2. " فرصة ثانية "

12 1 0
                                    

تشرق الشمس بأشعتها القوية تنير كل يوم جانبا من الارض، تسقط اشعة الشمس علي احد غرف المرضي، تنير الغرفة بنورها الدافئ.

تتغير زاويه النور في كل ثانيه و دقيقه، إلي ان تصل الي ملامح المريض لتداعب وجهه بلطف حتي استيقظ، واول من قابلت عيناه كان والدته و اخوته، كانت السعادة تغمرهم بعودت اخيهم..

بعد كل هذه سنوات استطاع الحصول علي متبرع لأجراء العملية الجراحية اخيرا، كانت والدته لاتصدق بأن الامر قد انتهي، وانه سوف يعود قويا سالمآ كسابق، شق صوت صراخ عالِ الهدوء الذي بينهم و الكل قد وجه ناظريه ناحيه الصوت حيث الباب المغلق..

كان الصوت يزداد كل ما حاول احد الممرضات تهدئته و لكن دون جدوه، تحطم كل ما حولها وتتفوه بكلمات كانت واضحه وهي تهين الممرضين و اطباء علي عملهم"ايها المعتوهون الحمقي، لا تستطيعون فعل شئ، لقد طلبت منكم طلبا صغيرا، لم تستطيعون تلبيته لي، اخرجوا من هنا، اخرجوا لا اريد رؤية احمق اخر غاادروو تدعون انكم اطباء، الع*نة عليكم جميعااا اخرجووو من هنااا"تنهد الفتي ببتسامة هادئة، تعجبت والدته من ابتسامته المفاجئة تلك فسألته:
-ما سر هذه الابتسامة كيوتو، لم ارك تبتسم منذو زمن بهذه الطريقة ، او انك تفكر في افتعال المشكلات مجددا.

اجاب" ربما"انزعجت والدته من كلامه وجهة رأسها الي ناحيه المعاكسه له قائله "انت فتي سيئ حقا".
تذكر ان يسألها عن المتبرع الذي ضحـى بحياته من اجل ان يعيره عضوا من جسده ليكمل حياته، لان الجميع رفض التبرع بجزء واحد فقط لاحياء الغير..

كان عليه ان يشكره،سواء ان كان حيا او ميتا،اختفت الابتسامة من علي وجهها قائله:
-أن المتبرع كانت فتاة، قد وقعت عقدا بتبرع بجميع اعضائها، ولم يذكر السبب.
اندهش الفتي مما سمعته أذناه:
-"اندفع بغضب" من الاحمق الذي يتخلي عن حياته هكذا مقابل شخص اخر، اختيار مثل هذا، يعد مخاطره، حمقاء..

ليس هو فقط من علت علي وجهه ملامح الاندهاش و الصدمة ،اخوته ايضا كانت لهم نفس ردة فعله القويه اتجاه الامر.

لم تتوقع انه سوف يتجاوب مع الموضوع بهذا الكم من الغضب، بادرت احد اخته التي اشرفت علي القيام بالعملية بنفسها في رد عليه:
-هدئ من روعك،الاشخاص الذين يطلبون ذالك نادرون جدا، بعضهم قد يفعل ذالك لمساعدة الغير، و البعض قد يفعل ذالك في حالة مرضيه معينه يكاد ان يودع فيها ايامه الاخيرة، اما مثل هذه الحالات كما قلت سابقا نادرة الوجود، سمعت من احد الممرضات ان والداها قد وافقا علي ذالك رغم رفض الاطباء لها، لا يعلم احد ما هو سبب الرئيسي لجعلها تفعل ذالك، لكنني احببت الامر..
-ليس وقت المزاح.
-انا لا أمزح بل.."ابتسمت "احببتها لانها فكرت في اعطاء حياة جديده لشخص اخر عوضا عنها، انها قويه حقا، ثم انه ليس الوقت المناسب لهاذا،فهنالك اشياء كثيره علينا مناقشتها لاحقا..
وضع يده علي بطنه مكان الجرح و تمتم:
-انها حقا، قويه..
ثم تمتم في نفسه "و غبيه ايضا"..

▀▄▀▄▀▄▀

ودعت الشمس سماء مدينة " شيزوكا "و حل مكانه القمر مضيفَ بعض الاضاءة الخافتة عليها، يشعر الفتي ببعض من الضجر في الغرفة لوحده، فقرر الصعود علي سطح المشفي لاستنشاق بعض الهواء النقي، دخل المصعد و تفكريه عالق بتلك الفتاة، كيف استطاعت اتخاء قرار اخرق كهذا، من يجرئ علي اتخاذ هذا لابد من ان يكون قد فقد عقله تماما..

فتح باب المصعد اخيرا و اكمل طريقه الي نهاية الممر ، اخرج علبه السجائر الخاص به من جيبه ووضع لفافة التبخ تلك في فمه، بمجرد فتحه لباب السطح قال" لو كنت مكانك، لرميت بنفسي من فوق احد الابنية شاهقة الارتفاع و انهيت الامري"، تقع عينيه علي فتاة تصعد علي حافة الجدار و الدموع تنهمر من عينيها بحزن شديد ، تقف بتعب محاولتا التوازن اعلي ذالك الجدار، تمد يدها جانبا كما لو انها طفلا يحلم بأن يطير الي ابعد الحدود،ببتسامة ساخره تسقط في مسامعه كلماتها الاخير وهي"لا تقلقي، سوف تكونين علي مايرام.. "..

تغمض عينيها و ترخي جسدها ناحية الا شئ لتودع العالم بما فيه، يحاوط جسدها ذراعين قد تمسكت بها بكل قوة و تتراجع بيها إلي الخلف، فتجد نفسها مالقات علي الارض في بر الامان، تحدق بسماء الزرقاء القاتمه، و دموع لم تتوقف عن الانهمار، وقف ذالك الفتي بعد ان نجح في انقاذها، تقدم إليها بغضب ثم امسك بثيابها صارخا:
-هل فقدتي عقلك، مالذي تفكرين فيه..
صفعت يده بقوة و اخذت تضربه بقوة و تصراخ بهستريه قائله:
-لقد افسدت كل شئ، من انت حتي تقوم بآنقاذي ايها الاحمق، لقد قمت بأفساد كل شئ، ابتعد عن طريقي ابتعد..
-مستحيل لن ادعك...
-"دفعته بقوة"قلت لك إبتعد..

دفعته بكل قوتها لابعاده عن الطريق التي تريد ان تلقي فيه حدفها.
فنقلبت الاحدث وصار هو بمكانها، متجها إلي المكان الذي لا عودة منه..

الموت..

في تلك الحظات القصير التي تفصله عن الموت، احست الفتاة بشعور غريب حياله، لقد كانت هذه لحظتها فكيف لها ان تعطيها إلي شخص اخر يرغب في عيش، من دون ان تشعر تقدمت إليه و تمسك بيده قبل ان يفوت الاوان و انقذته من موت..

نظر إلي نفسه شاكرا بأنه لا يزال علي قيد الحياة، كان الخوف يعتريه انذاك، لكنه اختفي و حل مكانه الغضب تجاه تلك الفتاة، وجه ناظريه إليها بحقد و كان علي وشك الصراخ عليها..

لكنه صدم بيدين تمسكان يداه، كانت ترتعشان بشكل لا يصدق،كانت عيناها البنيتان تلمع إثر ضوء القمر، مانحتا إياها لونا براقا، و دموع لا تفارق وجنتيها، قائله بصوت مرتعش:
-هل انت بخير، هل اصبت بمكروه..
لم يستطع قول شئ، لم يستطع التفرق بين تلك الفتاة اليائسه التي كانت تقف علي حافة الجدار، ام الفتاة البريئه التي تجلس امامه..

يتبع..

دون عنوان | Untitledحيث تعيش القصص. اكتشف الآن