رؤية (١)

251 5 10
                                    

الجَميعُ يقعُ في الحُب، لَكِنَني أقعُ مُنغَمِسًا بينَ أغطيةِ الفُرشِ نائمًا

جديًا، أقضي يومي الكئيبَ أجولُ بينَ افكاريَ العشوائيةِ، مُتَخبِطً هُنا وهُناك مُفتَقِرًا لأي هدفً قد يملئُ أحداثَ يومي الفارِغة

تارةً أُحَدِقُ في الجِدار، مُتسائلاً "لِما وِلدتُ كأنسان؟ كانَ الأمرُ ليكونَ رائِعًا لو كُنتُ جدارًا"
وتارةً اقفِزُ فَرحًا في أرجاءِ غُرفتي، سعيدًا لِكوني وِلدتُ بِعقلً معَ اعصابً مُعقدة لأُجَرِب هذا الكمَّ من السعادةِ!

او أليسَ الحُصولُ على الشيءِ ثُم خَسارتهُ، افضلَ من عَدمِ الحُصولِ عليه في المقامِ الاول؟
أليس كَذلِك؟..

إلتَقطتُ أحدَ الكُتُبِ من رَفِ الجامِعة، كِتابٌ بِعنوان "الغَرَق"، شَدَدتُ عليه، اقرأ إسمهُ بتآني، أملتُ رأسي بَعضَ الشيءِ أُحَدِقُ في عُنوانه

غِلافٌ فارِغ، غامِقُ اللون، فاتِرُ المَظهَر
هذا يبدو كأنهُ انا.. لو كُنتُ كِتابًا
منذُ صِغري، لم أكُن يومًا الطِفلُ الجَريئ، او الرائع

كُنتُ الطِفلَ الَذي لطالما إتخَذَ زاوية الفَصلِ لهُ مجلسًا
أثني بيدي مُقَلِصًا مساحةَ تواجُدي، أُخفي نَفسي فوقَ إخفائِها، أحتَضِنُ أقلامي مع ورقةً او أثنين

كَبِرتُ لأُصبِحَ المُراهِق الَذي لم يَعِش ماقد يعيشهُ مُثلى المـراهقين، لم أُدَخِن يومًا، او انامُ مع الفَتيات، لم أهرُب من المَدرسةِ ولم أقَلِل إحترامي عندَ المُعلمين

سَكتُ دومًا حينما أحرَقني والدي، وإبتَلعتُ ريقي حينَ مَزَقت والِدتي كِتابي، نَفرتُ هارِبًا حينَ حاولَ شَخصٌ ما التَقرُب مني خوفًا من الخُذلان، وخوفًا من التَعلُق

قَبلّتُ أذرُعي حينَ جَرحتُها، لِتَنطَبِعَ أثارُ الدِماء على شَفتاي، صَفَعني والُدي بَعدَ ذَلك، ظنًا منهُ أنَني وَضعتُ أحمَر الشِفاه

لَم أكُن اخًا جيدًا كَذَلك، لَطالَما أذيتُ أخوتي.

لَطالما كُنتُ مسخً، روحًا ورُبما شكلًا
كُلما حدثَ شيءٌ جيدٌ لي، يُراوِدُني التَفكير بأنَني لا استحِقُ ذَلِك، يُخرِبُ علي لَحظاتي الهادِئة

تَصرُخ أصواتيَ الداخليةُ بأني يَجدُرُ بي الموت، لا الحياة

نَفَضتُ تِلكَ الأفكار من رأسي، أرمي جُلَّ تَركيزي على الكِتاب بينَ يداي

جَفلتُ حينَ سَمعتُ صوت إرتِطامِ الكُتُبِ بِالأرض، لأتجه بِنَظري لِمصدر الصوت، حينَ رأيتُ ان احدَ الطَلبةِ قد اوقعَ رَفً كامِلاً، إعتَذرَ وإنحنى يَلتَقطُ الكُتبَ التي اوقعها

صَفعت آمينةُ المَكتبةِ جَبينها بأنزِعاج، لَطالما قَدَست هذهِ الأخرى الكُتُب

"فَقط.. إلتَقط أي كِتابً تَشتهيه وأخرُج من هُنا! أقراهُ في الحديقةِ وأعدهُ لاحِقًا او ماشابه.." نَطقت آمينةُ المَكتبة تؤشِرُ بأصبَعها نحو باب الخروج

𝒘𝒆𝒊𝒓𝒅 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن