"¹³"

264 24 40
                                    


"أكاد اعانق عيناه شوقًا، وبيني وبينه دربٌ طويل".
===

كانت تسير في ظلام دامس، الأمر الذي جعل أوصالها ترتجف، لا يوجد أي شيء يدل على أن هناك أشخاص يعيشون في ذلك المكان، أين ذهب الجميع؟

لماذا لا تشعر بوجود أي أحد هنا، كانت عائدة من عملها، والآن أين هي!

وصل إلى مسامعها صوت خطوات تأتي من خلفها، همسات تجعل قلبها يخفق، اقترب ذلك الشخص منها مقتربًا من أذنها هامسًا:
-مش أنا قولتلك أنتِ بتاعتي يا إسراء؟

التفتت بفزع لمصدر الصوت، لم تر شيئًا غير السواد، كانت ملامحه مطموسة، امتدت يديه وأطبقت على عنقها بقوة، أخذت تصرخ بصوت مكتوم، تحاول أن تفلت من بين تلك الأصابع التي تقتلها.

استيقظت وهي تجاهد لالتقاط أنفاسها بصورة طبيعية، حبات عرق تزين جبهتها، كانت تمسك عنقها بكفيها من الخوف، استغفرت ربها وحاولت أن تعود إلى النوم مرة أخرى ولكنها لم تستطع.

صدح صوت المؤذن ينادي لصلاة الفجر، أغمضت عينيها وهي تتنفس براحة، استقامت لتؤدي صلاتها وخرجت بعد الإنتهاء منها، وجدت والدها يجلس في غرفة المعيشة، اقتربت منه و عانقته من الخلف وطبعت قبلة على رأسه قائلة:
-حبيبي منزلش يصلي ف المسجد ليه؟

قال مبتسمًا:
-مقدرتش أنزل النهاردة، ركبي وجعاني شوية ومقدرتش امشي.

قالت معاتبة:
-ما أنت لو بتسمع كلامي يا بابا وتاخد دواك ف معاده، كنت هتقدر تنزل.

أخبرها:
-ما هو خلص امبارح يا سوسو ونسيت اتصل بيكي تجبيلي.

زفرت وقالت بحنق:
-يا بابا سوسو ايه ده بقى، ما أنا قولتلك مبحبوش، عايز تدلعني قول أي حاجة غير سوسو ده.

ضحك قائلًا:
-ما أنا عارف إنك مبتحبيهوش.

أمسكت أنفه بأصابعها:
-كدا يا حاج! طب أنا على فكرة هاكل المناخير الكبيرة دي، بقى يا بابا مورثش منك غير المناخير الكبيرة واسيب مناخير امي اللي قد النمنم دي؟

ضحك وقال و حاجبه الأيمن مرفوع:
-مالها مناخيري يابنت الكلب أنتِ ماهي حلوة وزي العسل أهي؟

جلست أمامه وقالت:
-سيبك من مناخيرك دلوقتي، تاكل طعمية؟

أومأ لها، ارتدت ملابسها و نزلت لشراء الطعام و دواء والدها، حاولت قضاء يومها بشكل طبيعي تستعد للقاء خالتها و أولادها متجاهلة ذلك الكابوس الذي أرق نومها.
===

منذ دخولها إلى منزلها تحولت حياتها إلى جحيم أكثر من ذي قبل، كلامه الجارح لكرامتها جعلها تشفق على حالها، ظلت تبكي حتى شروق الشمس بينما هو نائم لا يهتم لحالها.

غسلت وجهها بالماء البارد و كفكفت دموعها، مسحت مستحضرات التجميل التي شوهت وجهها، خلعت فستان زفافها الأبيض وارتدت منامة قطنية، ذهبت إلى مطبخها لتجد طعام العشاء كما هو.

أفلتني من بين أصابعك.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن