الفصل الثامن || اختِطاف!

34 8 9
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
_____________

لم يكن يُسمعُ في المكان سوى صوتُ خطواتِنا الهادئة.
فبعد ذلك النّزال المُحتدم .. تعرّفتُ على الكثير من القطط التي باتت تُقدّرُني وتحترمُنيَ الآن.
كما أنّ تشانسو هنّأنيَ وأخبرني بأنّني بذلتُ جهداً جيداً.
وأعتقد أنّني قد أعطِي ما بيننا فرصة .. فهو ليس بذلك السوء على أيّ حال.

تأخّرنا كثيراً بعد ذلك النزال أثناء انشغالنا بالمباركات والتهنئة، وها نحنُ ذا .. انتصفتِ الشمسُ السماء الآن.
وفي بدايةِ وقت الظهيرة لا ترى في الشارع هرةً ولا إنساناً ، بسبب الجوّ شديد الحرارة .. و تفضّلُ القطط عادةً أخذ قيلولة في هذا الوقت.
كما كنتُ أرى البشر عند ميرا يفكّرون بنفس الطريقة.

في الحقيقة كانت نبضاتُ قلبي شديدةً وسريعةً ولا تتوقّف .. لعلّي قد فرحتُ بالنزال ، بل وفرحتُ جداً .. لكنّ فرحي وتوتّريَ الآن بات ينحصِرُ على ردّ فعلِ سوليلي بشأنِ ما فعلت ، فهي من تُقرّرُ إن كنتُ قد أفلحتُ في هذا الامتحان أو لا.
ومن الواضح أنّ الامتحانَ لم يَكُن هو همّيَ الأساسيّ ، بل كان رأيها عنّي.
لكن أثناء سيرنا الذي كنتُ أحسبهُ خطوةً خطوة لشدّة توتّري من أيّ تعليقٍ ستبديه ، نطقت سوليلي فجأةً حين توقّفنا أمام الشارع العام الذي تمرّ من عنده كل السيارات
" بينكي .. هل ترغبُ بالتجوّل قليلاً ؟ "

كانت لهجةُ حديثها غامضة ، ولكنّني لم أكن مستعداً لأخسر فرصةً لا تعوّضُ مثل هذه
" بالتأكيد! "

وما إن أعطيتها إشارة الانطلاقِ حتّى سارت بصمتٍ وهدوءٍ نحو المجهول ، وقد أوقفتُ عقلي عن العمل حينها .. وكنتُ مستعداً للوثوقِ بها ، فأنا سأتبعها نحو أيٍ ذهبت.
سِرنا سوياً طوال الطريق دون أن ننطِقَ بِبِنتِ شفة.

كانَ الطريقُ الذي قطعناهُ عبارةً عن الكثير من الطرقِ السريعةِ المليئةِ بالسيارات .. حتّى وصلنا نحو طريقٍ يُشبهُ الغابة ، ففيه الأشجارُ والشجيرات القصيرةُ على أطراف طريقٍ معبّدٍ ممتلئٍ باللوحِ الإرشاديّةِ والبشر.
وداخل هذا الطريق .. تواجد الكثير أيضاً من البشرِ مجتمعين هناك بحركةِ سيرٍ غير متوقّفة ، يمرّون على بشريٍ آخر ليعطوه نوعاً ما من البطائق ثمّ يصعدون لذلك الدرج الطويل العالي ، بل إنّه لشديد الطول.
صُنِعَ من الحجر.
وبُنِيَ طوبةً طوبة ، فكان بنائهُ شديداً ومن الواضحِ أنّه شديد الدقّةِ أيضاً.
وكان يؤدّي نحو سورٍ فارهٍ طويلٍ يمتدّ على مرأى النّظر ، لم أستطع تحديد نهاية ذلك السور .. لكن من الواضح أنّهُ يمتدّ حتّى أفقٍ بعيد.
حينها لم أستطع تمالكَ نفسيَ الفضوليّةِ أكثر ، وسألتُ سوليلي التي بدت مشدوهةً وكأنّها تراه للمرّة الأولى ، لكنّها في ذات الوقت كانت تنظُرُ له بعينينِ دامعتينِ يملؤهُما الحزنُ وكأن أعظم أوجاعها حصلت فيه.
" أين نحن ؟ "

عزيزتي مياو || my dear meowحيث تعيش القصص. اكتشف الآن