♦ المُقامرة الرابِعة ♦- السيدة المُقدسة-

3K 236 26
                                    

♠ المُقامرة الرابعة ♠

_ السيدة المُقدسة

المكان:  مشفى المنطِقة ٩٠

قرأ غالي الإسم المنقوش حروفه على القِلادة،  لقد كانت قِلادة فضية مُغلفة بـِ غُلاف بلاسيتكِ،  وهو الذي ظنها قِلادة بلاستيكية كـ تِلك الخاصة بـِ الجُثث
إنتبه غالي أنه يحتضنها!  حتى يستطيع القِراءة بـِ شكلًِا جيد
فـ قام بـِ فك القِلادة مِن حول عُنقِها ووضعها في چيب بِنطالُه
ثُم بـِ هدوء وضع يده خلف رأسها وأسند جسدها مُجددًا على الفِراش
تأمل ملامحها الهادِئة بـِ تركيز شديد،  وعقله يُردِد الإسم والتاريخ " فيان ١٩٩٩"

• داخِل شقة چيهان

بدأت في التنظيف وفتح النوافِذ ثُم قامت بـِ كنس الأرضية وهي تقول:  يا سِت هانِم ياللي عمالة تترقصي
كادي وهي تتراقص على الأغاني المُنبعِثة مِن مذياع قهوة المنطقة ٩٠: نعم
چيهان بـِ غضب:  نعم الله عليكِ!  تعالي ساعديني
خرجت كادي من الغُرفة وهي تتمايل وتقول:  أساعدِك في إيه يا ماما ما الشقة نظيفة ومفروشة أهي!
چيهان بـِ هدوء:  شوفتِ شقِة طنطك روفيدة نظيفة وبتلمع إزاي؟  عاوزين نوريها إننا نُظاف زيها.
توقفت كادي عن التمايُل عِندما حدثتها والدتها عن زوجة عمها الراحل وقالت:  ماما هو إياس دا عندُه كام سنة؟
نظرت لها والِدتها بـِ نصف عين وقالت:  على حسب معلوماتي هو مواليد ١٩٩٦ يعني عندُه دلوقتِ ٢٧ سنة،  ومتقوليش إياس دا إسمُه عمو إياس
شعرت كادي بـِ خيبة الأمل وقالت:  عمو؟
چيهان والِدتها:  أيوة طبعًا عمو دا أكبر مِنك بـ ١١ سنة،  يلا عشان نظبط حاجتنا في الدولاب،  والله يا كادي لو لقيتك قالعة هدومك ورمياها على الأرض،  الخِصلة الزِفت بتاعتِك دي لا هديكِ علقة تحلفي بيها
كادي وهي شارِدة:  حاضر.

• داخِل معرض السيارات

كان إياس يُنجِز بعض مِن أعمالُه،  وفي حالِة إنشغال شديد،  إقتحم المعرض بـِ طرق لطيف على الباب الزُجاجي شاب طويل القامة،  ذو بشرة سمراء وقال بـِ تهذيب:  إياس باشا
رفع إياس رأسه ونظر للـِ شاب الذي يتحدث ثُم إبتسم تهذُبًا وقال:  أهلًا يا محمود،  إيه قصِة الشعر الجامدة دي
رد محمود قائِلًا:  دا أنا خلصت عند الحلاق وقولت أجي ألحقك،  هيكون شرف ليا لو حضرت فرحي إنهاردة الساعة ٨ بـِ الليل
ضيق إياس عينيه وهو ينظُر للأوراق الخاصة بـِ السيارات ومواصفاتها أمامُه ثُم ظهرت إبتسامة على ثُغره وقال:  هنجيلك أنا ومهد وغالي،  مبروك مُقدمًا يا حبيبي
خرج محمود مِن المعرض وهو يُهلِل بـِ سعادة:  شباب الخُن هيحضروا فرحي يا أهل المنطِقة،  هيحضروووه
ضحك إياس بـِ خِفة وأكمل عملُه في صمت وإنشغال
حتى رن هاتفُه!
نظر للرقم،  كان مُن مُستأجِر السيارة الذي دفع مبلغ لـ إياس باهِظ الثمن حتى يستأجِرها
رد إياس قائِلًا:  إياس خطاب،  إتفضل
مِن الجِهة الأخرى وصله صوت رجُل مُعدم الصِحة،  يسعل ويتنفس بـِ صعوبة..  رد قائِلًا:  أنا اللي إستأجرت مِنك العربية ____ من يومين،  عاوز أرجعهالك إنهاردة بالليل.
إياس بـِ إستغراب:  بس إنت مأجرها لـِ أربع أيام،  عاوز ترجعها بدري كِدا ليه؟  إوعى يكون حصل فيها ولو خدش صغير إنت ماضي على ورق!
الرجُل بـِ ذات الصوت المُتعب:  لا لا،  صدقني مفيهاش أي خدش ولما تجيلك هتتأكِد بـِ نفسك،  هبعتهالك بالليل لإنِ تعبان مِش هقدر أجي بـِ نفسي
إياس بـِ جدية:  لا ألف سلامة،  خلاص هستنى..
ثُم أغلق الهاتف وعاد للـِ عمل مرة أخرى،  حل الغروب على المنطقة وعقل إياس ما بين العمل وبين الجُملة المكتوبة على حائِط غبريال،  كان ينظُر بعينُه من حين لأخر خارج معرضُه،  حتى فوجيء بـِ مهد يقتحم المعرض وهو يجلس على المِقعد أمامُه ويلتقِط أنفاسُه،  كان يرتدي قميص كُحلي اللون وبنطال أسود،  ويلف حول عُنقه وشاح أسود..
إلتقط أنفاسُه ثُم نظر لإياس قائِلًا:  الشُغل كان كتير أوي
إنهاردة..  والمنطقة ٩٠ برد أوي أنا مش فاهم إيه البرودة دي.
قام إياس بحذف القلم فوق الأوراق وهو يفرُك عينيه ويقول:  فِعلًا ضغط وإرهاق،  وحاسس بدوخة عشان مأكلتش عاوز أطلع أشوف روفيدة عملتلي أكل إيه
تثائب مهد وهو يقول:  لا متعتمدش على أكل البيت إنهاردة في فرح لازم نحضرُه.
تنهد إياس بتعب وقال:  نسيت أخفف دقني وزمان مُنصِف حلاق المنطقة قفل،  هخففها فوق بالشـ|فرة
في ذات التوقيت دخل غالي المعرض وهو يجلس على المقعد المُقابل لـِ مهد ويقول بهدوء:  مساء الخير
إياس بإستغراب:  خلصت بدري إنهاردة..
غالي وهو يستنِد برأسُه للخلف:  مكانش في شُغل كتير هو بس تأكيد على حالة وخلاص هي في البنج يعني مش هتصحى غير الصُبح،  وبعدين أنا جعان
مهد بنفاذ صبر:  ما قولنا هناكُل في الفرح..
عقد غالي حاجبيه وقال:  إيه دا فرح إيه؟
إبتسم إياس بخِفة وقال:  أصلًا متعرفش؟  فرح واحد من سُكان المنطقة ٩٠، وجه عندي المعرض وعزمنا وأعلن بنفسُه إننا هنحضر الفرح
غالي بإرهاق:  مش قادر عاوز أطلع أكُل حاجة وأريح ظهري،  لكن طالما إنتوا رايحين هروح.
أخرج مهد سيجار من چيب بِنطالُه وجاء ليُشعله،  أوقفُه
إياس قائِلًا:  إنت يابني مفيش عند اللي خلفوك د|م؟  مش شايفني بـستعمل الڤايب عشان أبطلها جاي تشربها قُدامي؟ 
أعاد مهد السيجار للعُلبة المُخصصة له ثُم وضعها في چيب بنطاله قائِلًا:  مِش واكِل معايا حوار إنك مبطلها وعاوز تبطلها دي،  وحياة أمي كُلها إسبوع وهترجع تشربها تاني
إياس غمز بعينيه بإيماءة " لا " ثُم قال:  بيتهيألك،  أنا بعرف أتحكِم في نفسي كويس أوي
ضحك غالي وهو ينغُز مهد في قدمه ويقول:  زي حوار الشطة والفلفل،  ياكُلها مِن هنا ويوقع من طوله مِن هنا
ضحك مهد وتبعتُه ضحكات غالي فـ قال إياس وهو يسحب أغراضُه من فوق الطاولة:  يلا يلا بلاش رغي خلينا نظبط نفسنا للفرح،  أنا هقفل المعرض كروكي كِدا عشان في زبون هيرجعلي العربية إنهاردة
مهد وهو يتثائب:  يا عم ما كُنت فهمُه يرجعهالك في أي يوم تاني الدُنيا مش هتطير.
إياس وهو يخرُج برفقتهُم:  أهو دا اللي مخليني شاكك في الواد دا،  بُص بيقولي إيه أصل أنا تعبان فـ عاوز أرجعهالك،  قولتله لو فيها خدش هظبُطك قالي لا متقلقش،  بس عارف اللي هو برضو الحوار مش مريحني
غالي كان شاردًا بينما رد مهد وقال:  غريب فعلًا،  بس خلاص هو اللي خسران إيجار الأيام الباقية عليه خليه يغور
وضع إياس يديه في چيب بنطاله وقال:  لا يا عم إنت تعرف عني كِدا؟  هرجعلُه فلوسه بس أشوف خِلقتُه
نظر غالي بوجه مشدوهه أمامه وقال:  بصوا مكتوب إيه على الحيطة!!
نظر إياس والهواء يُداعِب خُصلات شعرُه وقرأ ما كُتِب مرة أخرى على الجِدار
" المنطِقة ٩٠ تتهيأ لأمرًِا جلِل!  "
إزدرد مهد لُعابُه بصدمة وقال:  يعني إيه؟؟

♦ مُقامِــر المحبة ♦حيث تعيش القصص. اكتشف الآن