Part 6

27 6 1
                                    

‏(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَ يفقهون)..

‏إن مما ابتليت به الأمة اليوم، هي محاولة البعض أن يفصل الأحداث من حولنا عن سياقها القرآني

والنظر للأمور من الزاوية الظاهرة المجردة ما يجعل الكثير من الأحداث غير واضحة

كما أن النتائج على الأغلب ستكون عكس ما يتمنى الإنسان، لكن الفهم العميق لآيات الله سيجعل الإنسان قادراً على فهم الصورة الأشمل للحدث.

‏أليس الله هو القائل: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون".

‏فالإعداد على قدر الاستطاعة لا على قدر التفوق بالمفهوم المادي

فلو امتلك المسلم وسائل التفوق لخشيه الناس وما قاتلوه، لكن الله أمرنا بالإعداد وتكفل هو بما بعد ذلك.

‏ثم هو الذي أمرنا بقول: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين"

‏وهنا أمرنا بالقتال وأخبرنا أن في قتالنا لهم عذابُ لهم بأيدينا ولهم من بعد العذاب الخزي ولنا في ذلك النصر وشفاء الصدر..

‏أمرنا بالقتال وهو يعلم سبحانه أن غريزتنا البشرية لا تُحب ذلك، وهي تُحب الحياة والراحة

فلم يترك الأمر هنا للاجتهاد بل عالجه بنص قرآني صريح حين قال:" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون".

‏والركيزة الأساسية هنا أنه سبحانه وتعالى يعلم ما كان وما سيكون

وما يصعب على المؤمن فهمه بشكل مجرد يعلمه الله، وهو سبحانه إما أن يُعلمه أو يتركه وكل ذلك لحكمة عنده سبحانه.

‏وأكثر من ذلك أن الله أخبرنا بأقصر الطرق للنصر المبين حين قال: "ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"

‏فالأمر الرباني هنا هو الإقبال والدخول والإغارة على المشركين

ثم أخبرنا أننا حين نحقق الأولى أي "الدخول" ستتحقق لنا الثانية وهي "الانتصار" إذا أحسنا التوكل على الله دون غيره.

‏والأهم هنا أن الله اختص لنفسه في التفاصيل، فلم يخبرنا كيف سيكون النصر حين نقرر نحن الدخول!!

وكأنه يقول لنا أن معية الله ستتجلى لنا في التفاصيل والأحداث وسنرى بأعيننا قول الله تعالى: "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".

‏هنا تبدو لنا التفاصيل أكثر وضوحاً، فقد يتسلل لك في خضم المعركة أنك قليل العدد والعُدة ليتجلى معها قوله تعالى:

"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين"

.. فالمسألة ليست مسألة عدد وعدة وإنما مسألة صبر ومصابرة، ولو كانت بالعدد لما كان ما وقع في حُنين حين أخبرنا القرآن قصتهم :

"لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين".

‏ما سبق هو الخط الزماني والبياني للأحداث.

فإذا ما التزم المؤمن بالأوامر الربانية، وصبر على سياقاتها وما فيها من بلاء ومشقة وكُره، كان تحقيق الوعد له بالنصر والفوز بإذن الله..

....

فلسطين || Palestine حيث تعيش القصص. اكتشف الآن