البارت الثاني من عسل مالح

2.7K 59 5
                                    

لأسماء عبد الهادي
عسل مالح
بارت ٢

شرد عز الدين في تلك التي ارقت عليه نومه وشغلت عقله وكيانه َ...لكنه لم يستطع ان يفصح عن مكنون قلبه لأخيه الآن ...فهو لا يعرف رأيها بعد ولا يدري هل تكن هي له المشاعر مثلما يفعل هو أم لا.... لذا ازدرد ريقه وظهر على محياه الارتباك وقال
_اااه... لاااه ... لااه أبدا مفيش... اااصل.. أااصل أني عندي مشوار مهم لازمن اعمله في القاهرة فكنت عايز أسافر وأرچع بكرة أكمل الشغل هنا... بس إنت زنقتها عليا إكده

لم يقتنع حمزة بما قاله أخيه لكنه على أيه حال لم يعلق فهو يعرف أخيه لن يقول شيئا رغما عنه ان شاء قال وان لم يشأ لن يستطيع أحد أن يجبره على القول...مهما حدث فهو يفعل ما في رأسه دائما.

لذا بدل نظراته بينه وبين راضي ذاك الذي شرد ولم يسترد عقله بعد
فضرب كفيه ببعضهما البعض وقال
_عليه العوض ومنه العوض... لااا انتوا التنين حالتكم صعبة النهاردة... في إيه يابني منك ليه.

هنا فاق راضي من شروده وقال بتيه
_ها... بتجول حاجة يا حمزة!!... أيوة أيوة أني معاك.

مط حمزة شفتيه وقال بضجر
_لااا انتوا حجيجي مش طبيعين النهاردة... جُصروا اني هروح أجيب الوكل ناكلوا سوا إهنه.

تنهد راضي بهدوء
_ماشي زي بعضه.

أما عز الدين فالتفت ليجلس مكانه ثانية أسفل ظل الشجرة... وسرح هو الآخر فيمن شغلت قلبه وسلبت لبه وكيانه ولا يدري كيف حدث هذا ومتى ولماذا هي بالتحديد ... لكنه تلقائيا ابتسم وأخد يحك في لحيته الخفيفة النابتة بانشراح شديد... وهو يتذكر أول موقف له معها والذي فيه كان يراها هو لأول مرة
#عودة للوراء
كان يسير مع أصحابه في باحة الجامعة... يتحدثون عن الأبحاث المطلوبة وكيفية عملها ومن أين سيأتون بالمصادر الموثوقة لإكمال أبحاثهم وبينما هم مندمجون في الحديث
كانت هي تسير مغمضة الأعين مستمتعة بالهواء العليل الذي يلفح صفحة وجهها البيضاء بحنو شديد وكأنه يمد يده يملس على ذاك الخد الناعم برقة شديد... استمتعت هي بلمسات النسيم الرقيقة ذاك وأغمضت أعينها فاردة ذراعيها  جانبا لتسير مع التيار شاعرة باستمتاع عجيب وروح طفولية تشع حماسا وحيوية ونشاط...
وبينما هي كذلك تسير لا تنتبه لأحد من المارة وكأنها تناست وجودها وسط الطلبة ..ووتناست وجودها في الجامعة من الأساس.. وكأنها تظن انها تمشي في مكان خالٍ وحدها ...كان جميع الطلبة ينظرون إليها ويبتسمون على فعلتها تلك... وهناك من يضحك أيضا ساخرا منها بل وهناك من تشجع وحاول تقليدها ليحظى بتلك المتعة او يجرب هل فيها متعة من الأساس أم لا... كانت تسير ببطىء وتؤدة شديدة ووجهها يشع استمتاع لا مثيل له تجبر الواقف أمامها  أن يفسح لها الطريق كي تمر هي بسلام ...حتى أن أحد الطلبة قد تطوع وسار أمامها ليزيح عنها أي عائق قد يقف في طريقها سواء حجارة ما ...او حتى بعض الزملاء الذين يجلسون على الرصيف... الجميع انتبه لها ولفعلتها التي طالت فلم تفعل ذلك لدقيقة فقط وانما طالت المدة لأكثر من خمس دقائق وهي تسير... أصبح الجميع يتحدث عنها ...فتهادى ذكرها إلى مسامعه حيث ذكر صاحبه يقول
_شوفوا نادين البنت  اللي في دفعتنا بتعمل ايه.
ليقول الآخر
_دي بنت غريبة أوي دي ممكن تلبس في أي حاجة في عربية مثلا او عمود

عسل مالح للكاتبة أسماء عبد الهادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن