3/ جهنم على الارض

18.8K 317 8
                                    

3- جهنم على الارض

لم يكتف نيكولاس بالسخرية الاذعة التي وجهها الى خطيبته السابقة بل بقي يتأمل ذهولها وهو غير راض عما آل اليه الامر.
فتحت كالي فمها ولكن قبل ان تنبس بكلمة امسك بمرفقها وحثها على التوجه نحو القبو
- لكن سيد فاروس. على فكرة.....
قاطعها مصرا على متابعة مشروعه في تلقين خطيبته المتقلبة المزاج درسا عن النكث بالوعود.
- اشكرك على الاعتذارات التي وجهتها الي.
واجفل حين نزعت يدها بقوة من يده واستدارت لتواجهه.
- هل ستبقى هنا طوال الوقت؟
كانت عيناها تقدحان شررا وعدائية. ومع ان وجهها كان جميلا الا ان نيكولاس بدأ يعتاد على التصميم الحديدي على ملامحها اما شعرها الاسود المتموج فبدا براقا يخلق هالة سوداء قاتمة حول وجهها المتورد.
بدت مخبولة بعض الشيئ ولكن ردة فعله الغاضبة جعلته يبدو اكثر عدائية. لم تعجبه تلك المرأة. لعلها جذابة الا انها متقلبة ولا يمكن ان تكون محط ثقة فيما يخص الالتزام بالوعود المهمة وقد سبب له هذا العيب فيها الاحراج الشديد فالجميع يسخر منه في المدينة منذ ذلك الوقت ويشيرون اليه على انه العريس الذي تركته عروسه عند المذبح
سألته: " حسنا. هل تنوي البقاء هنا؟"
دس نيكولاس يده في جيبه بعدم اكتراث واجاب:" الا تذكرين؟ انا في عطلة"
- الا تملك مكانا اخر تقيم فيه في المدينة؟
جاء صوتها حدا عالي النبرة. بدأ التوتر يظهر عليها من جراء كل هذه الاحداث مما جعل نيكولاس يشعر بالسرور الحاقد.
- يحتاج مكان اقامتي في المدينة الى التصليح. سأبقى هنا مدة.
- مدة؟
- ثلاث اسابيع.
كان يضحك لتعابير الرعب التي ظهرت على وجهها.
- لكن...لكن هذه مدة طويلة.
وانقطع صوتها قبل ان تكمل كلامها. كان كلاهما يعلم انها ستضطر للبقاء هنا مدة ثلاث اسابيع. نظر اليها وهي تتنحنح محاولة ان تتكلم بصوت قوي لا يعكس طبيعة ما تشعر به.
قالت اخيرا بصوت خافت: " لقد كذبت علي!"
فأجابها متصنعا اكثر التعابير براءة: " حقا؟"
- نعم حين قلت انك لن تكون هنا. لقد كذبت1
- شارلز هو قال لك انه لن يكون هنا؟
- لكنه...لكنك...جعلتماني اعتقدان....
- ما تعتقدينه ليس غلطتي آنسة انجليس.
نظرت اليه بدهشة واتسعت عيناها اذ راودتها فكرة بغيضة.
- وهل تعتقد انك بحاجة لمراقبتي؟ الهذا السبب تبقى هنا؟ الا تثق بقدرتي على القيام بهذا العمل؟
لم يكن هذا السبب الحقيقي ولكنه استحسن الفكرة.
- ولما لا اقوم بذلك مادمت قد نكثت بوعدك من قبل؟
فتحت فمها لكنها لم تستطع التفوه بكلمة. كما ان نيكولاس لم يتح لها الفرصة اذ بادرها قائلا: " في الواقع هذا المنز رائع فلم لا ابقى فيه؟ كنت انوي قضاء شهر العسل فيه"
سمع انينها الخافت فعرف انه جرحها.
- هذا....هذا سيئ!
حاولت المحافظة على رباطة جأشها وتفادي دوار الم بها.
- لا يمكنني تحنل اهاناتك ثلاثة اسابيع .
سمعت كبير الخدم ينزل فبادرته حين غدا على مقربة منها : " ارجوك انزل الحقائب من جديد. سأغادر في الحال"
- انت تتهربين مجددا.
- اتهرب؟؟ كيف تجرؤ على قول ذلك! لا انا لا اتهرب! كل ما في المر هو انني لن اسمح لك بأن تجعلني موضع سخريتك. واذا كنت تعتقد اني سأبقى فأنت مخبول.
- لا لم اعتقد ذلك
كن يكذب فهو يعرف جيدا ما قد تفعله. بقي يحدق فيها وهي تهدد وتتوعد ربما استطاعت ان تتهرب منه ومن الزواج به ولكنها لم تكن قد التقته حين تراجعت عن الزواج به وهذا ما حملها على القيام بذلك. اما فيما يخص عملها فالامر مختلف تماما. وهي ما كانت لتتهرب من اداء عملها فهي متحمسة جدا له ويدرك نيكولاس ذلك جيدا بعد التحريات التي قام بها.
تمتمت تقول: " لا شيئ, لا هذا المنزل ولا اي منزل.... من الافضل ان تعرضه للبيع...."
وقبل ان تكمل كلامها اجفلت وتحول تعبير وجهها الحزين الى اشمئزاز شديد ين لاحظت الضرر الكبير الذي لحق بالمنزل واصوله الفكيتورية الباعثة على الفخر.
فقد طليت ارضه الخشبية باللونين الاخضر والاصفر فبدت كرقعة الداما. اما ورق الجدران فكان منقطا فيما تتدلى من السقف كرات بلاستيكية صفراء لتنير المكان ولاحظت خافها طاولة غير متناسقة.
غطت كالي فمها بكلتا يديها حين استدارت. وتأملها نيكولاس وهي تلقي نظرة عجلى الى حائط جانبي. رأت طاولة مستديرة مصنوعة من الخشب تتوسط بابين يعلوها مصباح كهربائي مروع يشبه لمبة كهربائية كبيره. عضت كالي على شفتيها حين استدارت لترى جدارا اخر علقت عليه ساعة مستطيلة صفراء اللون بحجم صينية.

روايات احلام/ عبير: عروس الوقت الضائعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن