوياً وكان كل دقيقة يلتفت للوراء فشعرت أصالة بالخوف ظناً منها أنه سيقوم بخطفها حتي فتحت عينيها بصدمة.
(مهلاً... أهذا هرم يُبني! لا لا لا نحن لسنا في عصر بناة الأهرامات أليس كذلك؟!.. فقط اخبروني انني احلم بكابوس وسأستيقظ الآن) ظلت كالمجنونة تكلم نفسها وتردد "الآن.. الآن" حتي أنها قامت بضرب وقرص نفسها عدة مرات متجاهلة ألمها في كل مرة فقط تريد الاستيقاظ ،حتي انتبهت لأوسر الذي ينظر لها بإستغراب وعلامات الاستفهام تحوم حول وجهه بطريقة مضحكة فابتسمت له ببلاهة بعدما تأكدت أنها لا تحلم وأن هذا واقعها المرير.

مر إك «أحببت جدي»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن